الدراما المصرية هى أفضل دراما عربية على الإطلاق وأكثرها انتشارا وأقدمها، وتحتل النصيب الأول فى عدد الأعمال التى تقدمها سنويا، وتتألف فى أنواع عديدة منها الاجتماعى والأكشن والبوليسى والكوميدى وغيرها، وشهدت نقلة نوعية فى الإنتاج بعد ثورة يناير وتمردت على الركود الذى أصابها فترة بعد تاريخ من الإنجازات الكبيرة لقطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى أو لشركة صوت القاهرة أو لمدينة الإنتاج الإعلامى، وأصبحت تقدم كثيرا من القضايا التى تهم الشعب المصرى والعربى على حد سواء، وبداية من استقرار الأوضاع بمصر وتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى زمام الأمور بالبلد أصبحت الدراما بلا منازع محط أنظار الجمهور العربى من المحيط إلى الخليج، حيث إنها الدراما الأضخم إنتاجاً فى العالم العربى، وأصبحنا نقدم 40 مسلسلا رمضانيا، وكانت المنافسة على أوجها وتقلص هذا العدد نسبيا ولكنه كان للصالح العام وتغلب الكيف على الكم وباتت المسلسلات تتبارى فى تقديم كل مختلف ومتميز لتفوز بكعكة الاعلانات وبرضا الجمهور ليضمن صناعها الاستمرارية.
ومن جانبنا نقدم روشتة لكى تظل الدراما المصرية فى المقدمة، نبدأها بالاهتمام والكشف والبحث عن المواهب الجديدة فى شتى المجالات الخاصة بالعمل الفنى، من تأليف وإخراج وتمثيل وحتى الأعمال التقنية كالمونتاج والتصوير وغيرها، ونؤكد أن الاهتمام بالمؤلفين الشباب وضخ دماء جديدة فى الكتابة سيعمل على إثراء الأفكار والمواضيع المقدمة والتى تناسب كافة أذواق الجمهور وتتغلغل فى عمق المشكلات فى الشارع المصرى وفى الأسرة المصرية بكل اهتماماتها ومتطلباتها وبعد هذا البناء العظيم وهو السيناريو أو ما يسمى بالهيكل الأساسى للعمل، نشير إلى الاهتمام بالوجوه الجديدة واكتشاف طاقات مختلفة تعمل اختلافا ورواجا للأعمال الفنية، وكذلك الاهتمام بالمونتير والتصوير والإخراج وتقديم كوادر شابة جديدة للاستفاده من موهبتهم وطاقاتهم وفكرهم الجديد والأهم من هذا كله أن نحرص على ما بدأ منذ فترة بالعمل على تقليل الأجور الخرافية للنجوم والاستفادة منها فى تقديم إنتاج سخى يقوم على رسم صورة جيدة بديكورات مناسبة وأزياء معبرة وآلات حديثة لتقديم عمل ينافس الدراما العربية والتركية.
وكانت الدولة قد تنبهت مؤخرا إلى ضرورة الحفاظ على تراث التليفزيون وإعادة تسويقه بعدما عاش دهرا عرضة للنهب والسرقة، وكذلك الحال بالنسبة للسينما فهى تحتاج إلى تدخل حقيقى من الدولة، ليس فقط للحفاظ على ما يملكه القطاع العام السينمائى من أفلام، ولكن للحفاظ على تاريخ طويل من السينما والفن والحياة.
السينما كان لها عظيم الفضل فى أن تكون الثقافة واللهجة المصرية هى اللهجة العربية الأولى، وهى المؤثرة والمسيطرة فى محيطنا العربى، بل هى القوة الناعمة القادرة على فرض سيطرتها والتغلغل إلى قلب ووجدان كل مواطن عربى من المحيط إلى الخليج.
ونتساءل لماذا لا نملك فيلما واحدا يحكى تاريخ هذه الصناعة العريقة التى كانت – ولسنوات طوال – المصدر الثانى للدخل القومى بعد السلعة الاستراتيجية الأولى ( القطن)، تلك الصناعة التى نجحت فى أن تفرض نفسها على مدار ما يقرب من قرن من الزمان على أنها السينما العربية، والسؤال الذى يظل دوما بلا إجابة هو لماذا لم تنتج مصر فيلما يعرض فى مهرجاناتنا، وفى المهرجانات العربية والعالمية التى تحتفى بالسينما المصرية بعد مرور 123 عاما على عرض أول فيلم سينمائى فى مصر فى نوفمبر من عام 1896 م، خاصة إذا اعتبرنا السينما المصرية قضية أمن قومى يجب حمايته والحفاظ عليه، فهى بعد كل هذا وقبله لا تقل مكانة ولا أهمية عن آثار توت عنخ أمون ومعابد فيله والكرنك وغيرها من المعابد التى استدعت تدخل اليونسكو بدعوة من الرئيس جمال عبد الناصر لإنقاذها من الغرق والضياع باعتبارها تراثا إنسانيا، السينما المصرية أيضا تراث إنسانى يجب حمايته والحفاظ عليه ولا يجب ألا ننسى الاهتمام بالكيف فى أعمالنا السينمائية وتقديم أعمال خالية من البلطجة والعنف والرقص الذى انتشر فى كافة الأفلام ولتقديم أفكار فى هذا الصدد نستلهم مما سبق اكتشاف الوجوه الجديدة كما ذكرنا أنفا فى كافة تخصصات العمل الفنى والعمل على إنشاء دار عرض ملك للدولة، بالإضافة لفتح أسواق خارجية للفيلم المصرى والعمل على ترقية الأفلام لتناسب الاشتراك فى المهرجانات الدولية وبشكل عام نخلص إلى العودة إلى حضن الأسرة المصرية وإجبارها على الجلوس لانتظار المسلسل المصرى كما كان يحدث قديما حينما قدمنا أعمالا محترمة أنشأت جيلا كاملا وكذلك القدرة على جذب الجمهور لشراء تذكرة سينما والذهاب إليها فى خطوة قوية للحفاظ على القوى الناعمة الخاصة بأمننا القومى.