تعلموا من العالم يا سادة.. المسؤولية الاجتماعية فرصة لا عبء وكل جنيه تنفقه يعود على مشروعك..مستثمرونا يبددون ملايين فى حفلات و لا يتبرعون للمجتمع فى الأزمات..أين علاء وجمال مبارك ونور وعامر وبهجت والجمال ودياب؟

الأربعاء، 07 أغسطس 2019 08:10 م
تعلموا من العالم يا سادة.. المسؤولية الاجتماعية فرصة لا عبء وكل جنيه تنفقه يعود على مشروعك..مستثمرونا يبددون ملايين فى حفلات و لا يتبرعون للمجتمع فى الأزمات..أين علاء وجمال مبارك ونور وعامر وبهجت والجمال ودياب؟ رجال أعمال
كتب – مدحت عادل – هانى الحوتى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
- حفلات وهدايا وشراء حلفاء وداعمين بالملايين وغياب كامل عن الخير ورد الجميل للمجتمع

- وارين بافيت وبيل جيتس وجيف بيزوس ينفقون مليارات الدولارات ومستثمرونا يكابرون ويرفضون التعلم من العالم

- مشروعات المسؤولية الاجتماعية تعزز نمو المجتمع وقدرات أفراده وتنعكس على التجارة وأرباح المشروعات

- عدد ضئيل من رجال الأعمال فى مصر يساندون الوطن.. والأغلبية "إيدهم فى المية الباردة"

- علاء وجمال مبارك يحضران فى مشاهد الفرحة ويغيبان عن مواقف الجدعنة والدعم

- فرج عامر يدعم الدولة فى البرلمان والإعلام.. فأين دور "فرجللو" فى المشاركة المجتمعية

- طارق نور وأحمد بهجت ومحمود الجمال وصلاح دياب يمكنهم فعل الكثير.. فلماذا لا يفعلون؟
 
يمكن أن تجد رجل أعمال بارزا فى مصر ينفق عشرات الآلاف على مأدبة عشاء، أو عدة ملايين على حفل عيد ميلاد أو ذكرى زواج، راضيا مُطمئنا وشاعرا بأنه اقتنص المجد من أطرافه، لكنه فى الوقت نفسه لا يفكر مجرد تفكير عابر فى أن ينفق تلك القيمة الزهيدة نفسها فى عمل اجتماعى أو نشاط خيرى، وكأنه يعمل ويربح وينمو فى سوق أخرى، أو لا تجمعه روابط إنسانية عضوية بمحيطه، أو يجهل للأسف عوائد تلك الأنشطة النوعية والمسؤولية الاجتماعية عليه هو نفسه، وليس على الوطن فقط!
 
يعرف العالم بكامله فكرة المسؤولية الاجتماعية والتزام رجال الأعمال والمراكز الاستثمارية الكبرى تجاه محيطها، باعتباره ردًّا للجميل، واستثمارا غير مباشر، وإسهاما فى تنمية سوق واسعة تُمثّل القوة المباشرة التى تستفيد منها تلك المشروعات لاحقا، ما يعنى أن كل ما يُنفق فى تلك الأنشطة يعود من ناحية أخرى على منفقيها ومشروعاتهم، لكن فى مصر ينظر كثيرون من رجال الأعمال تحت أقدامهم، ولا يرون الدائرة المغلقة التى تربط المستثمر بالمستهلك، ولا أن كل منهما يتأثر بالآخر بشكل دائم ومباشر، لذا يعلو البذخ فى أمور هامشية وتفاصيل عارضة، يوازيه إنكار لحقوق الدولة والمجتمع، وتقشف يسيطر على نظرة رجل الأعمال وعلاقته بالمجتمع، فى حالة غريبة لن تجدها إلا فى مصر للأسف!
 

إنكار وإهمال وانسحاب من رجال الأعمال

محاولة حصر رجال الأعمال المصريين الذين يلعبون دورا اجتماعية لن تكون مهمة شاقة، فبين قائمة طويلة تضم مئات من المستثمرين الكبار والبارزين فى كل القطاعات، يمكن رصد عشرات غير منفصلين عن محيطهم الاجتماعى، ودائمى الإسهام فى جهود التنمية والمشروعات ذات الطبيعة الاجتماعية والخدمية، فى إطار رؤية واسعة يتشاركونها مع الدولة لتحسين معيشة المواطنين، وهو الأمر الذى ينعكس بصورة غير مباشرة على حجم التجارة والاستهلاك، عبر تعزيز القوة الشرائية والفوائض المالية لدى المستهلكين، بما يسهم فى تنمية مشروعات هؤلاء المستثمرين أنفسهم.
 
فى مقابل تلك القائمة المحدودة، فإن أغلب رجال الأعمال ينسحبون بصورة شبه كاملة من المشهد. لا تشعر أنهم وثيقو الصلة بالمجتمع ويشعرون بمعاناته ومتاعبه، أو أنهم على مقربة من الدولة ويحملون معها عبء البناء وتطلعات الازدهار والنمو. وإنما تشعر بحالة من تعمد الإهمال والإنكار والانسحاب من التزاماتهم تجاه الدولة والمجتمع، فى وقت يمكنهم أن يفعلوا الكثير، وفى وقت ينفقونه فيه الكثير بالفعل على تفاصيل وأمور هامشية، وعلى حملات إعلانية ضخمة، وعلى مستشارين إعلاميين وشركات علاقات عامة، وعلى شراء رضا أصدقاء وحلفاء وداعمين، وعلى انتخابات وسباقات فى مجالس وأندية وجمعيات ومؤسسات، تؤكد كلها ارتفاع حالة الشخصنة والزهو بالاسم والتطلع لمكاسب شخصية، فى مقابل تراجع مستوى الاهتمام بالتنمية وتمكين المجتمع والإسهام فى تحسين ركائزه وضمان تدفق جزء ضئيل من عوائده ومستحقاته المتدفقة على مشروعاتهم إلى أصحاب الفضل الحقيقى فيها مرة أخرى.
 

المسؤولية الاجتماعية حول العالم

المشهد المصرى الغريب فى القطاع الأوسع من مجتمع رجال الأعمال لن تجده فى منطقة أو دولة أخرى. إذ تُمثّل المسؤولية الاجتماعية شاغلا مهما للمستثمرين والشركات، والتزاما أساسيا بموجب قيم المواطنة وحقوق المجتمع ودوائر المنفعة والاستفادة المُتبادلة، بل إنه يتقدم لدى بعض رجال الأعمال على خطط نمو مشروعاتهم وزيادة عوائدهم وترقية ثرواتهم، ويُمكن استعراض قائمة طويلة من النماذج فى هذا الشأن.
 
فى الولايات المتحدة تبرع رجل الأعمال البارز وارين بافيت بالجزء الأكبر من ثروته للنشاط الاجتماعى والتنموى، وفعل مثله بيل جيتس الذى وجّه حصة كبيرة من ثورته إلى مؤسسة خيرية أنشأها مع زوجتها، ويُنفق جيف بيزوس مؤسس ومالك أمازون مليارات الدولارات سنويا على أنشطة المسؤولية المجتمعية، وتمتد القائمة لتشمل مئات من المستثمرين الأمريكيين، وآلافا آخرين فى أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بإجمالى نفقات قد لا يمكن إحصاؤها بدقة، لكنها تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات، ما يُثير سؤالا مهما حول غياب هذا المشهد عن الساحة المصرية، وسر إصرار رجال الأعمال المصريين على موقفهم المنسحب من دوائر المسوؤلية الاجتماعية وتنمية المجتمع، ولماذا لا ينظرون إلى العالم ويتعلمون منه؟
 

أين رجال أعمال مصر؟

لسنوات طويلة، وربما حتى الآن، يُمكن أن تجد علاء أو جمال مبارك حاضرين فى مواقف بهيجة، يفوز فيها المنتخب المصرى لكرة القدم، أو يتحقق قدر من الوجاهة، كأن يشاركا فى زفاف أو عزاء أو يجلسا على مقهى، لكن فى المواقف الحقيقة التى تحتاج للدعم لن تجدهما للأسف، رغم أنهما يملكان الكثير ويمكنهما فعل الكثير. لكن يبدو أن وجهة نظرهما تنحاز إلى المواقف غير المُكلفة.
 
بالمنطق نفسه يتحرك رجل الأعمال فرج عامر، الذى يدعم الدولة وأجهزتها من موقعه داخل مجلس النواب، وعبر تصريحاته ومواقفه الإعلامية، لكن مجموعته الاستثمارية الضخمة "فرجللو" لا تحضر فى أية أنشطة أو مبادرات ضمن دائرة المسؤولية الاجتماعية!
 
الحالة نفسها تنطبق على قائمة أخرى طويلة، تضم أحمد بهجت المستثمر البارز فى الإعلام والعقارات والأجهزة الكهربائية، وصلاح دياب المستثمر فى الإعلام والزراعة والنفط، وطارق نور المستثمر فى الإعلان والأراضى والعقارات، ومحمود الجمال أحد أبرز مستثمرى العقارات والمجتمعات العمرانية، وجميعهم ناجحون، ويملكون الكثير، ويُمثلون تجارب اقتصادية مُلهمة، وتؤكد سيرتهم أنهم يستطيعون فعل الكثير لصالح الدولة والمجتمع، لكنهم يكتفون بإنجاز ما يصب فى صالحهم فقط، ولا يفعلون ما يُمكنهم فعله أو يتطلع إليهم المجتمع فيه!
 

المسؤولية الاجتماعية فرصة لا عبء

يبدو أن فريق رجال الأعمال والأثرياء الذين أشرنا إليهم، وغيرهم كثيرون، ينظرون إلى المسؤولية الاجتماعية باعتبارها عبئا ضاغطا على نجاهم، ومشاركة ظالمة من المجتمع فى ثرواتهم. فى الحقيقة لا يمكن الوصول إلى تبرير منطقى لتقاعسهم عن أداء الدور الاجتماعى المنوط بهم إلا ذلك، وهى نظرة قاصرة للأسف، ليس فقط لأنهم تُغلّب البُعد الشخصى على الصالح العام، ولكن لأنها تتجاهل أثر الإنفاق الاجتماعى على التنمية بمفهومها الواسع، وعلى تنمية مشروعاتههم واستثماراتهم بشكل خاص.
 
قد يُنفق صلاح دياب أو محمود الجمال أو فرج عامر أو طارق نور ملايين على حفل أو مناسبة، وهى أموالهم ويحق لهم إنفاقها كيفما شاءوا، لكنهم لن يوجهوا تلك القيمة أو نصفها حتى إلى مشروعات اجتماعية وإنسانية، ليس لأنهم بُخلاء أو فقراء، ولكن لأنهم لا يرون الصورة فى بُعدها الكلى الشامل. فالحقيقة أن الإنفاق الاجتماعى يعود على صاحبه بشكل مباشر، باعتباره رواجا لاسمه وعلامته التجارية، يلعب الدور الذى يلعبه الإعلان وأنشطة الترويج، فيجتذب مزيدا من العملاء ويُعزز المبيعات والعوائد، هذا فى الجانب الواضح، لكن فى الجانب الخفى فإن الفائدة تأخذ أبعادا أكبر.
لا يُمكن فصل الأنشطة الصناعية والتجارية عن مستويات الفقر ومعدلات الدخل، وحال تعرض المجتمع بأفراده لضغوط معيشية فإنهم يوجهون الحصة الأكبر من دخولهم للاحتياجات الضرورية والعاجلة، كأن يُنفق موظف نصف مُدخراته على جراحة لابنه المريض، ما يُعنى أنه لن يشترى مزيدا من السلع والخدمات المعروضة فى الأسواق، أما إذا تدخل رجال الأعمال عبر الإنفاق الاجتماعى لتحسين خدمات الصحة وزيادة مستويات إتاحتها، كأن يتبرعوا لتطوير وترميم معهد الأورام مثلا، فإن هذا الموظف لن يضطر إلى توجيه مدخراته للخدمات العلاجية، ووقتها قد تطرأ على ذهنه تحديث منزله والترفيه عن أسرته، فيأخذ أمواله ليشترى ثلاجة أو تليفزيون من منتجات أحمد بهجت، أو اصطحاب أبنائه إلى "دريم بارك"، أو شراء كرتونة عصائر أو كمية من الأغذية واللحوم المصنعة من منتجات "فرجللو"، أو قضاء عدة أيام فى منتجع سياحى يشارك فيه محمود الجمال أو طارق نور أو جمال وعلاء مبارك!
 
وفق تلك الرؤية فإن المسؤولية الاجتماعية فرصة لا عبء، وكل جنيه ينفقه رجل الأعمال على المجتمع وجهود التنمية ومساندة الدولة والأفراد، يعود إلى مشروعه من مسارين، الترويج والدعاية، وتعزيز القوة الشرائية بما يزيد الرواج والمبيعات. والكارثة فى انسحاب رجال الأعمال المصريين من تلك الساحة ليست فى أنهم ينكرون جميل المجتمع، ويتركون الدولة بمفردها فى معركة التنمية، ولكن فى أن تلك العقليات المهمة والتجارب الناجحة لا ترى الصورة فى حقيقتها، وتلك مصيبة، أو أنها تراها وتقرر عمدا أن تكون علاقتها بالجميع من طرف واحد، أخذ فقط بدون عطاء، وهنا تكون المصيبة أعظم!
 
أمام تلك التركيبة ربما يحق التساؤل: لماذا تحضر المسؤولية الاجتماعية كالتزام أساسى فى كل دول العالم وتغيب فى مصر؟ ولماذا لا يتعلم مستثمرونا ورجال أعمالنا من النماذج البارزة فى كل الدنيا؟ وأين علاء وجمال مبارك ومحمود الجمال وطارق نور وأحمد بهجت وفرج عامر وصلاح دياب من المجتمع؟ ولماذا يتقاعس هؤلاء الناجحون وغيرهم عن مساندة بلدهم وناسهم، وإنجاز ما يمكنهم إنجازه؟!.. تظل الأسئلة قائمة ومفتوحة وقابلة للمزيد، ويظل موقف الإنكار والإهمال والانسحاب غريبا وغير مفهوم للأسف!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة