اتخذت باكستان قرارات حاسمة، اليوم، الأربعاء، تجاه الهند، وذلك ردًا على قرار نيودلهي المفاجئ بإنهاء وضع الحكم الذاتي الذى كان يتمتع به إقليم كشمير منذ 70 عاما فى الجزء الذى تسيطر عليه، والمتنازع عليه بين البلدين، الأمر الذى ينذر بتأجج توترات بين البلدين، قد تفضى إلى مواجهة عسكرية بين الجارتين النوويتين لاسيما وأن باكستان لوحت بزيادة الضغط العسكري على الهند.
ويرصد اليوم السابع أبرز محطات أزمة إقليم كشمير المتنازع عليه بين باكستان والهند:
ما هو تاريخ أزمة إقليم كشمير بين الهند وباكستان؟
يعود تاريخ الأزمة إلى عام 1947، عندما تم تقسيم الهند بعد إنهاء الاستعمار البريطاني لها فى ذلك الوقت إلى دولتين- الهند وباكستان، وكان مؤسس باكستان محمد علي جناح وحزب الرابطة الإسلامية في الهند قد طالبا باستقلال ذاتي للمناطق ذات الأغلبية المسلمة في الهند غير المقسمة، ورأى أن الهندوس والمسلمين لا يمكنهما الاستمرار في العيش معاً، وبعد التقسيم بدأت أعمال شغب جماعية عنيفة في العديد من المناطق الغربية، معظمها في منطقة البنجاب، الواقعة بين الهند وباكستان.
وبعد استقلال الهند وباكستان اشتبكتا حول كشمير وكان زعيم هندوسي يحكم منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، لكن جناح، مؤسس باكستان، أرادها أن تكون جزءاً من الأراضي الباكستانية. وقاتلت القوات الهندية والباكستانية في كشمير في عام 1948، مع سيطرة الهند على معظم أجزاء الوادي، في حين احتلت باكستان منطقة أصغر. وتواصل الهند وباكستان الاشتباك حول الإقليم.
وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين الهند وباكستان متوترة طيلة العقود السبعة الماضية. واتهمت نيودلهي اسلام اباد بدعم الاسلاميين بشن حرب في كشمير، كما تتهم الهند الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها بشن هجمات على الأراضي الهندية.
وزادت حدة الصراع الهندي الباكستاني مع بروز السباق النووي بينهما، فقد ربطت الدولتان هذا السباق بما يحدث في كشمير، وقامتا في شهر مايو من عام 1998، بإجراء تجارب تفجير نووية، وهكذا أصبح النزاع بينهما محكوما بسقف الردع النووي.
اين يقع اقليم كشمير المتنازع عليه بين اسلام باد ونيودلهى؟
يقع إقليم كشمير الذي عرف باسم جامو وكشمير في القسم الشمالي من شبه القارة الهندية، تحده الصين من الشمال، ومنطقة التيبت شرقا، وولاية البنجاب الهندية جنوبا، أما غربا فتحده باكستان، وبذلك يحتل موقعا إستراتيجيا مهما على حدود هذه الدول النووية الثلاث. وتبلغ مساحة الإقليم حوالي 222.236 كيلومترا مربعا، وتسيطر الهند على حوالي 48% منه، فيما يخضع نحو 35 % منه إلى سيطرة باكستان، أما الصين فتسيطر على 1%. ويبلغ عدد سكانه ما يقارب 13 مليون نسمة، ويمثل المسلمون نحو 90% منهم، أي نحو 10 ملايين كشميري مسلم. ويتحدث سكان كشمير الكثير من اللغات، مثل الهندية والأردية والصينية، وتعود أصول الشعب الكشميري إلى الأعراق التركية والأفغانية والمغولية.
أبرز قرارات مجلس الأمن الدولي تجاه الأزمة؟
عندما قامت الهند بضم الإقليم لها في 27 أكتوبر 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير، قام مجلس الأمن الدولي باصدار قرار رقم 47 الصادر في عام 1948 وتضمن القرار النص على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير، عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن.
لماذا تأججت الأزمة وتجدد التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد بشأن الإقليم المتنازع عليه؟
تأججت الأزمة عندما قرر البرلمان الهندي إلغاء الحكم الذاتي لكشمير تمهيدا لضمنه للهند، يوم الثلاثاء الماضى 5 اغسطس، ويلغي قانون انفصال الولاية المتنازع عليها، والقانون الذى أقره البرلمان يدعم القرار الذي أصدره الرئيس الهندي، رام ناث كوفيند، بإلغاء المادة 370 من الدستور. وتمنح المادة المثيرة للجدل إقليم كشمير وضعاً خاصاً منذ عقود وقدراً كبيراً من الحكم الذاتي.
وصرح وزير الداخلية الهندي أميت شاه: "المادة 370 وضعت حاجزاً بين الهند وكشمير وهذ الأمر سوف ينتهي"، مضيفاً أن هذا الإلغاء سوف يمهد الطريق للدمج الكامل للإقليم مع الهند. وتتيح المادة 370 من الدستور أن يكون لكشمير دستورها الخاص وعلم منفصل واستقلال في كافة الأمور باستثناء الشؤون الخارجية والدفاعية والاتصالات.
ما هى تداعيات القرار؟
ثارت الاحتجاجات فى إقليم كشمير وواصل الآلاف من أفراد قوات الأمن الهندية، السيطرة عليها منذ الأحد الماضى، وقاموا بتعليق الاتصالات وخدمات الإنترنت، وكانت شوارع سريناجار، أهم مدن الولاية، شبه مهجورة لمدة 3 أيام، فى ظل غلق جميع المتاجر لأبوابها تقريبا، باستثناء بعض الصيادلة، وأقامت الشرطة الاتحادية نقاط تفتيش متنقلة فى جميع أنحاء المدينة مما حد من حركة الناس، وقالت الشرطة وأحد الشهود، إن مجموعات صغيرة من المتظاهرين الشباب، كانت ترشق القوات بالحجارة فى ظل غضب من قطع الاتصالات، واستخدمت الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق المحتجين، وفرضت حظرا على التجمعات العامة في منطقة سريناغار والمدن المحيطة بها، وأمرت بإغلاق المدارس والجامعات في ولاية جامو حتى إشعار آخر.
من جانبها شهدت عدة مناطق في باكستان، احتجاجات حاشدة، بعد اعلام الحكومة إدانتها بشدة قرار الهند وشهد مظفر أباد، عاصمة الشطر الذي تديره باكستان من كشمير على بعد نحو 45 كم من الحدود المتنازع عليها بين البلدين، احتجاجات حيث رفع عشرات المحتجين أعلاما سوداء وأحرقوا إطارات السيارات وهم يهتفون "تسقط الهند".كما خرجت احتجاجات في كل من العاصمة إسلام أباد وفي كراتشي المركز التجاري لباكستان.
ما هى ردود أفعال الحكومة الباكستانية؟
قامت باكستان اليوم الأربعاء بطرد سفير الهند، وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية، فضلا عن أيقاف التجارة الثنائية مع الهند ورفع القضية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. واعلنت وزارة الخارجية الباكستانية، أن إسلام أباد قررت سحب دبلوماسيها من نيودلهي، وطرد دبلوماسي الهند من أراضيها، ردا على قرار الهند حول كشمير.
وذكرت قناة "جيو تي في" الباكستانية أن اجتماعا للجنة الأمن القومي بالحكومة، برئاسة رئيس الوزراء عمران خان، وبحضور وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، خلص إلى قرارات بـ"تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند، وتعليق التجارة الثنائية، ومراجعة الترتيبات الثنائية، ورفع القضية إلى الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة