صدرت طبعة جديدة من كتاب "القطيعة بين المثقف والفقيه" للكاتب يحيى محمد، وذلك عن دار نشر "أبكالو".
والكتاب ظهرت طبعته الأولى فى عام 2001 وجاء فيها، أنه ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الكتابات التي تتحدث عن المثقف وعلاقاته، والغالب على هذه الكتابات هو أنها سلطت الضوء على الأفكار الأيديولوجية التي يحملها هذا الكائن، خصوصاً فيما يتعلق بمواقفه السياسية وأطروحاته التبشيرية.
لكن ما يعنينا في هذا البحث ليس تلك الأفكار، إنما تسليط الضوء على قضية جديدة لم يتم طرقها بعد، ألا وهي الجانب المنهجي والبنيوي للمعرفة لدى العقل المثقف، وذلك بغض النظر عن الاعتبارات الأيديولوجية والمذهبية.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن بحثنا يركز على الدرجة الرئيسية على المثقف الديني دون غيره من أصحاب التوجهات الأخرى.
كذلك عمدنا إلى أن يكون بحثنا عن المثقف ليس بمعزل عن نظرائه ومنافسيه معرفيا، إنما غرضنا هو إجراء المقارنة وإبراز جوانب القطيعة المعرفية بينهما وبين الفقيه.
وقد عالجنا هذا المبحث ضمن محورين مختلفين، أحدهما من حيث لحاظ اختلافهما في التوجهات المعرفية كما هو قائم ومجسد في الواقع، وذلك من خلال التركيز على بعض النماذج البارزة التي تمثل فئة المثقفين ومقارنة بينهما ككائنين صوريين مجردين عن الواقع الموضوعي، أي باعتبارهما عقلين منتجين للمعرفة، فأردنا أن نتعرف على هويتيهما البنيويتين من حيث إنهما ماهيتان صوريتان محددتان تبعاً للوظيفة المعرفية التي يقومان بإنجازها.
على هذا فقد قسمنا دراستنا هذه إلى قسمين رئيسين ضمن إطار ما سميناه (المثقف والقطيعة مع الفقيه)، فأطلقنا على القسم الأول (القطيعة التشخيصية)، وعلة القسم الثاني (القطيعة البنيوية).
حيث تناولنا في الأول تحديد هوية المثقف وأصنافه المتعددة ومنها المثقف الديني، ثم قمنا بمقارنة معرفية بين عدد من رواد هذا الصنف الأخير من جهة، وبين مسالك الفقهاء التقليدية من جهة أخرى. كما تناولنا في القسم الثاني طبيعة المرتكزات المعرفية التي يتأسس عليها العقل الفقهي والعقل الثقافي، إذ كما سنعلم أنهما يختلفان في المصدر والآلية والأصول المولدة للمعرفة. ثم بعد ذلك كشفنا عن جملة من الخصائص المعرفية الناشئة عما يناسبها من المرتكزات لكل منهما.
وبالتالي أظهرنا عمق التباين والخلاف الحاصل بينهما، حيث تتكشف ماهية القطيعة العقلية أو المعرفية عندهما. وقد اعتبرنا أن علة هذه القطيعة ترجع إلى الفصل الحاصل في المصدر المعرفي من الناحية التكوينية. فهو لدى الفقيه عبارة عن النص، لكنه لدى المثقف عبارة عن الواقع.
أي أن الأول قد تمسك بكتاب الله التدويني، في حين تمسك الآخر بكتابه التكويني. مع ذلك فقد اقترحنا بعض قضايا الإصلاح التي من شأنها أن تقضي على موارد الضعف المعرف والمنهجي عندهما.
أخيراً فقد قدمنا لبحثنا مدخلاً دللنا فيه عن وجود تكافؤ في التصديقات المنضبطة بين المختص وغير المختص، وذلك لتبرير عمل المثقف المعرفي قبال الفقيه ومنافسته له في الحجة المعرفي.
بينما أفادت الطبعة الأخيرة أن الكتاب يتناول الكشف عن طبيعة المرتكزات المعرفية التي يتأسس عليها العقل الثقافي والفقهى، فهما بحسب المؤلف يختلفان في المصدر والآلية والأصول المولدة للمعرفة. كما تضمن الكشف عن خصائصهما المعرفية القائمة على تلك المرتكزات.
القطيعة