بدأت منذ أسابيع قليلة مراسم الإعلان عن الترشح لعضوية مجلس النواب للدورة الجديدة التى ستبدأ بعام ٢٠٢٠ م، وبعيدا عن الأجواء السياسية والتشريعية الراهنة من عدم تكافؤ الفرص وضبابية المشهد السياسى بأكمله، إلا أننى أجد نفسى مدفوعا للتعليق على بعض مظاهر هذا الحدث والذى نجده يتكرر كل خمس سنوات بنفس الطريقة المملة ونفس البهرجة الزائفة.
شعارات قومية ودينية واجتماعية وحزبية لاستمالة الجماهير، لقد عاش الشعب عقودا طويلة ينتخب النائب الذى يحضر حفلات الزفاف ومراسم العزاء ويجامل الناس بشخصه، ولقد جلست طويلا أبحث عن السبب الذى يجعل من المجامل ميزه ترشحه ليكون نائبا عن الشعب يشرع قوانينه ويحاسب حكوماته ويخدم أبناء دائرته، فلم أجد دافعا إلا أشياء كلها من قبيل إحسان الظن بالرجل دون التطرق لأى أمور أخرى، وعلى امتداد دورات متعاقبة إنحاز الناس لانتخاب الأقوى، الأقوى سياسيا وحزبيا وتنظيميا وأسريا، لم يمتنع الشعب عن تعاطى الشعارات التى كانت تدغدغ مشاعره، فبين يمين ينادى بتطبيق الشريعة التى ستحاسب الفاسدين وتعيد للشعب حريته، وبين يسار ينادى بحقوق العمال الكادحين وحقهم فى الحياة الكريمة وتزويدهم بكافة أشكال الدعم، فضلا عن أن الناخبين لم يستطيعوا يوما أن يتملصوا من عصبيتهم للعائلة والقرية والأهل فى إنحيازهم للنائب الذى يقع الإختيار عليه، وكان الثمن ما نراه من فساد مالى وإدارى وتشريعى، ومن يعجز عن كل ما سبق فإنه يسرع بإعطاء لقب لنفسه بأنه ( نائب الغلابه ).
أمور كثيرة يجب إلقاء النظر عليها فى هذا الشأن لكن ما أريد التركيز عليه هو مبدأ واحد فقط قد يختصر علينا الكثير من هذا اللغط، فى الدول التى تحترم إرادتها يتقدم النائب ببرنامج تفصيلى للشعب عن دوره الرقابى والتشريعى والخدمى، أنا نائب عن دائرة كذا بها من المشاكل كذا وكذا وأنا أستطيع أن أفعل كذا ولا أستطيع أن أفعل كذا لأسباب كذا وكذا ولكنى سوف أسعى من واقع منصبى، هناك من التشريعات التى تحتاج لإعادة نظر كذا وكذا واقتراحى فيها كذا وكذا، هناك فساد قائم فى منظومة كذا وكذا والطريقة الأمثل هى كذا وكذا، منشور صغير واضح المعالم تستطيع من خلاله قراءة أفكار المرشح وتستطيع فيما بعد محاسبته على برنامج تنفيذى واضح المعالم ومجدول بأولويات وتوقيتات معينه، كفانا الشعارات المنتقاه الفضفاضه التى تستقطب قلوب البسطاء، نريد نواب للعمل وليس للكلام، كفانا ما مضى من سرقة لهذا الكرسى، الذى يتحول إلى منصب للمجاملات والأمجاد الشخصيه للنواب وذويهم ولا يستفيد الشعب بشيء يذكر.