فى 14 مايو عام 1948، أعلنت العصابات الصهيونية فى فلسطين عن تأسيس دولتهم "إسرائيل" على الأراضى المحتلة، إيذانا بالحلم القديم لهذه الجماعات بإقامة وطن واحد يضم كل يهود العالم، وكان قبل هذا التاريخ بنحو 24 عاما، قد رحل عن عالمنا واحد من أشهر الفلاسفة اليهود فى القرن العشرين هو التشيكي فرانس كافكا.
24 سنة مرت على رحيل كافكا قبل إعلان دولة الكيان الصهيونى، لكن هذا لا يجعل دولة "إسرائيل" تشعر بالخجل ليس فقط لسرقة واغتصاب أرض "كنعان" بل بأنها تقول إنها الأحق بالاحتفاظ بتراث أى أديب أو عالم يهودى بغض النظر عن بلاده الأصلية، على اعتبارها إنها الوطن الأم لكل يهودى العالم، بما فيهم كافكا.
قامت محكمة الأسرة فى تل أبيب بإطلاق حكم يقضى بنقل إرث كافكا الأدبى وصديقه ماكس برود إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية، والسبب الذى أعلنته المحكمة هو أنها تود بفعلها هذا تحقيق أمنية برود بنشر كتابات صديقه فى إسرائيل، ونقلها للعبرية لكل محبيه هناك.
وبحسب عدد التقارير القصة ينظر الإسرائيليون بشكل عام إلى كافكا وأدبه باعتباره ملكًا لهم، ومخلصا للصهيونية وأدبها، والسبب فى ذيوع وانتشار هذا الادعاء بأن كافكا صهيونى هو وأدبه، يرجع إلى ماكس برود، صديقه المقرب.
وقد تحقق مراد إسرائيل بعدما استلمت السلطات الإسرائيلية 5 آلاف وثيقة ومستند ترجع للأديب التشكيى الكاتب الشهير فرانز كافكا، وصديقه ماكس برود، تضم محتويات الوثائق بطاقة بريدية لفرانز كافكا تعود لعام 1910، ووثائق شخصية ظلت محفوظة لدى ماكس برود، ووصف الخبراء هذه الوثائق بأنها نافذة للمشهد الأدبى والثقافى فى أوروبا فى أوائل القرن العشرين.
لكن ربما المزاعم الماضية حاول كتاب جديد صدر حديثا تحت عنوان "كافكا عربيا.. أيقونة تحترق"، الصادر عن دار المتوسط في ميلانو بإيطاليا، للباحث المصري عاطف بطرس العطار، يرد على هذه المزاعم، وربما يشير بشكل أو بآخر إلى سرقة إسرائيل لتراث كافكا، حيث يرى العطار أن من يقرأ كافكا ويومياته يعرف أنه كان متشككاً تجاه المشروع الصهيوني، رغم تعاطفه مع فكرة الظلم الواقع على اليهود في أوروبا وضرورة أن يجدوا مكاناً آخر ليعيشوا فيه، لكنه كان متشككاً بالنسبة للمشروع الصهيوني القائم على استيطان أرض فلسطين العربية، كما حاول تبرئة الكاتب التشيكي الشهير فرانس كافكا من تهمة "الصهيونية"، مؤكدا أن كافكا لم يقحم نفسه في السياسة ولم ينتم لأى أيديولوجيات.
وفي هذا السياق يرى المؤلف أن ماكس برود، صديق كافكا، الذى رفض الاستجابة لوصيته بإحراق أعماله، هو الذى انتهك حرمة أعمال كافكا لأنه حررها ورتبها ونشرها وعلق عليها بشكل يخدم تصوراته الشخصية، التى تميل للسذاجة وتأتى فى إطار فكره الصهيونى المحدود والمنحاز.
ويلاحظ عاطف بطرس العطار هول المفارقة، التى جعلت أوراق وأعمال كافكا تسافر من عاصمة أوروبية إلى فلسطين العربية فى حقيبة يهودى هارب من حملات النازية، هو صديقه ماكس برود، الذى عمل لاحقا على إنقاذها ثم نشرها بتعليقات جعلت المكتبة الوطنية لإسرائيل تطالب بحقها فى هذه المخطوطات وتحصل عليها بحكم قضائى صدر فى العام 2016.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة