من منا لا يوجد عليه ديون، حتى لو كانت متأخرات إيجار أو أقساط سيارة أو دفعات حجز أجهزة إلكترونية أو المحمول؟، من منا يجد ينفسه فريسة للإحباط واليأس من أن يسدد جميع ديونه دون أن يقترض أو دون أن يؤثر ذلك على مستقلبه فى العمل أو مستقبل أولاده فى التعليم؟
هناك تقارير كثيرة وإحصائيات متنوعة عن ارتفاع أعباء الحياة ومستوى المعيشة، وعدم مناسبة الأسعار مع الدخل والمرتبات ليس فى مصر أو الدول العربية وحدها ، بل تقريبا فى مختلف دول العالم، خاصة مع زيادة تكاليف التعليم، وزيادة اعتماد الأسر على التكنولوجيا، فتزيد معها ديون الأسرة، ويعجز رب الأسرة عن مواجهة هذه الأعباء والوفاء بالالتزامات الحياتية سواء من يأخذ منهم على هيئة قروض أو سُلف خاصة أو سحب نقدى من بطاقات الائتمان.
الحل يبدأ من عندك
لكن الخبراء المصرفيين والماليين لديهم الحل، وهو ما يسمى "طريقة كرة الثلج"، وهى تهدف بالأساس إلى مساعدة الأشخاص التعود على سداد ديونهم بهدوء، خاصة إذا كنت من هؤلاء الذين يشعرون أن الدنيا أغلقت فى وجههم أو أن لديه جبلًا كبيرا لا يستطيعون تسلقه، وكما قيل فى الأمثال الشعبية "الدين هم بالليل ومذلة بالنهار"، "طريقة كرة الثلج"، هذه قد تجعل الرحلة مع الديون أسهل قليلا ، كما ذكرت مجلة التايم الأمريكية.
فحسب إحصائيات 2019، وتقارير بنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، بلغت ديون الأسر الأمريكية الجماعية 13.86 تريليون دولار، وحسب بعض التقديرات كما نقلتها مجلة التايم، فحوالى 80% من البالغين الأمريكيين يحملون شكلا من أشكال الديون، سواءً كانت القروض الطلابية أو الفواتير الطبية، أو مدفوعات السيارات، أو بطاقات الائتمان أو القروض العقارية.
لكن ما هى طريقة كرة الثلج.. وهل مناسبة لك أو لاستراتيجيتك المالية؟
يشرح مات فرانكل، مخطط مالى معتمد وخبير التمويل الشخصى فى The Ascent ، حسبما نقلت عنه مجلة التايم الأمريكية، فيقول إن الفكرة من وراء طريقة كرة الثلج الخاصة بالديون هى فرز ديونك من أصغر رصيد إلى أكبر رصيد، لكن أحد أشكال الدين الذى يجب استبعاده فى حساباتك هو رهنك العقارى، حيث إنه عادة ما يعتبر "شكلًا جيدًا من الديون" ، لأنه يحتوى عادةً على معدل فائدة منخفض نسبيًا ويدعمه أحد الأصول "منزلك" الذى يجب أن يقدر قيمة بشكل مثالى بمرور الوقت.
ويوضح فرانكل أنه بمجرد التنظيم ، يمكنك البدء فى استخدام طريقة كرة الثلج عن طريق سداد أصغر ديونك أولاً، مع حساب الحد الأدنى من الفائدة على جميع الديون، فالبدء بخطة الأصغر هذه يجعل حمل الديون يقل شيئا فشيء ، وهنا تستغنى أنت عن أقل ما يمكنك من دخلك لدفع أصغر دين فقط المهم أن تسدده بالكامل فى أسرع وقت ممكن.
وهذا حسب تحليل الخبراء المصرفيين وبعد دراسات اجتماعية وتحليلية ، يعتبر تسديد الديون محفزا للفرد ، فعندما يجد نفسه قد سدد بعض الديون ، وبمرور الوقت يستطيع أن يقتطع جزءا من دخله حتى لو كان قليلا لسداد بعض ديونه فإن ذلك يعطيه زخما ، ومن وقت لآخر تزداد المبالغ التى يمكنك سدادها لديونك الأكبر بمرور الوقت.
أما سارة راثنر، خبيرة البطاقات الائتمانية فى NerdWallet ، حسبما نقلت عنها "التايم " فتوضح الصورة بأكثر تفصيلا ،وتشرح طريقة كرة الثلج بشئ من التفصيل ، فتقول: "فكر فى الأمر مثل كرة الثلج التى تتدحرج أسفل التل ، وتزداد كلما تحركت للأمام، فتبدأ بالأعمال الصغيرة ، وبمرور الوقت ، تحدث فرقًا كبيرًا".
من هو المرشح الرئيسى لطريقة كرة الثلج؟
يقول كلا من فرانكل وراتنر ، إن طريقة كرة الثلج مناسبة بشكل أفضل للأشخاص الذين لديهم أوضاع ديون وصفها بـ"النموذجية"، يما يعنى أن أرصدة بطاقات الائتمان الصغيرة نسبيًا، والتى غالبًا ما تكون لها معدلات فائدة مرتفعة ، وأرصدة أكبر على قروض السيارات أو قروض الطلاب ، والتى عادةً ما تكون أسعار الفائدة منخفضة عليها، قد يكون أيضًا خيارًا قابلاً للتطبيق بالنسبة لأولئك الذين لديهم ديون متعددة، مثل ديون بطاقات الائتمان والفواتير الطبية وقروض الطلاب والرهن العقارى - ويحتاجون فقط إلى مكان للبدء.
ويضيف فرانكل: "من المنطقى أيضًا للأشخاص الذين لديهم ديون صغيرة قليلة أن يسددوا أولاً لبناء الزخم"، موضحا أنه قد يكون لدى المرشح الجيد لطريقة كرة الثلج ثلاث بطاقات ائتمان بأرصدة تبلغ 200 دولار و 500 دولار و 2000 دولار ، مع معدل فائدة متوسط قدره 19.24 %، بالإضافة إلى رصيد قرض سيارة بقيمة 5000 دولار بمتوسط سعر فائدة يبلغ 4.21 ٪ ، و 20،000 دولار فى قروض الطلاب مع متوسط سعر الفائدة من 4.45 %، سيقوم هذا الشخص بسداد أرصدة البطاقات الائتمانية التى تبلغ 200 دولار و 500 دولار و 2000 دولار أولاً قبل المضى فى طريقه نحو القروض.
أما نيك هولمان ، كبير المخططين الماليين فى شركة بترومنت فيوضح أن طريقة كرة الثلج، هى أداة لبناء العادات للأشخاص الذين يجدون عبء ديونهم ثقيلًا من الناحية النفسية. قائلا : "طريقة كرة الثلج للديون مناسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى بعض المساعدة السلوكية والدافع للتخلص من الديون".
فالأمر كله حسبما يقول فرانكل وراتنر ، يتعلق بهذه الانتصارات الصغيرة التى تساعد على استمرار الزخم، مضيفا " إذا كنت تكافح من أجل أن تظل متحمسًا وتربح القليل من المكاسب ، فإنها تجعلك متحمسًا للمضى قدمًا وعبء الديون عن قائمتك ، فإن طريقة كرة الثلج يمكن أن تساعد".
يؤكد هولمان ، من الناحية السلوكية ، أن طريقة كرة الثلج للديون تعد خيارًا جيدًا ، فكثيرا ما نسمع جملة " أبحث عن انتصارات سريعة لمواصلة تحركك الإيجابي" ، وهذا هو الهدف " البحث عن أسهل الطرق للتشجيع فكلما كان هناك إنجاز فى تسديد الديون الصغيرة كلما كان هذا دافعا للاستمرار والتشجيع على اقتحام الديون الأكبر.
ولكن لابد أن تكون استراتيجية "كرة الثلج " تدوم لفترة والاحتفاظ بها ليتعلم الشخص الالتزام بالطريق والاعتياد على طريقة التوفير من أجل السداد ، خاصة أن كلما كانت الديون صغيرة تكون ذات فائدة عالية، بينما تميل الديون الأكبر إلى أن تكون ذات فائدة منخفضة، مما يعنى أن طريقة كرة الثلج تعطى أولوية للديون ذات الفائدة المرتفعة.
لكن ماذا إذا كانت أضغر الديون ليست ذات الفائدة المرتفعة وكان العكس هو الصحيح ؟ هنا يكون الحال مختلف، وطالما الأمر يعتمد على الجانب النفسى مبدئيا والإحساس بإنجاز ، فقد يكون من المنطقى أكثر أن تسدد ديونك بمعدلات فائدة أكبر بغض النظر عن حجمها الإجمالى قبل معالجة ديونك المنخفضة الفائدة، وذلك اعتمادًا على وضعك المالى الشخصى ، قد يعنى هذا أنك ستنتهى فى دفع فائدة أقل بمرور الوقت.
ويشرح المحلل المالى فرانكل بعض الاختلافات فى الظروف لاستخدام كرة الثلج هذه ، منها أن هناك مجال واحد كثيراً ما أختلف فيه مع طريقة كرة الثلج التقليدية". "إذا كان لدى شخص ما ديون بطاقة ائتمان بقيمة 15،000 دولار بفائدة 20% ورصيد قرض سيارة بقيمة 14،000 دولار بنسبة 4% ، فسيكون من الصعب إثبات سداد قرض السيارة أولاً ، على الرغم من أن طريقة كرة الثلج تقول إنه يجب أن يكون".
ولكن هنا كما يقول فرانكل هى التمعن فى الوضع المالى ، وإلقاء نظرة أبعد لرؤية ماذا يمكن أن يحدث فى حال تجربة "كرة الثلج" أو إعطاء الأولوية للسداد آيا كانت البداية ، فكلما كان كان سعر الفائدة أعلى ، كلما استغرق الأمر وقتًا أطول للخروج من الدين.
هذا يعنى أن ليس الجميع يصلح معهم "كرة الثلج" لسداد ديونهم.. فمن هو الذي
يجب أن تجنب طريقة كرة الثلج؟طريقة كرة الثلج ليست مثالية للأشخاص الذين تكون ديونهم الكبيرة مرتفعة الفائدة ، مقارنة بديونهم منخفضة الفائدة، ويجيب الخبير المالى فرانكل على ذلك بقوله : "من المحتمل أن تكون طريقة كرة الثلج خيارًا سيئًا لشخص لديه دين بطاقة ائتمان أكبر من رصيد قرض".
ماذا بعد سداد الديون، كيف يمكن للشخص أن يبعد عن أعباء الدين وأن يظل معافى من الديون؟
تجيب مجلة التايم على لسان فرانكل : "من غير الواقعى توقع طريق مستقيم وسهل للتحرر من الديون، ويمكن لمصروفات الطوارئ غير المتوقعة أن تقطع تقدمك بسهولة." لكن هنا أفضل ما يمكن فعله هو اختيار المكان الذى توقفت فيه ، ومراجعة النفس والبدء فورا فى استعادة طريقة.
كرة الثلج" وتسديد أصغر دين والبدء من جديد خير علاج لكن الأهم هو عدم الإحباط أو الاستسلام.
ويضيف الخبير المصرفى أنه إذا كنت تسدد ديونك ، فمن الأهمية بمكان تجنب المآزق التى تأتى مع حياة خالية من الديون،على سبيل المثال: تجنب رؤية "غياب الديون كذريعة لبدء العيش فوق إمكانياتك".
ويقترح فرانكل الاستمرار فى استخدام نفس القدر من الأموال الذى كنت تستخدمه لسداد الديون - ولكن بدلاً من وضعها فى صورة بطاقة ائتمان أو فواتير قروض ، ضعها فى مدخرات أو استثمارات ،وهذا يجعلك منضبطًا فى الانفاق وأيضا لديك مستقبل مالى أكثر إشراقًا.
ومن المقترحات المهمة أيضا هو : "لا تشارك فى توقيع قرض أو إقراض المال عندما لا يكون لديك الأموال اللازمة لتجنبها"، إذا كانت بالفعل فى وضع صعب وتحتاج إلى أموال إضافية، فتأكد من تخصيصها وإضافتها إلى ميزانيتك الخاصة كما تفعل مع أى فاتورة أخرى.