غرق 6 حالات خلال شهر واحد فى نهر النيل لم تكن الحصيلة النهائية لحالات الغرق فى النهر سواء هذا العام أو فى الأعوام السابقة، ولكنها سلسلة متكررة انتهت بغرق ستة أشخاص مؤخراً واحداً تلو الآخر، مما دفع محافظ أسوان لإصدار قرار بمنع السباحة فى النيل وتكليف دورية من الإنقاذ النهرى لمتابعة تنفيذ هذا القرار.
"اليوم السابع" رصد خلال تقريره الظروف التى أدت إلى غرق هؤلاء الضحايا، ورأى أسرهم والمقربين منهم، بالإضافة إلى تعليق الشارع الأسوانى على قرار المحافظ بمنع السباحة فى النيل.
يبدو المشهد فى محافظة أسوان وتحديداً على ضفاف نهر النيل، وكأنه أحد الشواطئ الساحلية حيث يتجمع عدد كبير من الأهالى على ضفة النهر، يفترشون الأرض ويسبحون فى ماء النيل وسط أجواء من البهجة والسعادة وممارسة طقوس الأكل والشراب ولهو الأطفال فى هذه المناطق.
وتعد منطقة "أسفل كوبرى أسوان المعلق" واحدة من أكثر الأماكن ازدحاماً على النيل بأسوان، والتى تقع على بعد 10 كيلو مترات شمال مدينة أسوان، حيث الكورنيش الجديد الذى يخلو من البناء ولا يتبقى فى المشهد سوى ماء وزرع وصحراء الجبال الغربية من النيل فى مشهد جمالى خلاب يجذب المئات إليه خاصة فى المواسم والأعياد التى تجمع شمل الأسرة للتنزه بأبسط الحدود وتوفيراً للنفقات.
ولكن هذا المشهد الجمالى يتوقف عند الكوارث التى تحل عليه، عندما يصرخ أحدهم معبراً عن وجود غريق فى النيل، أو اختفاء جثة فجأة – كما يزعم بعض شهود العيان –وكأن الماء ابتلع جثة الغريق.
فرج كمال، أحد المواطنين بمحافظة أسوان، افتتح الحديث لـ"اليوم السابع"، قائلاً: شهدت هذه المنطقة العديد من حوادث الغرق خلال الفترات الماضية، ولكن مؤخراً شهدت 6 حالات غرق كان أبشعها فقدان شاب ووالده وخاله فى حادث واحد، بعد أن خرج الثلاثة برفقة شخص رابع للتنزه فى النيل بالمنطقة القريبة من كوبرى أسوان المعلق، ولكن فجأة بدأ يستغيث أحدهم من تعرضه للغرق، وفى النهاية يتوفى الأب وابنه والخال وهم: "جمال عباس أحمد 50 سنة، وابنه حمدى جمال عباس 13 سنة، وثالث يدعى حسن أحمد محمد 24 سنة، بينما نجا رابع من الغرق، وأصيب بضيق فى التنفس وتم علاجه فى المكان".
وطالب فرج كمال، من المسئولين أن يصدروا قراراً دائماً بمنع السباحة فى النيل خاصة بالتزامن مع غرق الحالات واحداً تلو الآخر فى هذه المنطقة الخطر التى تشتهر بـ"الدوامات المائية"، ورغم سقوط حالات غرق إلا أن الأهالى لا يزالون يواصلون السباحة فى هذه المنطقة.
وأضاف أحمد سعودى، مواطن أسوانى، أن ابنه "محمد" لقى مصرعه غرقاً أيضاً فى نهر النيل بالمنطقة القريبة من كوبرى أسوان المعلق وكمين شرطة بالمدخل الشمالى لمدينة أسوان، بعد أن حاول إنقاذ سيدة وطفليها كانا يسبحان فى النيل بالقرب من الشاطئ، وقرر أن يقفز بسرعة فى الماء لمحاولة إنقاذ هذه السيدة وابنيها وسط صيحات واستغاثات من الموجودين، ولكنه مات لينقذ حياة أسرة بدلاً منه.
وتابع الأب المكلوم، أن أسرته لا تزال تواصل البحث عن ابنهم المفقود منذ فترة طويلة تحت الماء وعجز الجميع عن إيجاده، مناشداً اللواء محمد عمارة مدير أمن أسوان، والأجهزة الأمنية، بمعاونة الأسرة فى البحث عن نجله المفقود تحت الماء، من خلال زيادة عدد اللنشات التابعة للإنقاذ النهرى لتكثيف عمليات البحث داخل النيل واستخراج جثمان ابنه، موضحاً أنه منذ الحادث المرير الذى اكتوى به قلبه نتيجة فراق ابنه، إلا أنه يتوجه يومياً برفقة أسرته والجيران إلى مكان الحادث للبحث عنه بالجهود الذاتية.
وفى سياق متصل، قال أحمد محمود، من أبناء محافظة أسوان، إن نهر النيل فى أسوان خلال فصل الصيف يكون بمثابة "شاطئ الغلابة" الذى يلجأ إليه عدد كبير من الأسر والشباب للتنزه والسباحة فى النيل بالمجان، ويتزايد عدد المواطنين فى منطقة الكوبرى المعلق، نظراً لما تتمتع به المنطقة من مساحات خضراء على ضفة النيل تساعد على المكوث بجوار النهر والاستمتاع بطقس لطيف وهواء بارد فى ظل ارتفاع درجات الحرارة التى تشهدها أسوان صيفاً.
وأوضح أحمد محمود، أن منطقة الكوبرى المعلق شمال مدينة أسوان،هى الأخطر حيث يزعم عدد كبير من الناس أنها منطقة مسكن لـ"الجن" يعيش تحت الماء، إذ تختلف المنطقة عن غيرها من نهر النيل فى كونها "ماء ثقيل" يصعب السباحة فيه بسهولة، وقد شهد غرق حالات كثيرة واحداً يلو الآخر، وفى كل مرة لا تخرج الجثة بسهولة فوق الماء رغم أن بعضهم يسبح وسط مجموعة من الناس، فهناك العديد من الغرقى يظلون تحت الماء لفترات طويلة تصل من شهر إلى ثلاثة أشهر ثم تخرج الجثة فى مكان قريب من هذه المنطقة أو فى المنطقة ذاتها، دون أن يستطيع أحد من فرق البحث العثور على الجثة خلال فترة الاختفاء.
ولفت إلى أن الأقاويل تذهب إلى وجود قبيلة من الجن تتحكم فى غرق الأهالى واختيار فئة الشباب دون غيرهم ليكونوا ضحايا هذه المنطقة التى يطلق عليها البعض بأنها "مثلث برمودا المائى" نظراً لاختفاء عدد كبير من الحالات بعد تعرضها للغرق، موضحاً أنه من الأفضل منع السباحة فى النيل خاصة بنطاق هذه المنطقة.
وأشار إبراهيم العجمى، من أبناء محافظة أسوان أيضاً، إلى أن قرار محافظ أسوان بمنع السباحة فى النيل، قرار غير مدروس – على حد قوله – نظراً لضرورة توفير البدائل المتاحة لأهل أسوان، وعلى سبيل المثال فتح حمامات السباحة التابعة لوزارة الشباب والرياضة بسعر رمزى، نظراً لأن هناك عددا كبيرا من الأسر محدودة الدخل داخل أسوان التى لا تستطيع أن تسافر إلى إحدى المحافظات الساحلية لقضاء المصيف برفقة أفراد الأسرة.
وكان اللواء أحمد إبراهيم، محافظ أسوان، أصدر قراراً بمنع المواطنين من السباحة داخل مجرى نهر النيل، وخاصة فى بعض المنطقة المواجهة لكوبرى أسوان المعلق، وذلك بعد تزايد أعداد المواطنين الذين تعرضوا للغرق خلال الأيام الماضية، نتيجة سرعة السحب وحركة جريان المياه ووجود دوامات تمثل خطراً على أى مغامر بحياته يحاول السباحة فى هذه المنطقة.
وأكد المحافظ، أنه تم التنسيق مع اللواء محمد عمارة مدير أمن أسوان بمرور دوريات متحركة من المسطحات المائية على مدار اليوم لمنع أى شخص من السباحة لحمايته من التعرض للغرق ، لافتاً إلى أنه وجه مدير عام الشباب والرياضة بفتح حمامات السباحة التابعة للأندية الرياضية أمام الجمهور وتسهيل إجراءات ممارسة رياضة السباحة للجميع، حيث إنها آمنة ويوجد بها الكوادر المدربة لتدريب وتوجيه الممارسين لها، مناشداً الراغبين فى ممارسة رياضة السباحة من المواطنين بالاشتراك فى حمامات السباحة المتوافر بها الاشتراطات الآمنة حماية لأرواحهم من أى مخاطر، موضحاً أن مدينة ومركز أسوان تضم 7 حمامات سباحة منها 4 حمامات تابعة لمديرية الشباب والرياضة وهى بنادى أسوان الرياضى ونادى الشمس بكيما واستاد أسوان الرياضى وأيضاً بمنطقة الجزيرة أمام مطلع الصداقة الجديدة، كما توجد 3 حمامات سباحة أخرى تابعة للشركات المختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة