على ما يبدو أن شهر سبتمبر أو ما يُعرف فى بلاد الشام والعراق بـ"أيلول" بات الشهر الأسود أو الأسوأ على جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها والجبهات الموالية لها، حيث قضت محكمة الأمور المستعجلة، بالقاهرة - فى مثل هذا اليوم الموافق 23 سبتمبر 2013 - بحظر أنشطة "جماعة الإخوان المسلمين" بجمهورية مصر العربية، و"جمعية الإخوان المسلمين" المنبثقة عنها.
القرار فى تلك الأثناء لم ينحصر فى حظر الجماعة وجمعياتها فقط بل تتضمن أيضاَ أى مؤسسة متفرعة من الجماعة أو تابعة إليها أو منشأة من أموالها أو تتلقى منها دعما ماليا، أو أى نوع من أنواع الدعم والجمعيات التى تتلقى التبرعات وأن يكون منها أحد أعضاء الجماعة أو الجمعية أو التنظيم.
ذلك القرار الذى كان بمثابة الحكم التاريخى، حيث صدر برئاسة المستشار محمد السيد، بالتحفظ على جميع أموال تنظيم الإخوان المسلمين العقارية والسائلة والمنقولة سواء كانت مملوكة أو مؤجرة لها، وكافة العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها لإدارتها بما يتفق بالغرض من انشائها طبقا لقوانين الدولة المصرية.
وفى غضون 15 سبتمبر من العام الحالى، أودعت محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار فتحى توفيق الشحات نائب رئيس مجلس الدولة، حيثيات حكمها، بعدم قبول الدعوى المطالبة بإلغاء قرار وزير التضامن الاجتماعى 227 لسنة 2013، الصادر بتاريخ 9/10/2013، فيما تضمنه من حل جمعية الإخوان المسلمين المقيدة بوزارة التضامن الاجتماعى تحت رقم 633 لسنة 2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلغاء قرار التحفظ على أموال الجمعية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك لانتفاء المصلحة، وتأييد حكم حل الجمعية.
وبصدور هذين الحكمين فى نفس الشهر، بات شهر سبتمبر هو بمثابة "أيلول الأسود" على جماعة الإخوان الإرهابية ومفارقة لا يمكن أن تمر مرور الكرام تأسيس الجماعة فى مارس من عام 1928 حينما بايع 6 أشخاص هم: "زكى المغربى، وإسماعيل عز، وحافظ عبد الحميد، وفؤاد إبراهيم، وأحمد المصرى، وعبد الرحمن حسب الله"، مؤسس الجماعة حسن البنا على السمع والطاعة.
عقب بيعة الأسماء الستة التى أسست الجماعة للمؤسس الأول حسن البنا بدأت الجماعة الإرهابية تدافع عن وجودها القانونى على أرض الواقع، لأنها لم تكن فى حقيقة الأمر جمعية غير مُسجلة من الناحية الرسمية، وأصدرت وقتها أول قانون داخلى لها عام 1930 نص كذبا وزورا أن الجمعية لا ولن تعمل بالسياسة، واستمر الحال بعد تعديل القانون فى عام 1932، فقد كانت الجمعيات الأهلية تدون وتُسجل فى لائحتها الداخلية بأنها لا تعمل فى السياسة.
إلا أنه عقب مرور 15 سنة من تعديل قانون الجمعيات الأهلية فى عام 1932، صدر للمرة الأولى قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين فى غضون 8 ديسمبر 1948، حيث أصدر رئيس الوزراء حينها محمود فهمى النقراشى، قرارًا بحل الجماعة أى بعد مرور 19 سنة على تأسيسها، وذلك على خلفية اتهام الجماعة وأعضائها بالتحريض والعمل ضد أمن الدولة المصرية مع قرب انتهاء حرب فلسطين وعودة أعضاء الجماعة المشاركين فيها، حيث وصفت الجماعة قرار "النقراشى" بـ"الخائن" الصادر من جهات "خائنة"، فقد كان القرار بمثابة الصدمة للجماعة وعناصرها.
10 أيام بالتمام والكمال مرت على قرار حل جماعة الإخوان حتى قررت الجماعة التخلص من "النقراشى"، وبالفعل تم اغتياله فى 28 ديسمبر 1948 من نفس العام، على يد الشاب الإخوانى عبدالمجيد حسن، الطالب بكلية الطب البيطرى الذى اعترف بإقدامه على قتله بسبب حل الجماعة، وحينها أدان "الإخوان" بقيادة المرشد العام حسن البنا وردد مقولته الشهيرة التى أصبحت قرآنا يرددها الإخوان عند ارتكاب جرائمهم : "ليسوا إخوانا، وليسوا مسلمين".
وعقب مرور 4 سنوات من اغتيال "النقراشى"، وتحديدا عقب ثورة 23 يوليو عام 1952، أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بحل جميع الأحزاب السياسية فى البلاد مستثنياً جماعة الإخوان المسلمين لكونها كانت تقدم نفسها "كجماعة دينية دعوية"، وليست جماعة تمارس العمل السياسى، وردد المرشد العام للجماعة وقتها حسن الهضيبى لوزير الداخلية سليمان حافظ، إن: " جماعة الإخوان جمعية دينية دعوية، وتكوينها وأعضائها لا يعملون فى المجال السياسى، ولا يسعون لتحقيق أهدافهم عن طريق أسباب الحكم كالانتخابات"، ما أكد معه استمرار الجماعة على مسلسل الكذب والافتراء والتدليس على الشعب قبل الساسة.
فى تلك الأثناء - وقع بين جماعة الإخوان الإرهابية والراحل جمال عبد الناصر بسبب محاولة الجماعة اغتياله فى ميدان المنشية بالإسكندرية، فصدر قرار عاجل وقتها بحل الجماعة للمرة الثانية فى 29 أكتوبر 1954، وظل قرار حل جماعة الإخوان الإرهابية ساريا إلى أن توفى الرئيس جمال عبد الناصر فى 1970، وبعدها بدأت الجماعة عهدا جديدا مع الرئيس أنور السادات، حيث بدأ بالإفراج عن الإخوان منذ عام 1971 حتى أفرج عن الجميع فى عام 1975.
وعقب ثورة 25 يناير وتحديداَ فى مارس 2013 سجلت الجماعة نفسها كجمعية أهلية، ما أدى إلى قيام قوى وأحزاب سياسية برفع دعاوى قضائية تطالب بحل جماعة الإخوان حتى أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكما يقضى بحل "جمعية" الإخوان المسلمين وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها، بعد دعوى مستعجلة من حزب التجمع تم تحريكها ضد الجماعة، ليكون أول قرار تصدره محكمة يقضى بحل الجماعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة