عقد معهد الشرق الأوسط بواشنطن بالتعاون مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية مؤتمراً لمدة يوم واحد تحت عنوان "مصر في شرق أوسط متغير" بمشاركة عدد كبير من الخبراء من مصر والولايات المتحدة، وذلك علي هامش الإجتماعات الرفيعة المستوي للجمعية العامة بمدينة نيويورك..
وشارك بالحضور في أعمال المؤتمر لفيف من أبرز الشخصيات السياسية والدبلوماسية المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها في 17 سبتمبر الجاري، بالإضافة إلي خبراء بارزين من مراكز الأبحاث الأمريكية وشخصيات أكاديمية وكتاب بارزين وصحفيين من مختلف الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والدولية.
وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أننا نعيش فى منطقة مليئة بالصراعات، ومازالت منطقة ساخنة، لافتاً إلى أن مصر لازالت الدولة الوحيدة التى تشهد استقرار فى المنطقة.
وأشار سعيد خلال كلمته بالجلسة الثالثة للمؤتمر، إلى أنه بالنظر للوضع فى مصر، فهناك طريقتين للتعامل مع مصر، الطريقة الامريكية والتى يتم النظر من خلالها لمصر على أن منطقة عملية، أما الطريقة الأخرى فهى المصرية التى تشير إلى أن الدولة لديها الكثير من الخبرات لأنها مرت بصراعات وثورات.
وبدأت الجلسة الثالثة بعرض فيلم تسجيلى عن التطورات التى تشهدها مصر حالياً، والنقلة النوعية فى المشروعات القومية الكبرى التى حققت الكثير من متطلبات المصريين، وحولت مصر إلى مركز للطاقة فى المنطقة، وقضت على أزمة الطاقة، وأيضا العديد من مشروعات البنية التحتية.
ومن جانب قال الدكتور بول سالم رئيس معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، أن العلاقات الأمنية بين مصر والولايات المتحدة مستقرة، خاصة أن مصر تمثل نقطة ارتكاز مهمة لامن واستقرار منطقة قناة السويس والبحر الأحمر وتأمين الملاحة الدولية والملاحة الجوية، موضحاً أن القاهرة وواشنطن شركاء من بداية القرن الماضى، وهذه العلاقة مهمة جدا لوجود سلام فى المنطقة، ومن الناحية الاقتصادية فأن مصر شريكة فى الاستثمار، كما أن مصر حافظت على استقراراها فى الفترة السابقة، رغم التغيرات التى تشهدها المنطقة، وهو ما يلقى تقديرا من جانب واشنطن.
وأكد الدكتور جمال عبد الجواد، رئيس برنامج السياسات العامة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مصر مرت بخبرات متعددة، منها ما حدث فى 2011، وهو ما أعطى الدولة خبرة فى التعامل مع مثل هذه الأزمات، مشيراً إلى أنه فى حين تعانى دولاً بالمنطقة من حروب أهلية، الا أن مصر كانت محظوظة لأنها تجنبت هذا الأمر، لافتاً إل أن مصر تسير وفق سياسة واقعية، وقال أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، قام بعمل نظام يمثل نموذج فى المنطقة بطريقة متسارعة جدا، كما أنشأ نظام اقتصادى يشهد نجاحا، لافتاً إل أن الوضع فى مصر مثال على كيف تسعى الدولة إلى تفعيل النظام السياسى لاستحضار الاصلاح الاقتصادى، موضحاً أنه من مجمل ما يحدث يمكن القول أن مصر فى الغالب جاهزة للتحرك للأمام، مشيراً إلى أن السياسات التى تم تنفيذها مؤخراً فى مصر يمكن اعتبارها خطة طوارئ استثنائية، واستطاعت مصر أن تكون دولة فعالة فى تحقيق النمو الاقتصادى والاصلاح السياسى.
الدكتورة نهى بكر، عضو اللجنة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، قدمت خلال الجلسة عرضاً عن المناخ الاقتصادىفى مصر والمشروعات الكبرى التى تم تشييدها فى مصر مثل قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، والمليون ونصف مليون فدان وغيرها من المشروعات الكبرى التى أدت إلى زيادة استيعاب أكبر عدد فى سوق العمل.
وأكد الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن المشكلة الأعمق والخطيرة المرتبطة بقضية الإرهاب هى قيام المنظمات الإرهابية بنقل عناصرها من دول لأخرى، مشيراً إلى أنه بعد ثورة 30 يونيو تم القبض على عدد من مئات الشخصيات الأجنبية المنخرطة ضمن تنظيمات إرهابية، انتقلوا من ليبيا والعراق وسوريا إلى سيناء.
وأشار عكاشة خلال كلمته فى المؤتمر الذى يعقده اليوم، المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إلى أن رئيس تركيا رجى طيب أردوغان قال فى تصريح معلن ومنشور فى بداية 2017، أنهم سيعملون على نقل المقاتلين وفق توصيفه الموجودين فى سوريا إلى مجموعة من المناطق وخص بالذكر سيناء وليبيا، وأكد عكاشة إلى وجود الكثير من الأمور تحت السطح وتفاصيل خاصة بالإرهاب، تحتاج إلى قراءة متعمقة.
وأكد اللواء محمد إبراهيم، عضو المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن القضية الفلسطينية أحد القضايا الهامة المسكوت عنها، مضيفا: "نحن نعيش فىأقليم شرق أوسط مضطرب وبه العديد من المشاكل، وأرى ان القضية الفلسطينية يجب أن تكون على رأس هذه الأزمات للتعامل معها لأنها قضية شعب محتل يبحث عن أقل حقوقه المشروعة".
وأشار اللواء محمد إبراهيم خلال كلمته فى المؤتمر الذى يعقده معهد الشرق الأوسط بواشنطن بالتعاون مع المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان "مصر فى شرق أوسط متغير"، بنيويورك، أن الشرق الأوسط يواجه العديد من المشاكل الحيوية خاصة فى سوريا واليمن ولبنان والتهديدات الإيرانية فى الخليج، لكن هذه الأزمات ستجد طريقها للحل عن طريق الدبلوماسية، ولن تستمر 50 عاماً أو أكثر كما ظلت القضية الفلسطينية، مضيفاً: "هذا يقودنا إلى توصيف الوضع الحالى للقضية الفلسطينية، وهى أننا أمام مفاوضات سياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين متوقفة منذ إبريل 2014، والفترة التى سبقت 2014 تمت فيها كثير من المفاوضات والجلسات التى وصلت إلى حلول لكثير من القضايا لكنها للأسف لم يتم تنفيذ أيا منها، كما أننا كعرب لدينا مبادرة سلام عربية طرحت منذ أكثر من 17 عام، وهى مبادرة أرى أنها متقدمة وواقعية وعملية للغاية، وتستند على مبدأ العالم كله وافق عليه وهو الارض مقابل السلام، وقام العرب بطرح المبادرة لحل الصراع بالكامل من خلال تطبيع وسلام كامل مقابل انسحاب كامل لكن للأسف الشديد لم نجد أى حركة تحرك هذه المبادرة".
وأضاف محمد إبراهيم: "إننا أمام موقف إسرائيلى يبتعد كثيرا عن توجهات السلام ويرتكز على تأييد أمريكى واضح ويمتلك أدوات للحفاظ على هذا الموقف فى مواجهة موقف فلسطينى أضعف لا يمتلك آى أدوات سوى مناشدة المجتمع الدولى بالتدخل، وبالتالى فإن الفلسطينيين يتحركون سياسيا وقانونينا لكن على الأرض لا توجد أى نتائج لهذه التحركات"، لافتاً إلى الموقف الاسرائيلى يمكن تلخيصه فى 5 نقاط، فمنذ توقيع اتفاق الخليل المنبثق عن اتفاق اوسلو فى 1997 لم يحدث أن تحركت اسرائيل ولو لسنتمتر واحد من الاراضى الفلسطينية، كما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اسقطت من اجندتها بالكامل حل الدولتين الذى تم الموافقة عليه دوليا، كما أن إسرائيل تركز فى تحركاتها بالمنطقة العربية على قواسم مشتركة مع العرب مثل الارهاب وأنها قريبة من المحور السنى فى مواجهة المد الايرانىبالمننطقة لتقفز على أى حل، وان اسرائيل حاولت التعامل مع مبادرة السلام العربية بشكل معكوس، وقالت أعطونى التطبيع الكامل أولا ثم أفكر فى الانسحاب، كما أن هناك اتجاه اسرائيلى واضح لضم بعض اجزاء الضفة الغربية، التى تساوى 60% من مساحة الضفة، وهنا يتفق نتانياهو رئيس حزب الليكود، وبنى جانتس، رئيس الحزب المنافس، فكلاهما يتخذ نفس المواقف المتشددة..
وتحدث اللواء محمد إبراهيم عن الوضع فى قطاع غزة، وقال إنه يمثل القنبلة الموقوتة التى قد تنفجر فىأى وقت فى وجه الجميع، وأضاف: "هنا نأتى للموقف المصرى الذى يحاول احتواء القطاع وتأمين الحدود وتحريك المصالحة الفلسطينية والتدخل للتهدئة وعدم انفجار الموقف بين إسرائيل وحماس، وهذا جهد مصرى لا تستطيع أى دولة أخرى فى العالم أن تبذله"، مؤكداً فى الوقت نفسه على أننا أمام شعب فلسطينىفى الداخل قوامه أكثر من 5 مليون فلسطينيى وكل ما يريدونه دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، والتى تمثل 22% من مساحة فلسطين التاريخية".
وتأسس معهد الشرق الأوسط في عام ١٩٤٦، حيث يعد أقدم مركز دراسات وأبحاث أمريكي ومقره بالعاصمة الأمريكية واشنطن ومتخصص في دراسات الشرق الأوسط. والمركز يحظي بسمعة متميزة بسبب مواقفه الموضوعية وله شهرة كبيرة بين مراكز الأبحاث الأمريكية.
وتأسس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عام ٢٠١٨ بالقاهرة ويقدم دراسات وأبحاث حول قضايا الشأن المصري والإقليمي والدولي وأطلق المركز عدداً من المبادرات حول قضايا الشرق الأوسط في الشهور الأخيرة ويسعي إلي توفير منبرا موضوعيا للحوار وتبادل الأراء يسهم في إثراء النقاش حول القضايا المختلفة.