انطلقت الطائرة الأوكرانية المنكوبة من مطار الخمينى، الأربعاء الماضى، لتتحول إلى تابوت كبير بوفاة جميع من كانوا على متنها من ركاب وطاقم جوى، وبينما حلقت الطائرة فى السماء وعلى متنها 179 راكبًا وطاقمها، فقد جمع حطامها وأشلاء من عليها كموتى بعد سقوط الطائرة وانفجارها داخل الأراضى الإيرانية، وذلك بعد وقت قصير من الهجوم الصاروخى الذى شنته إيران على القوات الأمريكية المتمركزة فى قواعد عسكرية بالعراق.
فى حين قتل جميع من كان على الطائرة التى انطلقت من طهران إلى كييف دون أن تصل إلى وجهتها النهائية، وتناثرت أشلائهم هنا وهناك، لكن بقى منهم هؤلاء بعض الرسائل والذكريات الأخيرة التى خلفوها ورائهم قبل وفاتهم على متن الطائرة المنكوبة، وتمثلت تلك الذكريات فى مكالمة أخيرة من سيدة لزوجها، ورسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، إضافة إلى بعض المتعلقات الخاصة بالركاب.
آخر تدوينه للسيدة ضحية الطائرة الأوكرانية قبل حديثها مع زوجها
يقول تقرير لشبكة "CNN"، إنه قبل 20 دقيقة من إقلاع الطائرة من العاصمة الإيرانية، اتصلت شيدا شادكو بزوجها من على متن الطائرة، وقالت إنها "تريده أن يطمئنها إلى أن كل شىء سيكون على ما يرام"، ولقد توقفت تلك السيدة عن العمل لمدة ثلاثة أسابيع فى تورونتو لزيارة والدتها وأخواتها فى طهران، وكانت عطلتها قد انتهت واستقلت تلك الطائرة عائدة إلى كندا لزوجها حسن شادكو، وكانت رحلتها تغادر من طهران إلى العاصمة الأوكرانية كييف فى وقت مبكر من يوم الأربعاء.
وقال زوج السيدة ضحية الطائرة، فى تورنتو، "لقد تحدثت إليها قبل 20 دقيقة من إقلاع الطائرة.. كانت قلقة بشأن التوترات بين طهران والولايات المتحدة بعد أن أمر الرئيس دونالد ترامب بقتل جنرال إيرانى بارز الأسبوع الماضى"، مضيفًا "لقد قالت فى المكالمة.. حسنًا، إنهم يطلبون منى أن أغلق هاتفى.. وداعاً".
لم تصل رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية المتجهة إلى كييف إلى وجهتها، حيث تحطمت الطائرة فى طهران بعد دقائق من إقلاعها، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الذين كانوا على متنها، بما فى ذلك شيدا شادكو و62 آخرين من الكنديين.
آخر رسائل المضيفة على الطائرة الأوكرانية المنكوبة
وأوضح حسن شادكو، أن زوجته كان لديها هاجس أن الطائرة كانت تسقط، وكانت قلقة بشأن الأشخاص الذين كانت تتركهم وراءهم، فقد نشرت صورة شخصية على إنستجرام تعبيرا عن مخاوفها قبل أن تغادر إيران، وقال وهو يرفع هاتفه لعرض الصورة التى نشرتها "لقد عرفت.. انظر إلى وجهها وانظر إلى القصيدة التى كتبت"، ثم قرأ الزوج المكلوم الكلمات التى كتبتها زوجته، وهى: "أنا أغادر لكن.. ما وراء ورائى يقلقنى.. ورائى ورائى.. أنا خائف من الناس ورائى".
وأضاف أنه "دمر ولا يمكن أن يتخيل الحياة بدون زوجته التى تزوجها منذ 10 سنوات.. لقد كانت ملاكا.. أتمنى لو لم أكن موجودا الآن".
ولم تكن تلك القصة هى الوحيدة المؤثرة من بين ذكريات ضحايا الطائرة الأوكرانية، بل عثر رجال الإنقاذ على ورقة دعاء لطالب بين حطام طائرة بوينج المنكوبة فى طهران، حيث كتب طالب إيرانى أدعية طالبًا من الله المساعدة فى الامتحانات المقبلة، وفقًا لموقع "سبوتنيك".
أخر سيلفى لمذيعة إيرانية وابنتها قبل سقوط الطائرة الأوكرانية
إلى جانب هذا انضمت فاليريا أوفتشاروك مضيفة جوية وإحدى أفراد طاقم العمل على متن الطائرة الأوكرانية المنكوبة، إلى قائمة القصص المؤثرة لضحايا الطائرة، حيث تداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعى آخر ما كتبته المضيفة الجوية وصور لها متأثرين بما كتبته عن حبها لعملها، حيث كتبت "عملى.. أنا أحبك"، وهى الجملة التى علقت بها على صور التقطتها أثناء رحلة لها مؤخرا فى تايلاند، ما تسبب فى تعاطف عدد كبير من رواد مواقع التواصل بعد وفاتها وكتبوا العديد من التعليقات للمضيفة الفقيدة على صورها وآخر منشور لها.
وكتبت إحدى السيدات تعليقًا خاطبت فيه المضيفة الفقيدة، قائلة: "فليكن التراب لك سريرا ناعمًا.. على الرغم من أنك لن ترى ما نكتبه"، وتركت لها أخرى رسالة تقول: "أرقدى بسلام أيها الملاك"، كما كتب متابع آخر تعليقا قال فيه: "إنه لأمر فظيع، أن ندرك أن المرء قد رحل"، فى حين خاطبها أحد المتابعين قائلا: "يا فتاتى نحن لا نعرفك، لكننا نأمل أن تكونى بخير، هناك فى السماوات".
المذيعة الإيرانية وابنتها ضمن ضحايا الطائرة الأوكرانية
ووفق "روسيا اليوم"، ذكرت مواقع أوكرانية، أن فاليريا أوفتشاروك ولدت فى منطقة لوجانسك شرق البلاد، ودرست فى كلية السكك الحديدية، وفى وقت لاحق، تخرجت فى معهد الطيران، وانتقلت إلى العاصمة كييف فى عام 2015، حيث عملت مضيفة جوية واقترنت بأحد الطيارين.
إضافة إلى هذا فقد تداول نشطاء إيرانيون على موقع التواصل الاجتماعى تويتر مقطع فيديو لضحايا الطائرة الأوكرانية، وكان بينهم عروسين تزوجا منذ شهرين فقط، وأطفال ونخب إيرانية تعيش خارج إيران، وقد كان بين الضحايا 14 طالبًا إيرانيًا من طلاب جامعة شريف الصناعية، كانوا ضمن الضحايا، والذين لم يتبق منهم سوى بعض الكتب، إلى جانب الدمى الصغيرة التى كانت برفقة الأطفال الصغار المسافرين مع أسرهم، ليختلط فى هذا الحادث الدم بألعاب الأطفال والكتب الدراسية للطلاب.
المضيفة ضحية الطائرة الأوكرانية المنكوبة
ويضاف لتلك القصص أيضًا، آخر سيلفى لمذيعة إيرانية مع ابنتها، حيث نشرت صديقة للمذيعة الإيرانية سحر حاججو، آخر صورة للضحية، التقطتها على مقاعد الطائرة الأوكرانية قبل الإقلاع بلحظات، وهى فى طريقها إلى تورنتو بكندا، وكتبت سحر لوالدها رسالة: "لم تقلع الطائرة بعد.. تأخرت 30 دقيقة"، والتقطت بعدها سلفى مع ابنتها وهما تبتسمان، وكتبت بعدها "أقلعنا الآن" ليرد والدها بالقول: "جيد"، ويشار إلى أن سحر وزوجها وابنتهما ذهبوا فى إجارة لعدة أسابيع إلى إيران، لزيارة العائلة، لكنه عاد قبل أسبوع، للالتحاق بعمله وبقيت هى وإلسا.
ويذكر أن التلفزيون الحكومى الإيراني، كان قد أفاد بأن كل من كان على متن طائرة أوكرانية تحطمت بالقرب من العاصمة الإيرانية، طهران، مات، وقال التقرير إن الطائرة أقلعت من مطار الإمام الخمينى الدولى ونزلت فى أرض زراعية خارج المدينة، فيما قال رئيس قسم الطوارئ فى إيران، إن هناك 179 راكباً وطاقمًا على متن الطائرة المحطمة، من بينهم 147 إيرانيًا و32 أجنبيًا، ويعتقد أن عددًا من الركاب ربما يحملون جنسية مزدوجة.
دمى الأطفال ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة
كتب الطلاب ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة
وفى البداية، ألقت السلطات الإيرانية باللوم على مشكلة ميكانيكية فى الحادث الذى وقع بعد ساعات قليلة من إطلاق إيران لهجوم صاروخى باليستى يستهدف قاعدتين فى العراق تضم القوات الأمريكية، وقال التلفزيون الحكومى، إن الهجوم الصاروخى شن ردا على مقتل القائد الأعلى الإيرانى قاسم سليمانى الأسبوع الماضى.
لكن عادت سفارة أوكرانيا فى طهران الآن عن هذا الادعاء، قائلة إن بيانها السابق حول الحادث الذى وقع بسبب عطل ميكانيكى لم يكن رسميًا، ومن غير الواضح ما إذا كان الحادث مرتبطًا بالمواجهة الإيرانية الأمريكية، وجاء هذا التعليق بعدما ظهرت صور مفجعة على الإنترنت من تحت حطام الطائرة التى تظهر ألعاب الأطفال والكتب المتناثرة بجانب أكياس الجثث، وقد تم إرسال فرق الإنقاذ إلى المنطقة بالقرب من المطار حيث تحطمت الطائرة، وصرح رئيس الهلال الأحمر الإيرانى لوسائل الإعلام الحكومية – حينها - بأنه "من المستحيل" على أى شخص أن ينجو من الحادث.
حطام الطائرة الأوكرانية المنكوبة فى إيران