على مدار 50 عاما ظل فيها السلطان الراحل قابوس بن سعيد، على رأس السلطنة العمانية، وحاول أن يعيد جزء من إمبراطورية أجداده المجيدة، وحافظ على استقرار بلاده رغم كل النزاعات التي شهدتها المنطقة فى تلك الفترة، كما كان له دور كبير فى الحفاظ على علاقته الجيدة بكل دول المنطقة وعلى رأسها مصر.
ورحل السلطان قابوس بن سعيد عن عمر ناهز 79 عاما، وهو السلطان التاسع لسلطنة عُمان ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، والخارجية، والمالية، وحاكم البنك المركزى، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والحاكم الثانى عشر لأسرة آل بو سعيد، إذ كان يطلق على الحاكم لقب إمام قبل أن يطلق عليه لقب سلطان، يعد صاحب أطول فترة حكم من بين الحكام العرب والثالث في العالم حتى وفاته.
وشهدت سلطنة عمان فى تاريخها قيام إمبرطورية عظيمة مترامية الأطراف، عرفت بالقوة والسطوة، وصلت للنزاع فى كبار القوى الأوروبية فى وقتها.
وبحسب "الديمقراطية الخليجية: إنجازات وإخفاقات" للدكتور محمد صادق إسماعيل، تشير الدراسات التاريخية إلى الصالات العديدة بين الحضارة العمانية وحضارة الشرق القديمة فى الصين والهند وبلاد ما بين النهرين فضلا عن الصلات مع حضارات شرق البحر المتوسط، ووادى النيل وشمال أفريقيا، وتؤكد الحفريات التى أجريت فى ولاية صحار إن صناعة تعدين وصهر النحاس من الصناعات الرئيسية فى عمان قبل الميلاد بألفى عام.
وقد شكلت عمان على امتداد التاريخ مركزا حضاريا نشطا تقاعل مع مراكز لحضارة فى العالم القديم، وكانت واحدة من المراكز الحيوية على طريق الحرير بين الشرق والغرب، حيث كانت من أكثر المراكز التجارية ازدهاره فى المحيط الهندى حتى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، وتفاعلت بقوة مع محيطها وامتدت علاقاتها إلى مختلف القوى الدولية.
وفى أوائل القرن السادس عشر وتحديدا فى عام 1507، استطاع البرتغاليون أن يسيطروا على أجزاء كبيرة من السواحل العمانية وذلك بعد مقاومة شديدة من العمانيين، وبرغم طبيعة الأوضاع الداخلية فى عمان فى ذلك الوقت إلا إن البرتغاليين أو غيرهم لم يستطيعوا تجاوز بعض المناطق الساحلية المحدودة، إلا أن البرتغاليين وغيرهم من لم يستطيعوا تجاوز المناطق الساحلية المحدودة وظلت مناطق الداخل فى عمان بمثابة العمق الاستراتيجى.
ويمثل تولى الإمام ناصر بن مرشد إماما على عمان فى عام 1624، بداية حكم اليعاربة، وقد تمكن الإمام ناصر بن مرشد من خلال توحيد البلاد تحت قيادته للمرة الأولى منذ سنوات عديدة وعبر تجهيز أسطول بحرى قوى تمكن من تقليص نفوذ البرتغاليين وتحرير بعض المدن الساحلية منهم.
وواصل الإمام سلطان بن سيف هذه المهمة فى مطاردة البرتغاليين خاصة وأنه توفرت له الكثير من عناصر القوة المادية والعسكرية حتى تم تحرير مسقط عام 1650، وهو ما كان إيذانا بإفول نجم البرتغاليين من منطقة الخليج ككل، بل وقامت القوات العمانية بمطاردة البرتغاليين إلى سواحل الهند وشرق أفريقيا وتمثل مبايعة الإمام أحمد بن سعيد الذى كان واليا على صحار وما حولها عام 1744، بداية لحقبة جديدة من التاريخ العمانى، حيث أسس الدولة البوسعيدية من إعادة توحيد البلاد وإخماد الفتن الداخلية، وإنشاء قوة بحرية كبيرة إلى جانب أسطول تجارى ضخم.
وبعد وفاة الإمام أحمد بن سعيد، قام خلفاؤه ببناء إمبرطورية عمانية كبيرة امتدت لتشمل مناطق عديدة شرق أفريقيا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد فرضت هذه الإمبرطورية وجودها البحرى فى المحيط الهندى، وأقامت علاقات سياسية متوازنة مع القوى العظمى فى ذلك الوقت، خاصة بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
وبعد وفاة الإمام سعيد بن أحمد بن سعيد، عام 1856م، كانت نقطة تحول خطيرة في تاريخ هذه الإمبراطورية العملاقة، حيث إنقسمت إلى دولتين القسم الإفريقي أي زنجبار فقد أصبح تحت سلطة السيد ماجد بن سعيد أما القسم الآسيوي فتولى حكمه السيد ثويني بن سعيد الذي كان ينوب عن والده في حكم عمان منذ عام 1833م.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة