نظمت مفوضية اللغة العربية بجامعة القاهرة بإشراف الدكتور محمد عثمان الخشت ورئاسة الدكتور عبد الله التطاوى المستشار الثقافى لرئيس الجامعة، أولى اجتماعاتها لمناقشة محاور مبادرة تطوير اللغة العربية التي دعا إليها الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، وتطبيق محاور المبادرة من خلال تعاون الكليات والأقسام العلمي، المخلتفة داخل الجامعة.
وتضم مفوضية اللغة العربية فى عضويتها كل من الدكتور أحمد درويش مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة والأستاذ بكلية دار العلوم، والدكتور جمال الشاذلى عميد كلية الآداب، والدكتور معتز عبد الله مساعد رئيس الجامعة، ومجموعة من العمداء الممثلين للقطاعات العلمية بالجامعة.
وناقش أعضاء المفوضية، خلال الاجتماع، أهمية صدور مشروع الكفاءة اللغوية من خلال تدريس اللغة الوظيفية وأسس التحرير اللغوى للأبحاث والرسائل العلمية مع التأكيد على ضرورة حصول المتقدم للتسجيل لدرجتى الماجستير أو الدكتوراه على شهادة الكفاءة اللغوية العربية، كما ناقش الأعضاء سبل تمكين اللغة العربية وإعلاء شأنها بين أبناء الجامعة من خلال إلزام الأساتذة فى الدراسات الأدبية واللغوية والاجتماعية والإنسانية التحدث بالفصحى الميسرة بعيدًا عن التكلف اللغوى.
وتطرق الاجتماع إلى أهمية الانطلاق من البعد القومى والسياسى للغة ودورها فى إعداد الكوادر القيادية والسياسية بما يضمن احترام الهوية الوطنية من خلال قياس الكفاءة والمهارات اللغوية عند التقدم للوظائف العليا لضمان الحل الأمثل لصحة اللغة فى التحدث والكتابة والفهم والتحليل والمتابعة، وذلك لتجنب الأخطاء الشائعة في المكاتبات الإدارية.
كما ناقش أعضاء المفوضية، دراسة وضعية قناة جامعة القاهرة التى تتبنى برامج التعليم المدمج لتحويل بعض برامجها اليومية لخدمة اللغة العربية من خلال إعداد مرصد يتابع الحالة اللغوية داخل الجامعة، والندوات، والمحاضرات، بالإضافة إلى متابعة الأنشطة والمسابقات الثقافية والبحوث الطلابية، إلى جانب إعداد فواصل شعرية بين برامجها، وإعداد دراسات إعلامية حول اللغة المعاصرة وسبل تيسيرها للناشئة.
ومن جانبه قال الدكتور محمد الخشت أن المبادرة تأتى فى إطار تطوير العقل المصرى بوصف اللغة صورة الفكر وبدون نمو اللغة لا يمكن أن ينمو الفكر، ومن المؤكد أن اللغة القديمة بحاجة للتطور حتى تواكب تطور العلوم والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مضيفا أننا فى الجامعة نحرص على تطوير اللغة العربية والوصول إلى رؤى جديدة بما يمثل خطوة مهمة نحو نهضة فكرية حقيقية تبتعد عن طرق التفكير التقليدية.
وأضاف الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة ، إن كل المحاولات المعاصرة لتطوير اللغة العربية وتمكينها من السيادة على أرضها، فشلت لأسباب كثيرة، ومن أهمها العجز العام الذى نعانى منه عن التطوير والتقدم فى كل المجالات، وغياب المعنى الحقيقى للتجديد، والانفصال عن الواقع، وعدم الاستفادة من دروس نشوء وتطور لغات أخرى أصبحت لها السيادة، والخروج من التاريخ المعاصر فى العلوم والثقافة.
وتابع الخشت: من أسباب الفشل فى تطوير اللغة أن أهل الحرف يعتقدون فى قدسية اللغة القديمة وأنها أزلية أبدية، ويتصورون أن اللغة غاية وليست وسيلة، وسط تصورات وأفكار خاطئة عن طبيعة اللغة ووظيفتها، وظلت اللغة عندنا فى شكلها القديم غير قادرة على مواكبة طرق الكتابة والحديث فى العالم المعاصر، وفشلنا فى تخريج مؤلفين ومدرسين يملكون المهارات لإيصال اللغة للناس، ولا نزال نصر على تدريس كل شئ وحشو عقول الطلاب بالمعلومات والقواعد، فتكون النتيجة لا شيء؟!
وعن مسارات العمل فى مبادرة تطوير اللغة العربية التى اطلقها الخشت ، قال رئيس جامعة القاهرة إن المسارات التي سوف تعمل مبادرتنا عليها، تتمثل فى صناعة معجم عربى معاصر شامل مرن يقبل النمو المستمر، ووضع معالم لاستراتيجية محددة المنهج لعمليات التعريب، ووضع معالم لاستراتيجية محددة المنهج لعمليات إدخال مفردات اللهجات المحلية والعامية إلى العربية.
وأكد رئيس جامعة القاهرة أن من ضمن المسارات أيضا العكوف على النظر فى تبسيط قواعد اللغة وحذف مالا يلزم منها، وأحد معايير ذلك عدم تأثيره على المعنى، فكل ما لا يؤثر على المعنى لا داعى له، تخليصا للغة من تعقيدات لا لزوم لها، و تغيير طريقة تعلم العربية من حفظ القواعد إلى الممارسة، فالأقدمون كانوا يمارسون اللغة، والعرب الأوائل لم يكن يعرفون قواعد النحو، ودراسة تبسيط طريقة كتابة اللغة العربية، و تدريس الحد الأدنى الذى يستقيم معه اللسان وطريقة الكتابة.
واستطرد رئيس جامعة القاهرة: المبادرة ستعمل أيضا على دراسة الأسباب النفسية لانصراف الأغلبية عن محاولة إتقان العربية، وكيفية علاجها، وضع امتحان دولى لقياس إجادة الحد المقبول اللغة العربية للتواصل، على غرار امتحان TOEFL و IELTS في اللغة الإنجليزية، وامتحان HSK في اللغة الصينية، وامتحان DELF فى اللغة الفرنسية، والنظر فى شرط اجتيازه للالتحاق بالدراسات العليا، أو التعيين فى الوظائف التي تقتضى هذا، موضحا أنه يجب قياس المستوى المعقول فى حدود المعايير الدولية، والاستفادة من معايير تلك الامتحانات الدولية، وليس قياس قدرات سيبويه.
وشدد رئيس جامعة القاهرة على ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية فى تعليم اللغة الأم فى التعليم قبل الجامعي لتلك البلدان، فى تصميم المناهج وطرق التعليم،و التدريب المستمر للمعلمين على الطرق الحديثة فى التدريس، و وضع اختبار معرفي موحد للمعلمين لابد من اجتيازه قبل العمل بتدريس اللغة العربية، ووضع منهج معياري لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
وبدوره قال الدكتور عبد الله التطاوى رئيس مفوضية جامعة القاهرة لتطوير اللغة العربية، إن الاجتماع التمهيدى للمفوضية ناقش دراسة قواعد النحو العربى المبسطة من خلال نصوص وطنية وقومية تؤسس لمفاهيم المواطنة والانتماء القومى مع احترام خصوصية الثقافة فى كل بلد عربى واختيار أفضل المواد الإبداعية التى تثرى الذوق ووجدان متعلمى اللغة ومعلميها، مؤكدًا ضرورة مرور الباحثين بدورة تدريبية فى التحرير العلمى وأصول الكتابة بالعربية قبل التخرج من الجامعة وإعداد متطلب جامعى ومتطلب كلية فى اللغة القومية على غرار متطلب التفكير النقدى وريادة الأعمال.