سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 يناير 1973.. هيكل يرفض نشر قصيدة «إلى جمال عبد الناصر» لصلاح جاهين.. وأزمة بسبب نشرها فى مجلة «الشباب» وإقالة هيئة تحريرها برئاسة رجاء النقاش

الأربعاء، 15 يناير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 يناير 1973.. هيكل يرفض نشر قصيدة «إلى جمال عبد الناصر» لصلاح جاهين.. وأزمة بسبب نشرها فى مجلة «الشباب» وإقالة هيئة تحريرها برئاسة رجاء النقاش الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتذر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير«الأهرام»، للفنان صلاح جاهين عن عدم نشر قصيدة قصيرة فى الذكرى 55 لميلاد جمال عبدالناصر، فنشرتها مجلة الشباب فى عددها الأول يوم 15 يناير، مثل هذا اليوم 1973، لكن أزمة سياسية كبيرة هبت بسبب نشر القصيدة، حسبما تذكر جريدة «الأخبار-القاهرة» فى عددها الخاص عن مئوية ميلاد جمال عبدالناصر «15 يناير 2018».
 
 كان «جاهين» ينشر أشعاره ويقدم كاريكاتيره اليومى فى «الأهرام» منذ عام 1962.. يؤكد هيكل فى حوار له بجريدة «الخليج - الإمارات»: «صلاح جاهين فنان لا يتكرر فهو شاعر وممثل وكاتب سينمائى، ورسام كاريكاتير عبقرى، ومثل هذا الفنان كان لابد أن يكون موجودا فى الأهرام، ويكفى أنه رسام الكاريكاتير الوحيد الذى لم يكن يذهب إلى رئيس تحريره للبحث عن أفكار لرسوماته».
 
انطلق إبداع جاهين مؤيدا لثورة 23 يوليو 1952 وعبدالناصر، وأبدع أغانيه الوطنية لهذه المرحلة، وكانت صدمته الهائلة فى نكسة 5 يونيو 1967 ثم وفاة عبد الناصر «28 سبتمبر 1970».. قال فى مقدمة ديوانه «أنغام سبتمبرية»، إنه اختار اسم الديوان.. «ربما لأن عواطفى تعودت أن تجيش فى سبتمبر من كل عام، منذ أن كان الفيضان يأتى فى هذا الشهر محملا بعطر كان يملؤنى بنشوة عجيبة ورغبة خفية فى الارتواء والاحتواء، أو ربما لأن عبدالناصر مات كمدا فى سبتمبر».
 
يجمع «جاهين» في «أنغام سبتمبرية» عددا من قصائده منها «صورة» التى غناها عبدالحليم حافظ ولحنها كمال الطويل، و«عناوين جرانين المستقبل» و«الدرس انتهى» وقصيدته «أمر الله» فى ذكرى وفاة عبد الناصر الأولى، ويقول فيها: «حتى الرسول مات وأمر الله لابد يكون/بس الفراق صعب وإحنا شعب قلبه حنون/وحشتنا نظرة عيونك للبلد ياجمال/والحزم والعزم فيها وحبها المكنون/وحشتنا عبسة جبينك وانت بتفكر/ونبرتك وانت بتعلمنا وتفسر/ وبسمة الود لما تواجه الملايين/ وقبضة اليد لما تدق ع المنبر».. يؤكد فى مقدمة الديوان: «أشهد أنى لم أكتب شطرة منه طمعا فى شىء أوخوفا من شىء». 
 
فى ذكرى مولد جمال عبدالناصر 15 يناير 1973، كتب جاهين قصيدته التى رفضها هيكل: «إلى الرئيس جمال عبدالناصر/العنوان: قلب قلب قلب مصر/ فى ذكرى يوم مولدك/ بنؤيدك/ يا أيها المصرى العظيم/ وبنوعدك مهما غبت/ حنوجدك/ ومهما مت/ مصر ح ترجع/ مرة تانية/ تولدك/الراسل/شعب مصر».
 
 كانت علاقة هيكل بالسادات وقتئذ تشهد شدا وجذبا، وانتهت بإقالة هيكل من رئاسة تحرير الأهرام 2 فبراير 1974، وكانت الأجواء السياسية تشهد خطوات لافتة، أبرزها قرار السادات بالإفراج عن قادة الإخوان المسجونين، ويشير الدكتور محمود جامع فى كتابه «عرفت السادات»، إلى دوره كوسيط فى هذا الأمر، بالإضافة إلى لقاءات باستراحة الرئاسة بالإسكندرية فى صيف 1971 بين السادات وعدد من قادة الجماعة فى الخارج بينهم سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا، وأقدم السادات على خطوة أخرى وهى، طرد الخبراء السوفيت يوم 8 يوليو 1972، وزاد نفوذ قيادات تتبنى سياسة إفساح المجال للإخوان لمواجهة الناصريين واليساريين.. كان كل ذلك مؤشرا أمام هيكل بأن هناك انقلابا قادما على عبدالناصر وسياساته، فرأى عدم نشر قصيدة جاهين، غير أن مجلة «الشباب» فعلت العكس.
 
تذكر «الأخبار» أن أمانة الشباب فى الاتحاد الاشتراكى «التنظيم السياسى الوحيد» قررت إصدار «الشباب» يوم 15 يناير 1973 ذكرى ميلاد جمال عبدالناصر، واختار أمين الشباب ووزير الإعلام الدكتور أحمد أبوالمجد، الكاتب والناقد رجاء النقاش لرئاسة التحرير، واختار «النقاش» أسرة تحرير فيها «محمود دياب» الكاتب المسرحى، والدكتور فاروق أبوزيد أستاذ الإعلام، وعادل حمودة، ومحمد جبر، وحسنين كروم، ومحمد بركات، وحسين العشى، سكرتيرا للتحرير.
 
عرف«النقاش» بأمر القصيدة التى كتبها «جاهين»، فذهب إليه فى بيته، وطلبها منه لنشرها، ورغم تعجب جاهين من أن مجلة جديدة تعتزم نشر قصيدة رفضها هيكل بكل نفوذه، إلا أنه سلمها له، وفى «15 يناير 1973» صدر العدد الأول بغلاف صورة ملونة لعبدالناصر، وهو يخطب ملوحاً بيده وتحتها كلمته: «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وكانت القصيدة على صفحتها الثالثة.
 
هبت العاصفة، وتزعمها محمد عثمان إسماعيل أمين التنظيم بالاتحاد الاشتراكى، الذى كان يقوم فى نفس الوقت بدوره الذى تدفع مصر ثمنه حتى الآن، ويشهد عليه اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية الأسبق فى مذكراته: «كانت الخطوة الأولى التى اتخذها السادات بعد صدامه مع مجموعة ما أطلق عليهم «مراكز القوى» فى 15 مايو 1971 هى إعطاء الضوء الأخضر لتشكيل ما يسمى بالجماعات الإسلامية فى الجامعات، واستمر بعد ذلك نموها، وامتد نشاطها إلى كثير من القرى والمدن».. يؤكد: «بدأت أمانة التنظيم فى الاتحاد الاشتراكى بقيادة محمد عثمان إسماعيل فى إنشاء ودعم تلك الجماعات التى بدأت تأسيس وتنظيم تشكيلاتها فى الكليات الجامعية المختلفة، مستخدمة جميع الإمكانيات والأساليب حتى وصل الأمر إلى حد دفعها إلى الصدام مع العناصر الماركسية واليسارية فى أى مناسبة يتاح لها أن تختلق مثل هذا الصدام».
 
تعامل «إسماعيل» مع قصيدة «جاهين» والعدد الأول من «الشباب» على أنها تفسد طبخته المسمومة، فقاد الهجوم على المجلة، ورغم دفاع «أبوالمجد» إلا أنه اضطر إلى استبعاد «النقاش» وأسرة التحرير بالكامل.
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة