تركيا والكنيسة الأرمنية.. أغلال الدكتاتور تقيد الجميع.. فورين بوليسى ترصد "الكتاب الأسود" للعثمانيين مع الأقليات.. ضغوط الأتراك جمدت الانتخابات الكنسية رغم مرض البابا منذ 2008.. وتدخلات الأمن أثارت الانقسامات

الخميس، 16 يناير 2020 03:00 ص
تركيا والكنيسة الأرمنية.. أغلال الدكتاتور تقيد الجميع.. فورين بوليسى ترصد "الكتاب الأسود" للعثمانيين مع الأقليات.. ضغوط الأتراك جمدت الانتخابات الكنسية رغم مرض البابا منذ 2008.. وتدخلات الأمن أثارت الانقسامات أردوغان والأرمن عداء مستمر
كتبت:نهال طارق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مجازر تاريخية وانتهاكات مستمرة، بهذه العبارة يمكن وصف العلاقة بين تركيا والأرمن، فمنذ عمليات الإبادة الجماعية التى وقعت خلال الفترة ما بين 1915 وحتى 1923، والتى راح ضحيتها مليون ونصف المليون شخص، لم تتوقف الانتهاكات لتواصل الأقلية الأرمنية وكنيستها فى تركيا دفع الثمن لجرائم العثمانيين الجدد والدكتاتور التركى رجب طيب أردوغان.

الضغوط التى تعرضت لها الكنيسة الأرمنية فى تركيا، تحدثت عنها مجلة فورين بوليسي فى تقرير لها، مشيرة إلى أن الكنيسة تم إرغامه على عدم اجراء انتخابات رغم مرض البابا منذ عام 2008، وعدم قدرته على ممارسة مهامه ليستمر الوضع كما هو عليه لحين وفاة البطريرك الأرمنى فى مارس الماضى، ليتم اجراء الانتخابات ولكن بعد تعديلات حملت تدخلاً سافراً فى شئون الكنيسة.

وقالت فورين بوليسي فى تقريرها، إنه منذ موافقة الكونجرس الأمريكى على قرار بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن واحياء ذكرى مقتل ما يقدر بنحو مليون ونصف المليون أرمنى على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الفترة من عام 1915 الى 1923، لم يتبدل الأمر داخل تركيا بل واصل النظام التركى تجاوزاته.

 

وبحسب التقرير ، جاءت الانتخابات الباباوية متأخرة 11 عامًا وشهدت تدخلاً قاسيًا من الحكومة التركية التي أثارت غضبها على نحو متزايد من القائمة المتزايدة للدول التي تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن، وفي اليوم السابق لقرار الكونجرس.

وأشارت فورين بوليسي فى تقريرها إلى أن بطريركية الأرمن في إسطنبول تمتعت بالحكم الذاتي النسبي في ظل النظام العثماني حيث وفرت الكنيسة القيادة الروحية والمدنية لأعضائها، إلى أن أدخل قانون عثماني في عام 1863 المشاركة العلمانية في شؤون الكنيسة، وكان مرسوم الحكومة التركية لعام 1951 الذي يحكم الانتخابات الباباوية يقدم مبادئ توجيهية غامضة بشأن كيفية انتخاب المندوبين الذين اختارهم أعضاء عاديون والمجلس الروحاني للبطريرك.

وبحسب التقرير توفي البطريرك الأرمني السابق لتركيا في مارس 2019 لكنه لم يكن قادرًا على أداء واجبات القيادة منذ عام 2008 بسبب امراض الشيخوخة مما دفع جماعة أرمينية بالتقدم بالتماس الى وزارة الداخلية التركية في يناير 2010 لانتخاب بطريرك جديد.

وجاء رد الحكومة بعد ستة أشهر بأنه لا يوجد أساس قانوني للانتخابات، لأن البطريرك الحالي لا يزال حياً ودعا بدلاً من ذلك إلى إنشاء منصب "نائب البطريرك العام"، مستفيدًا من الانقسامات داخل المجتمع الأرمني لإدراج نفسها بحزم في شؤون الكنيسة وتولى رئيس الأساقفة آرام أتيسيان، الذي اعتبرته الحكومة التركية أكثر تقبلا لسياساتها هذا الدور.

وانتخب المجلس الروحاني رئيس الأساقفة كاركين بكجيان مدير مؤقت مسؤول عن إجراء انتخاب بطريرك جديد وفي خلال دقائق أصدر اتيسيان مذكرة من حاكم اسطنبول تعارض الانتخابات لأنها قد "تسبب اضطرابات وانقسامات في المجتمع"، وبعدها أخطرت الحكومة التركية البطريركية بأن السلطات التركية لم تعترف بكجيان وما زال ينظر إلى أتيسيان كنائب عام.

وقالت فورين بوليسي إن المكانة القانونية غير المؤكدة للكنيسة الرسولية تؤدي إلى تفاقم مشاكل الجالية الأرمنية وتسهيل قدرة الحكومة التركية على التدخل في شؤونها واستغلال الانقسامات.

يذكر أن معاهدة لوزان الموقعة قبل تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923 ضمنت الحقوق المتساوية لأرمن البلاد والأقليات الأخرى غير المسلمة ولكن دون وضع قانوني وعاملت الحكومات التركية الاقليات الدينية في البلاد بتعسف ومنعت هيئاتها الدينية من الحصول على وضع قانوني ، وهو ما انتقدته لجنة الحريات الدينية الدولية في الولايات المتحدة باستمرار في تقاريرها السنوية.

كما منعت الحكومة التركية مؤسسات الأقليات منذ عام 2013 من انتخاب أعضاء مجلس إدارة جدد مما أضعف المؤسسات الحيوية لإدارة الشؤون اليومية في غياب الوضع القانوني للمجتمعات الدينية نفسها وعلى مر السنين أتقن رجب طيب أردوغان فن التأرجح بين معاملة كبش فداء والمعاملة الخيرية للأقليات كجزء من استراتيجيته المتمثلة في استخدام الأقليات لتعزيز سياساته في الداخل والخارج.

واضطرت أنقرة إلى السماح بإجراء الانتخابات بعد وفاة البطريرك الارمني السابق في مارس الماضي ولكنها أدخلت لائحة في اللحظة الأخيرة جعلت العديد من المرشحين غير مؤهلين على أساس أنهم خدموا في الخارج مما حصر قائمة المرشحين إلى اثنين مما دفع العديد الى مقاطعة الانتخابات من ضمنهم جارو بايلان، أحد المشرعين الأرمن في تركيا.

ومثل العديد من الأقليات الدينية الأخرى، كانوا يأملون في السنوات الأولى من قيادة أردوغان لأنه وعد بفتح نظام علماني لتركيا من خلال "التسامح" المستوحى من العهد العثماني.

وعلى الرغم من اعتماد أردوغان المتزايد على القوميين المتطرفين في تركيا من أجل بقائه السياسي منذ عام 2015، إلا أنه لم يستغني عن تواصله مع الارمن في يوم رحيل البطريرك السابق قام بالتغريد باللغة الأرمنية الغربية ينعيه وقدم التعازي للأرمن.

وبعد ستة أسابيع فقط ، في 24 أبريل اظهر أردوغان وجهه السيء حيث صرح علنًا أن السياسة العثمانية لعام 1915 المتمثلة في نقل "العصابات الأرمينية وأنصارها كانت أكثر الإجراءات منطقية".

ووفقا للتقرير فإن علاقات تركيا بالأرمن في الداخل والخارج تمس قضايا عميقة الجذور وهي الشرعية والهوية الوطنية وسيتطلب حل هذه القضايا وصولًا حقيقيًا للأرمن على الصعيدين الحكومي والمجتمعي ومع ذلك، ستكون هناك خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح هي الاعتراف بالوضع القانوني للأرمن وكذلك لليونانيين واليهود والأقليات الدينية الأخرى في تركيا - والسماح لهذه المجتمعات بانتخاب قادة حسب ما يرونه مناسباً.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة