انسحب المتظاهرون اللبنانيون من منطقة المواجهة المحتدمة أمام الممر الرئيسي المؤدي إلى مقر مجلس النواب بوسط العاصمة بيروت، بعدما بدأت تشكيلات القوى الأمنية وقوات مكافحة الشغب مدعومة من الجيش اللبناني في التقدم ودفع المتظاهرين للابتعاد وحملهم على التفرق تحت غطاء من القنابل المسيلة للدموع، والتي أُطلقت بعد قرابة 5 ساعات من اندلاع الاشتباكات.
وبدا واضحا أن أعمال التخريب الواسعة، والتي انطوى بعضها على سلب ونهب لبعض المحال والمؤسسات التجارية في منطقة وسط بيروت التجاري من قبل مجموعات من المتجمهرين، قد ساهمت في اتخاذ القرار من قبل القوى الأمنية والعسكرية، بترك الحالة الدفاعية التي امتدت لقرابة 5 ساعات متصلة، والانتقال إلى مرحلة التقدم لإيقاف الشغب الذي تشهده بيروت.
وكانت القوى الأمنية، من عناصر جهاز قوى الأمن الداخلي (الشرطة) وقوات مكافحة الشغب وشرطة مجلس النواب، قد استخدمت تكتيكات مغايرة لما نفذته بالأمس منعا لتجدد تحويل شوارع بيروت إلى ساحة حرب وشغب واسعة، حيث أبقت نفسها في حالة دفاعية فقط على مدى أكثر من 4 ساعات امتصت خلالها الهجمات العنيف والحادة التي شنها المتظاهرون والمتجمهرون، وحصرتها في نقطة واحدة تتمثل في الممر الرئيسي المؤدي إلى مقر البرلمان بشارع بلدية بيروت.
وحاولت القوى الأمنية على مدى ساعات طويلة استخدم فيها المحتجون قنابل المولوتوف والرشق بالحجارة الكثيفة والعبوات المضغوطة التي تنبعث منها النيران وكذلك عبوات تحتوى الغاز المسيل للدموع وآلات حادة - استنزاف قوى المتجمهرين وغضبهم، حيث اكتفت القوات بالتحصن وراء الحاجز الأمني المُحاط بسياج حديدي مدعوم بشباك فولاذية وتلقي هجمات المتظاهرين، والرد عليها بين الحين والآخر عبر إطلاق الطلقات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع بصورة محدودة واستخدام خراطيم المياه ذات قوة الدفع الكبيرة.
ولم تُقابل قوات مكافحة الشغب المدعومة من الجيش اللبناني، لدى تقدمها لإيقاف الهجمات التي نفذها المتجمهرون، بمقاومة تُذكر، إذ ابتعد المتظاهرون سريعا إلى ساحة الشهداء ومنها إلى حدود منطقة الصيفي حيث مقر حزب الكتائب اللبنانية وتفرقت تجمعاتهم، كما ساهم التساقط الغزير للأمطار لاحقا في انحسار أعداد المتجمهرين.
واختفت مظاهر المواجهات المباشرة بين القوى الأمنية والمتظاهرين بصورة كاملة، وتمركزت تشكيلات مكافحة الشغب ومن ورائها الجيش اللبناني، عند المنطقة الفاصلة بين شارع بلدية بيروت وساحة الشهداء.
من ناحية أخرى، تبين أن عددا كبيرا من المحال التجارية ومراكز التسوق الشهيرة وبعض فروع البنوك في نطاق وسط بيروت، قد تعرضت لتحطيم واجهاتها ولافتاتها واقتحام بعضها وبعثرة وتهشيم محتوياتها، وفي بعض الأحيان سرقة تلك المحتويات وسلبها ونهبها.
وكانت أحداث توترات اليوم في وسط بيروت، قد بدأت بتجمع المتظاهرين عند الخامسة عصرا أمام الممر الرئيسي المؤدي إلى ساحة النجمة حيث مقر مجلس النواب، وترديدهم الهتافات التي ترفض تشكيل حكومة جديدة وفق منطق المحاصصة الطائفية والسياسية والمذهبية، وتمسكهم بتشكيل حكومة من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين، غير أنه عقب نصف ساعة فقط من التجمع اندلعت الاشتباكات بقيام مجموعات منهم بمهاجمة القوى الأمنية التي احتمت خلف الحاجز الأمني الحديدي دون تقدم تجاه المتظاهرين.