لعلها أضخم نزاع اقتصادى فى تاريخ مصر والمنطقة، ورغم أنه أمر متكرر أن تستقبل المحاكم آلاف المتنازعين على ملكية أراض أو حيازتها، لم يحدث من قبل أن يكون المتنازعون طرفين داخل الحكومة بينما المساحة تمثل حصة ضخمة من أراضى 3 محافظات، وبقيمة تقارب 3 تريليونات جنيه.
لا يمكن النظر إلى النزاع المحتدم بين وزارة الأوقاف ومحافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ باعتباره قضية اقتصادية فقط، وإنما هو أمر متصل بالتاريخ وطبيعة الوقف وقوانينه، وأصبح نزاعا حادا بعدما وصل إلى أروقة المحاكم، ويُمثل حسم الأمر ضربة كبرى لصالح طرف، لكنه فى الوقت نفسه سيكون ضربة قاسية على الآخر.
تفاصيل النزاع الذى تعيشه وزارة الأوقاف تخص ممتلكات تقارب نصف المليون فدان فى أفضل الأماكن ببعض محافظات شمال الدلتا، وتبلغ قيمتها أكثر من ضعفى الثروة التى تحوزها الوزارة حاليًا، ولا تتجاوز 256 ألف فدان بقيمة إجمالية تريليون و37 مليار جنيه. وبحسب أوراق النزاع فإن الأوقاف تختصم محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ فى ملكية 460 ألف فدان من أراضى الوقف، توقف استثمارها بسبب هذا الصراع، وتُعرف تلك المساحة الشاسعة بـ«وقف عبد المنان» بواقع 420 ألف فدان تشمل المنصورة الجديدة ومصيف جمصة وميناء دمياط ومصيف رأس البر وبحيرة غليون ومصيف بلطيم و55 ألف فدان فى الساحل الشمالى، كما يشمل النزاع ملكية وقف سيدى جابر الأنصارى بـ28 ألف فدان فى الساحل الشمالى، وسيدى سالم الأشعرى 3 آلاف فدان فى كفر الشيخ، وقولة بـ10 أفدنة فى البنوان.
وتشهد تلك النزاعات عددًا من المفارقات، بحسب مصدر تنفيذى متصل بالملف، منها رفع أقدم قضية وقف أمام المحاكم مع رفض وزارة الأوقاف المالكة للأرض تحرير محضر إثبات وضع يد لهيئة الأوقاف، التى تُعد ذراعها التنفيذية، لنزول الأرض وإدارتها بالتزامن مع استمرار التقاضى، كما تشمل المفارقات تداخل المحكمة الشرعية القديمة المنشأة سنة 1856، بينما توجد حجيات ملكية قبل إنشائها بثلاثة عقود، فضلًا عن لقاءات تسوية لرئيس هيئة الأوقاف بكفر الشيخ منذ قرابة سنة، شملت اتفاقًا لم يُنفذ حتى الآن بالاستفادة المشتركة من مساحة 55 ألف فدان فى الساحل الشمالى بصورة اقتصادية لصالح الدولة.
وقالت رئاسة هيئة الأوقاف إنها على وشك إنهاء الأزمة القائمة بموجب أحكام قضائية على وشك الصدور، بحسب مصادر داخل الهيئة، ما يعنى إثبات ملكيتها لكامل الأرض محل النزاع، إلى جانب العمل على تسوية الأزمة وديًا بغرض استغلال باقى المساحات وتشغيل الأراضى المعطلة فى شمال الدلتا والساحل الشمالى، خاصة أن تلك النزاعات ساهمت فى خسارة واضحة لكل الأطراف، فى ضوء استغلال المنتفعين بتلك المساحات للقضايا ورفضهم دفع قيمة الإيجار بحجة تعدد الجهات المدعية للملكية.
وتُقدر قيمة الأرض محل النزاع بقرابة 3 تريليونات جنيه، مع استثناء ميناء دمياط ومصايف جمصة ورأس البر وبلطيم وبحيرة غليون والمنصورة الجديدة من التقييم لارتفاع قيمتها وجدواها الاقتصادية. وقال مصدر متصل بالملف، إن الفيصل هو الاستفادة لصالح الدولة بتجاوز النزاع الصفرى الذى يُعطل اقتصادًا ضخمًا، مؤكدًا أن القرارات الجمهورية بإنشاء ميناء دمياط ومدينة المنصورة الجديدة تجاوزت الخلاف إلى الصالح العام، ولفت المصدر إلى أن الحل فى إنشاء صندوق وقفى واستغلاله تلك الأصول المعطلة منذ عشرات السنين، موضحًا فى الوقت نفسه أن هناك مساحات لا يمكن للأوقاف استعادة ملكيتها، مثل الموانئ والمصايف، لكن يُمكن استبدالها بمساحات أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة