تتمتع كل دولة ببعض اللمسات الفنية والإبداعية التى تميزها عن غيرها، فبمجرد أن تأتى صورة للشوارع وتصميم السيارات من دولة ما كالأتوبيس بدورين، تعرف تلقائيًا أنك أمام مشهد من مدينة الضباب لندن، أما باكستان فشوارعها اختارت أن تكون شاحنات النقل المارة بها بمثابة لوحات فنية تراثية تمشى على 4 عجلات.
أصحاب شاحنات فى باكستان يبالغون فى زخرفتها وتلوينها من الجهات الأربع، لتخطف الأنظار وتحوز إعجاب الجميع، الأمر الذى يجعلها حالة نادرة الوجود حول العالم تميز هذه الدولة الآسيوية، وهذه اللوحات الفنية المتحركة تستغرق أشهرًا لإنجازها، إذ تظل فى ورش مدن "تشنيوت" و"راولبندى" و"كراتشى" المشهورة بهذا العمل لأكثر من 3 أشهر تحت أيدى فنانى تلوين عربات النقل.
الشاحنات المزخرفة علامة تميز باكستان
ووفقًا لما نقلته "العين الإخبارية" عن موقع "باكستان نيوز"، يتكلف تلوين الشاحنة الواحدة نحو 6000 دولار أمريكى، وهو مبلغ ليس باليسير فى باكستان، لكن النتيجة النهائية تستحق، ويتخذ رسامو الشاحنات مصدر رسوماتهم من المناظر الطبيعية الخلابة فى وادى سوات الباكستانية والمناطق الشمالية، وكذا الطرق الجبلية الوعرة وما يتخللها من وديان وغابات وقرى مترامية على طول الطريق حتى أفغانستان، وكذا النساء المحجبات والأبطال السياسيون ونجوم السينما.
كما تحتل رسوم الطيور الجارحة مثل النسر والصقر والحيوانات المفترسة كالأسد والنمر مكانة خاصة فى هذا الفن، كإشارة إلى القوة والسرعة والمنافسة على الطرقات، فيما يحرص البعض الآخر على رسم الكعبة المشرفة والمسجد النبوى طلبا للبركة.
تلوين الشاحنات فى باكستان
تلوين الشاحنة الواحدة يتكلف نحو 6000 دولار أمريكي
يقول التقرير "الباكستانيون يعرفون صاحب الشاحنة قبل الاطلاع على لوحة أرقامها، والفضل فى ذلك يرجع للرسومات والنقوش التى تغطيها، فشاحنات إقليم خيبربختونخوا الواقعة شمال غرب باكستان عليها صورة امرأة مجنحة بجسد حصان، أما شاحنات إقليم البنجاب فتتميز بوضع رسومات لفنانات هذا الإقليم، بينما تتميز شاحنات إقليم بلوشستان بطغيان صور الزى التقليدى الخاص بهذا الإقليم ومواقعه الأثرية، وتغطى شاحنات إقليم السند رسومات لنساء سنديات بلباسهن التقليدى متزينات بحليهن المحلية".
وحسب الموقع الباكستانى، يبلغ عدد الشاحنات المزخرفة فى هذه الدولة أكثر من مليون شاحنة، جميعها مزينة حسب مدرسة الزخرفة التى تم العمل فيها، فيما تلحم سلاسل حديدية مختلفة الأشكال بأجزاء الشاحنة السفلية، حيث تكون عرضة لضربات الهواء، وهو ما يحدث أصواتا عالية جدا عند تحركها وكأن طائرة تحلق قرب المكان.
رسومات تجمل الشاحنات فى باكستان
رسومات دينية تزين الشاحنات فى باكستان
كما يحتل الشعر أولوية كبيرة عند معظم أصحاب الشاحنات الذين يتسابقون فى التدافع نحو الخطاطين المهرة، بعد انتهاء مرحلة الزخرفة ليخطوا لهم أبياتا وحكما مشهورة، ما يجعل من الشاحنة مرآة تعكس ثقافة المجتمع الباكستانى أينما تنقلت.
والملفت للنظر ما يقرأ على هذه الشاحنات من أقوال غريبة غير معروفة المصدر تتحدث عن علاقة هذه الشاحنات وسائقها بالموت على الطرقات، ومن هذه الأقوال "لا تقع فى حبنا نحن السائقين، فنحن غالبا ما نرحل بسرعة"، و"الموت أفضل من حياة تعيسة، على الأقل بإمكانك الحصول على نوم عميق"، وغيرها كثير من العبارات.
زخرفة الشاحنات فى باكستان
الشاحنات الطائرة، كما يسميها الباكستانيون، تحمل فى العادة 3 أضعاف حمولتها الرسمية، ويساعد تصميم جسمها الفريد على ذلك، إذ يستغل الحيز الموجود فوق مقصورة السائق كمساحة إضافية، وتعمل هذه الشاحنات المزودة بقوة دفع أمامية وخلفية فى كل مكان حتى فوق جبال "جلجت" شمال البلاد القريبة من جبال الهملايا.
وبسبب قدرة هذا النوع من الشاحنات على تخطى المناطق الجبلية وهى سمة جغرافية عامة فى باكستان، فإنها تلعب دورا حيويا فى خدمة الاقتصاد الباكستانى عبر نقل البضائع على المستوى المحلى من جهة والخارجى مع أفغانستان والصين من جهة أخرى، أما الولع الظاهر فى زخرفة الشاحنات فى باكستان لم يجعلها من أهم عناصر الغرابة فى البلاد وحسب، بل وفر أيضا فرص عمل لآلاف الباكستانيين وجعل من محلات زينة المركبات تجارة رابحة فى طول البلاد وعرضها.
زخرفة وشعارات تزن الشاحنات فى باكستان
شاحنة مزخرفة على طرقات باكستان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة