قال تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، تعليقا على استضافة لندن للقمة البريطانية الإفريقية 2020 أن أفريقيا هى القارة القادمة، حيث أنه من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها إلى مليارى شخص خلال العقود الثلاثة القادمة، وهذا النمو فرصة هائلة للأعمال والاستثمار ، ولكنه سيخلق أيضًا تحديات هائلة حول الاستدامة والبيئة.
وأضاف فى مقاله بصحيفة "الجارديان" تحت عنوان" يجب على بريطانيا فتح صفحة جديدة في علاقتها مع أفريقيا"، أن النمو الاقتصادى فى البلدان الأفريقية أدى إلى سباق عالمى من أجل التأثير والنفوذ، وبريطانيا لا تستطيع أن تتخلف إلى الوراء.
وأوضح أن التركيز على إفريقيا أمر أساسى، خاصة بالنسبة لبريطانيا ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وأكد أن قمة الاستثمار البريطانية - الأفريقية لعام 2020 يجب أن تكون مناسبة لفتح صفحة جديدة في علاقة بريطانيا بأفريقيا، وعلى الرغم من المبالغ الكبيرة من المساعدات التي تنفقها بريطانيا والبصمة السياسية والدبلوماسية القوية التي تتمتع بها في أفريقيا ، إلا أن الاستثمار يتخلف، وفقا لبلير.
وبين عامي 2014 و 2018، بلغت الاستثمارات البريطانية المباشرة في إفريقيا 17 مليار دولار (13 مليار جنيه إسترليني) ، أى أقل بكثير من 72 مليار دولار للصين، و34 مليار دولار لفرنسا، و 31 مليار دولار لأمريكا، و25 مليار دولار للإمارات العربية المتحدة. وهذا يحتاج إلى التغيير.
وأضاف قائلا أن فريقيا توفر فرصة هائلة للمملكة المتحدة للحفاظ على مكانتها الاقتصادية العالمية: حيث سيكون واحد من كل أربعة مستهلكين فى جميع أنحاء العالم أفريقيًا بحلول عام 2050، فى حين أن ثمانية من أسرع 15 اقتصادًا نموًا يوجد فى أفريقيا.
وتابع قائلا إن هناك منافسة جديدة للنفوذ في أفريقيا، فبعيدا عن الصين ووجودها القوى والموثق بشكل دائم، تعمل ألمانيا بشكل استباقى في تشجيع الاستثمار من قِبل الشركات المصنعة الكبرى - مثل SIEMENS و VOLKSWAGEN - في دول مثل رواندا وغانا.
كما تعمل فرنسا على تطوير علاقاتها مع أفريقيا إلى تلك التي تستثمر في إضافة القيمة المحلية، على سبيل المثال من خلال مشروع تصنيع القطار لشركة ألستوم في جنوب أفريقيا وخطط رينو الجديدة لمصنع فى غانا، ودول مثل الهند وتركيا وروسيا والبرازيل وهولندا وإسرائيل تعمل على زيادة الاستثمار والتجارة والتعاون الاقتصادى.
وأضاف بلير، "العديد من الحكومات الأفريقية حددت الاستثمار كأولوية تنموية لها، ستظل المستويات الحالية فى أفريقيا سببا "لفجوة في الوظائف" تصل إلى 50 مليون بحلول عام 2040"، لذا فهم يريدون التحول إلى الاستثمار الذى يخلق قيمة وفرص عمل في القارة، من خلال التصنيع والمعالجة الزراعية والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
واعتبر بلير، أن مؤتمر لندن يمثل فرصة لحكومة المملكة المتحدة لتغيير إطار علاقاتها بأفريقيا، إلى علاقة قائمة على التعاون الاقتصادى بدلاً من مجرد علاقة قائمة على المساعدات والمستفيدين من المانحين، في حين أن المعونة مهمة، يجب أن تتركز طبيعة العلاقة والمعونة نفسها بشكل متزايد على خطط البلدان الخاصة لتصنيعها، وبهذه الطريقة يمكننا أن نكون أكثر استجابة لطبقة القادة الناشئة في أفريقيا، الذين يعرفون أن مستقبل أفريقيا يكمن في أيدى الأفارقة.
وأضاف رئيس وزراء بريطانيا الأسبق أن هناك سوابق في عام 1959، قدمت حكومة المملكة المتحدة منحة لمالطا - حيث كانت التنمية في ذلك الوقت على قدم المساواة مع العديد من البلدان الأفريقية اليوم - بقيمة مذهلة تبلغ 43 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتم استخدام المنحة لتنفيذ سياسة صناعية قائمة على التصدير، تتمحور حول التصنيع وإصلاح السفن والسياحة، وطورت مجمعات صناعية، وبنت فنادق، وأنشأت مؤسسات تيسير للقطاع الخاص في الحكومة، وسهّلت جذب الاستثمار إلى البلاد.
وختم مقاله بالقول إن إقامة شراكات تعاون اقتصادي مع الدول الافريقية - مثل النسخ المطورة من تلك التى أطلقتها المملكة المتحدة في أواخر العام الماضي مع غانا - أمر ضرورى لدعم الحكومات لإصلاح الاختناقات وتيسير الاستثمار في قطاعات خلق فرص العمل. بينما تعيد المملكة المتحدة التفكير في مكانتها في العالم، يتعين على أفريقيا أن تكون في مقدمة خططها. إذا استطعنا استخدام قمة الاستثمار بين المملكة المتحدة وأفريقيا لتصبح شريكًا اقتصاديًا حقيقيًا للبلدان الأفريقية، فسيكون ذلك ذا فائدة استراتيجية كبيرة للقارة والمملكة المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة