سيطرت حالة من عدم اليقين حول مستقبل نمو الاقتصاد العالمي على تقرير صندوق النقد الصادر اليوم، حول آفاق الاقتصاد العالمي، وذلك في ضوء المخاوف المتعلقة بمستقبل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التوترات "الجغرافية-السياسية" بين الولايات المتحدة وإيران، وتأثيرها على المزاج الاقتصادي مستقبلا.
وعدل صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن النمو العالمي في تقريره الصادر اليوم الثلاثاء، حول آفاق الاقتصاد العالمي، متوقعا: أن يرتفع النمو العالمي من نحو 2.9% في 2019 إلى 3.3% في 2020 و3.4% في 2021، وهو ما يمثل تخفيضا للتوقعات عما ورد في عدد أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي بنسبة 0.1 نقطة مئوية لعامي 2019 و2020 و0.2 نقطة مئوية لعام 2021.
وألمح تقرير صندوق النقد، إلى العوامل التي حسنت مزاج السوق على مستوى الصناعة التحويلية والتجارة العالمية، وحدوث تحول واسع النطاق نحو السياسة النقدية التيسيرية، من بينها الأخبار حول مفاوضات تجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتبَدُّد المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، مما حقق بعض التراجع في الاتجاه نحو تجنب المخاطر الذي كان قد بدأ وقت صدور عدد أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
وتمسك تقرير صندوق النقد، باحتمالات أن تؤثر بعض المخاطر على الحالة المزاجية للأسواق، وزيادة احتمالات عدم اليقين حول مستقبل النمو، ومن أهمها زيادة التوترات "الجغرافية-السياسية" وخاصة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث يمكن أن يعطل إمدادات النفط العالمية، ويضر بالمزاج السائد، ويضعف الاستثمار التجاري الذي لا يزال في بداياته، بالإضافة إلى احتدام القلاقل الاجتماعية، وتدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وزيادة عمق الاحتكاكات الاقتصادية بين بلدان أخرى، حيث يمكن أن يتسبب تحقُّق هذه المخاطر في سرعة تدهور المزاج السائد، مما يهبط بالنمو العالمي إلى أقل من توقعات السيناريو الأساسي.
ويرى تقرير الصندوق، أن النشاط الاقتصادي العالمي وخاصة في قطاعي الصناعة التحويلية والتجارة ظل تحت وطأة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية، والتوترات الجغرافية-السياسية، خلال النصف الثاني من عام 2019، وظهرت تحديات جديدة بسبب احتدام القلاقل الاجتماعية في عدة بلدان، إلى جانب الكوارث المناخية من أعاصير منطقة الكاريبي إلى الجفاف وحرائق الغابات في أستراليا والفيضانات في الشرق الإفريقي والجفاف في الجنوب الإفريقي.
واتسم تعليق الصندوق، بالتفاؤل الحذر حول تأثير الاجراءات الحمائية المستقبلي على مزاج الأعمال، حيث يرى التقرير أن زيادة الحواجز الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، ولا سيما الصين، أثرت على مزاج الأعمال وفاقمت التباطؤ الدوري والهيكلي الجاري في كثير من الاقتصادات على مدار العام الماضي، كما امتدت النزاعات إلى التكنولوجيا، فأصبحت تهدد سلاسل العرض العالمية. واتسع نطاق الدوافع التي تقوم عليها الإجراءات الحمائية لتشمل دواعي الأمن القومي أو حماية العملة.
واعتبر صندوق النقد، احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة للتوترات التجارية والتكنولوجية مازالت بعيدة المنال، رغم ما ورد من أخبار إيجابية متفرقة عن وجود مفاوضات جارية، وفي حالة حدوث مزيدا من التدهور في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين "كالذي تَجَسد في الاحتكاكات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، أو في الروابط التجارية التي تشترك فيها بلدان أخرى، فمن الممكن أن تتعرقل الخطوات الوليدة نحو نهاية الانخفاض في الصناعة التحويلية والتجارة، مما يؤدي بالنمو العالمي إلى نتائج أقل من توقعات السيناريو الأساسي.