أهدأ طريق وأقصره يكفل لك أن تعيش في هذه الدنيا موفور الكرامة والشرف هو أن يكون ما تبطنه في نفسك كالذي يظهر منك " .. هذه الحكمة التي قالها الفيلسوف الكبير سقراط اختارتها الفنانة الراحلة فاطمة رشدي لتكون دستورا لحياتها وتسير عليها وتتعامل بها مع البشر التي تقابلهم في حياتها .
ويبدو أن هذه الحكمة كانت سببا في معاناة كبيرة عانتها الفنانة الكبيرة الملقبة بسارة برنار الشرق، فكم كانت طبيعية في تعاملاتها وكم كانت بريئة في تصرفاتها وكم كانت كريمة تصرف أموالها علي الفن كمنتجة وفي طرق الخير، ولكنها أنهت حياتها فقيرة واعتزلت الفن فى أواخر الستينات وانحسرت الأضواء عنها مع التقدم فى السن وضياع الصحة والمال .
لقبوها بساره برنار الشرق
اليوم هو ذكرى رحيل تلك الفنانة القديرة الرائدة في المسرح والسينما والمتعددة المواهب صاحبة أول فرقة مسرحية تحمل اسم سيدة، وهي فرقة فاطمة رشدي المسرحية والتي قدمت 100 مسرحية ومن أهم مسرحياتها " النسر الصغير" و"الصحراء " و"الحرية " و"القناع الأزرق" و" ميرامار" و"بين القصرين " .
كما قدمت للسينما عدة أفلام تصل لـ 16 فيلما منها " ثمن السعادة" و" الطريق المستقيم" و"مدينة الغجر " و" العزيمة " و" الجسد " وقدمت فيلم "الزواج" والذى عرض عام 1933، كمؤلفة ومخرجة وممثلة، ومثل أمامها فيه محمود المليجى فى أول أدواره السينمائية.
رائدة في المسرح وفي السينما
الفنانة فاطمة رشدي في نهاية حياتها ظهرت في عدة برامج منها برنامج حكت فيه عن حياتها الفتنية وبداياتها وهو برنامج "دفاتر الأيام" وقالت فيه : التقيت الفنان نجيب الريحاني وعمري لا يتجاوز العشر سنوات بعدما جاءت إلى القاهرة قادمة مع أسرتها من الإسكندرية، وغنت أمامه دور للفنانة فتحية أحمد، وحازت إعجابه، وبعدها تعرفت على الممثل والمؤلف المسرحي الكبير عزيز عيد، والذي تولى مسألة تجهيزها للفن بإحضار مدرسين للغة العربية وشيخ من الأزهر ليحفظها القرآن الكريم حتى تجيد النطق، وقدمها بعد سنتين من الدراسة لصديقه الفنان يوسف وهبي، والذي كان آنذاك قد افتتح مسرحه "مسرح رمسيس".
كما ظهرت ايضا في برنامج " شموع " مع الاعلامية سهام صبري بالتليفزيون المصري وتحدثت كرائدة من رائدات المسرح والسينما المصرية وحكت ايضا جوان كثيرة من حياتها الفنية ورحلتها في عالم الفن وحكت عن المسرح في حياتها وكيف أنها جابت مسارح روض الفرج و انتقلت بين مسرح روز يوسف و فرقة رمسيس، و أدت العديد من الأدوار الغنائية الثانوية في مستهل مشوارها و عملت مع فرقة عبد الرحمن رشدي و فرقة الجزايرلي، و عرفت الفنان و المخرج عزيز عيد الذي علمها القراءة و الكتابة و فنون التمثيل، ثم ألحقها رائد المسرح الفنان عزيز عيد بفرقة يوسف وهبي على مسرح رمسيس، ثم تزوجها بعد ذلك و أصبحت نجمة فرقة مسرح رمسيس وبعد انفصال فاطمة رشدي عن عزيز عيد بسبب مشاكل بينهم كونت فرقتها التى حملت اسمها، واكتشفت العديد من نجوم زمن الفن الجميل منهم محمود المليجي ومحمد فوزي الذي كان يلحن مونولوجات مسرحيتها، تزوجت عدة مرات من المخرج كمال سليم والمخرج محمد عبد الجواد و ضابط بوليس.
سمى أحد شوارع القاهرة بحي الهرم بأسمها تقديرًا لمشوارها الفني الحافل، عاشت في أواخر حياتها بحجرة في أحد الفنادق الشعبية بالقاهرة، وتدخل الفنان فريد شوقي مع المسئولين لعلاجها وتوفير سكن مناسب لها على نفقة الدولة وتحقق ذلك بالفعل لكن لم تشاء الأقدار وماتت في 23 يناير 1996 في 3 رمضان 1416 عن عمر يناهز 88 عامًا تاركة إرث فني عملاق في تاريخ السينما المصرية.