يفجر خروج الملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى "بريكست" تحديات واسعة مع الجوار الأوروبى، وفى مقدمتها وضع جبل طارق، الإقليم التابع للتاج البريطانى الذى تطالب به مدريد، ويعقد ممثلو حكومتى إسبانيا والمملكة المتحدة اجتماعًا اليوم الخميس لتفعيل اللجنة المشتركة التى ستنظم الطريقة التى ستتفاعل بها إسبانيا وجبل طارق بمجرد اكتمال عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وسيتناول الاجتماع الإسبانى-البريطانى مجموعة من الجوانب المدرجة فى مذكرات بريكست، خاصة أزمة جبل طارق التى تجددت بين الطرفين منذ طرح بريكست، كما أن الاجتماع أيضا سيناقش أمر الحفاظ على الدفاع عن العمال الإسبان فى جبل طارق كأولوية أساسية، حسبما قالت صحيفة "اسبانيداد" الإسبانية.
وقال وزير الدولة الإسبانى لشئون العلاقات مع الاتحاد الأوروبى، ماركو آجيريانو، إن الحكومتين قررتا تشكيل لجان لمناقشة القضايا المتنازع عليها مثل المواطنة والتعاون بين أجهزة الشرطة والجمارك، ومشكلة تهريب التبغ والنظام الضريبى، كما تقرر أن يكون وفد جبل طارق ضمن الوفد البريطانى، فيما يضم الوفد الإسبانى إلى المحادثات مندوبين عن الحكومة الإقليمية الأندلسية التى تضم بين أعضائها ممثلين عن حزب "فوكس" اليمينى المتطرف، وقال آجيريانو إن "إسبانيا لا تتخلى عن أى من مطالبها التاريخية، بما فى ذلك السيادة على المستعمرة".
وأشارت الصحيفة إلى أن إسبانيا والمملكة المتحدة وقعتا فى نوفمبر من العام الماض، 4 مذكرات تفاهم حول القضايا الرئيسية المتنازع عليها بين الطرفين، واتفقتا على استئناف المفاوضات إذا تقرّر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى.
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "الموندو" الإسبانية إن رئيس وزراء جبل طارق، فابيان باساردو، قال إن بلاده قد تظل داخل "منطقة شنجن" التى تتمتع بحرية الحركة بين دول "الاتحاد الأوروبى" بعد خروج بريطانيا من التكتل، مضيفا "إنه يتعين على بلاده أن تظل لديها قابلية الدخول إلى باقى دول الاتحاد الأوروبى".
وأشار باساردو، إلى أن دولا صغيرة أخرى فى أوروبا تستفيد من مناطق السفر المشتركة مع "منطقة شنجن" ، حتى إذا لم تكن جزءًا كليًا من نظام المعلومات الخاص بـ"شنجن" لافتا إلى أن هناك إمكانية التنقل بسلاسة بين دول الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى تلك الدول الصغيرة.
ودعا إسبانيا إلى احترام سيادة جبل طارق، وألا تستغل "بريكست" كفرصة بهدف زيادة التأثير فى المنطقة - حسب تعبيره، قائلا "بينما تنضج إسبانيا أكثر نحو الديمقراطية الأوروبية الحديثة، فإنه من المفترض أن تتخلى عن مفهوم أنها تستطيع بطريقة ما، انتزاع سيادة جبل طارق من رؤوس شعب جبل طارق، دون أن يتم استشارة شعب جبل طارق فى هذه العملية".
وفي الوقت ذاته، سينعكس الخروج البريطانى سلباً على الاتحاد الأوروبى الذي سيبدو أضعف وأصغر من دون بريطانيا، وسيختل التوازن السياسى الذى كان يضمنه وجودها مع ألمانيا وفرنسا داخل الاتحاد، إذ تعد بريطانيا أكبر مقدم للخدمات المالية فى الاتحاد، فثمة بنوك ومؤسسات مالية مصرفية عالمية كثيرة تدير جزءاً من أعمالها من بريطانيا لضمان ما يعرف بـ"حقوق جواز السفر" أى أن تُنشئ فروعاً لها فى لندن يسمح لها بدخول السوق الأوروبية كلها، لكن بعد الخروج البريطانى ستضطر هذه المؤسسات والبنوك إلى إنشاء فروع لها فى دول أوروبية أخرى، ما سيؤدى إلى هبوط بنسبة 50% فيما يتعلق بالخدمات المالية المقدمة من لندن إلى الاتحاد، أى خسارة 10 مليارات جنيه إسترلينى سنوياً، حسبما قالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية.