سقط المقاول الهارب محمد على، وسيسقط غيره كثيرون من الكومبارس الذين استعانت وتستعين بهم جماعة الإخوان الإرهابية ليؤدوا دور فى المسرحية الهزلية المسماة بالحراك الثورى فى مصر.. سقط وسيقط هؤلاء لأنهم تحدوا إرادة ووعى المصريين، فكانت نهايتهم مأساوية.
منذ 2013 وحتى اليوم وهناك حرب على وعى المصريين، حرب استخدمت فيها جماعة الإخوان الإرهابية ومن خلفها أجهزة مخابرات إقليمية ودولية شتى الوسائل لتغييب وعى الشعب المصرى، وخلق فجوة يستطيعون النفاذ من خلالها إلى الشارع مرة أخرى، على أمل عودة الإخوان مرة أخرى إلى الحكم، ولو من باب الفوضى الذى يعشقونه لأنه يوفر لهم المساحة الملائمة للسيطرة على الشارع ومفاصل الدولة المصرية.
كلنا نعلم أن الإخوان ما هم الا أداة ووسيلة تستخدمها أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، والأمر ليس بجديد على الجماعة التى نشأت فى عشرينات القرن الماضى تحت سمع وبصر وتخطيط المخابرات البريطانية، لذلك فهم يجيدون هذه اللعبة، فأمس هم أداة فى يد المخابرات البريطانية، واليوم فى يد المخابرات التركية والقطرية، ومخابرات أخرى تعاونت أهدافهم مع قطر وتركيا لإحداث فوضى فى مصر، ولم يجدوا غير الإخوان أداة لهذه الفوضى.
الفوضى من وجهة نظر هؤلاء ستكون من خلال تغييب وعى المصريين، واللعب على وتر الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، خاصة القوات المسلحة وبقية المؤسسات الأمنية، ومعهم بطبيعة الحال مؤسسة الرئاسة، لذلك كان التركيز على حرب الشائعات، أو المعروفة باسم حروب الجيل الرابع والخامس، والتى لا تستخدم فيها الدول طلقة أو بندقية، وإنما فقط جهاز كمبيوتر، ولجان إلكترونية تتولى توزيع الشائعات وترويجها على مواقع التواصل الاجتماعى، ومن هنا تبدأ المعركة.
معركة على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال هاشتاجات وهمية، وترويج لقصص وشائعات لا اساس لها من الصحة، ودخل على الخط قنوات إعلامية أنشأتها قطر وتركيا بعد ثورة 30 يونيو 2013، لتكون منصة دائمة للهجوم على الدولة المصرية ومؤسساتها، فبدأت فى استخدام هذه الشائعات السوشيالية لتكون موضوع لحوارات وبرامج تليفزيونية فى محاولة لتثبيت الشائعة وكأنها أمر واقع.
مع مرور الوقت تطورت الأجندة الإخوانية من خلال الاستعانة بشخصيات غير محسوبة على التنظيم، ليشاركوا فى هذه الحرب، وأبرز مثال كان المقاول الهارب محمد على، الذى هرب فجأة من مصر ليظهر على السوشيال ميديا ف فيديوهات مدعيًا خلالها بوجود فساد فى أحد مؤسسات الدولة، وكانم الهدف واضح منذ البداية، هو استخدام هذا الشخص، بخلفيته السينمائية، فى هدم جدار الثقة بين الشعب وقواته المسلحة، من خلال ادعاءات وأكاذيب يروج لها محمد على، مستغلًا صفته السابقة كمقاول شارك فى بعض المقاولات الخاصة بالدولة.
كان ظهور محمد على، ووقوف الإخوان خلفه تطور جديد لحرب الجماعة الإرهابية ضد مصر، فقد سبقت للجماعة أن استخدمت شخصيات تحتن غطاء مدنى، على شاكلة أيمن نور وغيره، لكنهم لم يصمدوا طويلًا لإن تاريخهم وماضيهم فاضح لهم منذ البداية، أخذًا فى الاعتبار أن الرغبة فى الاستحواذ على أموال التمويلات القطرية التركية، جعل أيمن نور ومن معه يبحثون عن دور أكبر من دور الكومبارس، الذى تبحث عنه الجماعة، لأن ما يحصل عليه الكومبارس من أموال قليل إذا تمت مقارنته بما يحصل عليه قيادات الإخوان، لذلك اختار "نور" أن يكون مشارك مع الإخوان فى صنع الكومبارسات مثل محمد على وغيره.
مع ظهور المقاول الهارب انتاب البعض قلق من تأثيره على المصريين، خاصة بعدما دخلت على الخط وسائل إعلام غربية عملت على تحويل "الكومبارس" إلى بطل شعبى، فظهر المقاول الهارب على شاشات الـbbc، وغيرها وعلى صفحات نيويورك تايمز والجارديان وغيرهم، وتحول المقاول الهارب والكومبارس إلى حالة فى الإعلام الغربى، يتحدثون عنه وكأنه المخلص الذى تنتظره مصر.
جرى كل ذلك دون أن يدرك كل هؤلاء أنهم وقعوا فى الخطيئة الكبرى، وهى أنهم أجروا حساباتهم وخططهم دون أى تقييم لدور الشعب المصرى، فهم راهنوا على أن يكون الكومبارس سيكون البطل الشعبى، وأن الجماعة بأبواقها الإعلامية قادرة على التأثير فى معنويات ووعى المصريين.
وقعت أجهزة مخابرات إقليمية ودولية فى الخطيئة الكبرى، ولم يدركوا أن الشعب أقوى وأكبر من أن يقع فريسة لمثل هذه المخططات الساذجة التى لم تأخذ فى حسبانها قدرة وصلابة المصريين التى لا تظهر الا فى وقت الشدائد والمحن.
لم يدرك كل هؤلاء أنهم أمام شعب حصن نفسه ضد كل هذه الاختراقات الخارجية، كما أن الأوضاع فى مصر تغيرت، فلم يعد الشعب المصرى مغيبًا كما كانوا يتوقعون، بل أن القيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى، أنتهج منذ توليه المسئولية فى 2014 منهج المصارحة والمكاشفة مع الشعب، فلم يعد شيئًا غائبًا عن المصريين، كل تفاصيل الإدارة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، كلها معلنة.
لقد جاء الوقت لكى يعترف الجميع أن منهج المكاشفة والمصارحة الذى انتهجه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ البداية هو الذى حصن المصريين فى مواجهة الحروب الخارجية التى تستهدف ولا تزال تستهدف المصريين، فحينما كان يخرج الرئيس فى المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية والمذاعة على الهواء مباشرة متحدثًا عن تفاصيل الموازنة المصرية، والديون وغيرها كان هناك من يقول أن الشعب المصرى غير مؤهل ليكون على معرفة بهذه التفاصيل الدقيقة، التى تعتبرها دولًا أخرى من أسرار الأمن القومى، ولم يدرك هؤلاء أن الشعب المصرى مؤهل لهذه المعرفة، لأنه هو المعرض لحرب الشائعات التى تأتى من الخارج، وبالتالى فإن الأولى بهذه الشعب أن يكون ملمًا بكل التفاصيل، ويكون هو حائط الصد أمام حرب الشائعات وليس غيره.
لقد جاء الوقت لنقول ونعترف أن منهج المكاشفة والمصارحة هو الذى زاد من وعى المصريين، وجعلهم أكثر تحمل لكل الصعاب التى مرت بها الدولة، بداية من قرارات الإصلاح الاقتصادى، وصولًا إلى حرب الشائعات والمعلومات المغلوطة، ومرورًا بالحرب على الإرهاب وغيرها.
لقد راهن المخربون فى الخارج على أنهم قادرون على تطويع إرادة المصريين لصالح مخططاتهم والاعيبهم القذرة، لكن منذ البداية كنا ندرك أن رهانهم فاشل ومصيرهم الحتمى معروف، لأن إرداة المصريين أقوى من أن تكون مطية فى يد جماعة ارتضت أن تكون هى المطية فى يد أجهزة مخابرات أجنبية تحركها كيفماء تشاء.
نعم سقط المقاول الهارب محمد على كما توقعنا منذ بداية ظهوره، وسيحاول الإخوان ايجاد كومبارس أخر، لأنهم لن يعترفوا صراحة بهزيمتهم النكراء، لأن فى اعترافهم توقف لمداد التمويلات التركية والقطرية، لكن أيا كان القادم، فلن يكون أكثر من كومبارس للإخوان، ولن يكون مصيره أفضل من مصير المقاول الهارب.
كل مخططاتهم ستفشل، كما أن أموال قطر وتركيا ستذهب هباء، لأنها تقف فى وجه إرادة مصرية قوية تستند إلى الحق، وتستند أيضًا لوعى يزداد كل يوم.