فى الوقت الذى أضاءت فيه النيران المندلعة القرى والمدن الأسترالية، لتأكل الأخضر واليابس، يضرب الجفاف مناطق أخرى من العالم، ليصيب ملايين البشر بالجوع، بسبب انهيار الأراضى الزراعية، كما هو الحال فى زيمبابوى، والتى يواجه نصف سكانها من أوضاع مذرية أشبه بالمجاعة، نتيجة نقص المحاصيل وانهيار الزراعة، التى تمثل المصدر الرئيسى للغذاء فى الدولة الإفريقية الفقيرة، لتضيف تلك الحالة بعدا جديدا للأزمة التى يعانيها المواطنون فى زيمبابوى.
وبين حرائق أستراليا والجفاف فى زيمبابوى، تبقى ظاهرة التغيرات المناخية بمثابة الوحش الذى بات يلتهم الجميع، بعيدا عن التصنيفات، التى اعتمدها البشر منذ قديم الأزل، لدول العالم، بين عالم أول وآخر ثالث، حيث استوى الجميع أمامه، ليصبح "الإنسان" الضحية الكبرى، ليموت فى النهاية، إذا لم يكن حرقا، كما هو الحال فى أستراليا، سيكون جوعا، على غرار الأوضاع فى زيمبابوى وغيرها من الدول الفقيرة الأخرى، فى الوقت الذى تصمت فيه المنظمات الدولية، وقادة العالم الباحثين عن الهيمنة السياسية والاقتصادية دون تحرك حقيقى لاحتواء الأزمة الخطيرة.
التغيرات المناخية تضرب زيمبابوى
فبحسب صحيفة "نيوزداى" التى تصدر فى زيمبابوى، فهناك أكثر من 8 ملايين مواطن، يمثلون نصف السكان، يعانون من الجوع، فى الوقت الذى يصل فيه عدد الجوعى فى جنوب القارة إلى 45 مليون شخص، فى الوقت الذى لا يمكن لمخزونات الطعام المتواجدة فى تلك المنطقة تغطية حاجة مواطنيها لأكثر من شهر واحد.
أزمة الجوع الراهنة، وإن كانت تفاقمت بفعل ظاهرة التغير المناخى، لكنها تحمل جذور اقتصادية عميقة، تجسدت فى عجز سكان تلك المناطق عن الحصول على الغذاء اللازم لهم، بسبب الفقر، حيث أن ثمة تقارير أشارت إلى 75% من سكان المنطقة الجائعة فى زيمبابوى ليس لديهم المال الذى يمكنهم من شراء الطعام اللازم لهم ولذويهم.
جانب من المزارعين فى زيمبابوى
وهنا تبدو حالة من شأنها التقليل من شأن التغيرات المناخية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، فى تلك المناطق، إلا أن الحقيقة التى لا تقبل الجدل هى أن الظاهرة تساهم فى تفاقم الأوضاع بصورة كبيرة وسريعة، لتفتح الباب أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وهنا يثور التساؤل حول الكيفية التى يمكن من خلالها تحقيق الأمن الغذائى، فى تلك المنطقة، خاصة مع عدم قدرة الزراعة على الوفاء باحتياجات المواطنين، جراء تناقص الرقعة الزراعية.
جفاف الأراضى يهدد بمجاعة لنصف سكان زيمبابوى
يرى الكاتب جيفرى جوجو، بصحيفة "ذى هيرالد" بزيمبابوى، أن الحل يكمن فى تغيير القوانين المتعلقة بالضرائب على المزارعين، بحيث يتم استبدال الأموال التى يدفعونها سنويا للحكومة، بتقديم حصة من الحصاد للحكومة، تصل إلى 50% من محاصيلهم، يمكن خلالها توفير الغذاء للمناطق المنكوبة.
وعلى الجانب الأخر، تبقى معضلة خضوع المزارعين لأصحاب رؤوس الأموال سواء من المحليين أو الأجانب، عبر التركيز على الزراعات التى تجد رواجا بين المصانع، على حساب الغذاء، وهو الأمر الذى شجعته الحكومات فى الآونة الأخيرة، لجذب المزيد من المستثمرين فى المستقبل.
مخاوف من اتساع نطاق المجاعة فى زيمبابوى
وهنا يرى جوجو أن قطاع الزراعة توارى إلى حد كبير، حيث أصبحت الأولوية لدى المزارعين هو تقديم محاصيلهم للمصانع سواء المحلية أو الأجنبية لتحقيق مزيد من الربح، داعيا الحكومات إلى إجراءات من شأنها تقنين المسألة عبر تخصيص حصص معينة لأنواع من الزراعات، يمكن من خلالها تحقيق قدر من الأمن الغذائى.
فلاح يقوم برى أرضه
مزارعو زيمبابوى اتجهوا لاسترضاء المستثمرين على حساب الغذاء