مقتل سليمانى.. كيف تراهن روسيا على إسرائيل لفرض رؤيتها بالشرق الأوسط؟.. بوتين يسعى لحماية أمن الدولة العبرية وإقصاء طهران من سوريا مقابل تقارب ترامب والأسد.. وموسكو تقتحم مناطق النفوذ الأمريكى فى المنطقة

الإثنين، 27 يناير 2020 05:00 م
مقتل سليمانى.. كيف تراهن روسيا على إسرائيل لفرض رؤيتها بالشرق الأوسط؟.. بوتين يسعى لحماية أمن الدولة العبرية وإقصاء طهران من سوريا مقابل تقارب ترامب والأسد.. وموسكو تقتحم مناطق النفوذ الأمريكى فى المنطقة بوتين وترامب
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى يمثل فيه مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، والذى يعد أحد أبرز قيادات الحرس الثورى الإيرانى، فرصة مهمة، للرئيس الأمريكى دونالد ترامب للترويج إلى انتصار جديد، يمكنه من استقطاب المزيد من الأمريكيين المتخوفين من التهديدات الإيرانية، قبل اندلاع معركة الانتخابات الرئاسية، والمقررة فى شهر نوفمبر من العام الجارى، فإنه فى الوقت نفسه يمثل فرصة جديدة لروسيا، والتى تعد الخصم التاريخى للولايات المتحدة، لزيادة رقعة نفوذها، فى الشرق الأوسط، على حساب واشنطن، من خلال اقتحام مناطق النفوذ الأمريكى الرئيسية، وعلى رأسها إسرائيل، وهو ما بدا واضحا فى الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للدولة العبرية للمشاركة فى المنتدى الدولى الخامس للهولوكوست.

فعلى الرغم من التحفظ الروسى على مقتل سليمانى، والذى ظهر بجلاء فى تصريحات عدة للمسئولين الروس، حول تداعيات ما أسمته بـ"المغامرة الأمريكية"، إلا أنه يبقى فرصة مهمة للروس من أجل توطيد النفوذ فى سوريا، على حساب الجانب الإيرانى، وهو ما يفتح الباب أمام موسكو لتحقيق كافة أهدافها المتعلقة بالأوضاع فى دمشق، وعلى رأسها تحقيق الانفتاح لنظام الرئيس السورى بشار الأسد، على العالم، عبر الولايات المتحدة، مقابل ضمان حماية إسرائيل، من التهديد الذى تمثله طهران بالقرب من حدودها، خاصة بعد مقتل الرجل الأقوى فى الحرس الثورى، والذى طالما وصفه قطاع كبير من المتابعين بأنه مهندس النفوذ الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، باعتباره المهيمن على العديد من الأذرع الإيرانية العاملة فى العراق أو لبنان أو اليمن أو غيرها.

نقاط مشتركة.. صفقة روسية مع إسرائيل لاستقطاب واشنطن

وهنا يمكننا القول بأن مقتل سليمانى ربما خلق نقاط مشتركة جديدة بين روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من المواقف المختلفة فيما بينهما، وعلى رأسها العمل على تقويض النفوذ الإيرانى فى سوريا، مما يساهم فى تخفيف حدة التهديدات التى تواجه إسرائيل جراء وجود قوات الحرس الثورى بالقرب من الحدود بين سوريا وإسرائيل، وذلك عبر صفقة تقوم على دعم موسكو لفكرة إنهاء وجود إيران فى سوريا مقابل التطبيع بين واشنطن ونظام الأسد، وهو ما يمثل انتصارا مزدوجا للجانب الروسى، عبر التقارب مع إسرائيل إلى الحد الذى يضاهى واشنطن، بالإضافة إلى إضفاء قدر من الشرعية الدولية لنظام الأسد، والذى يعد بمثابة رهان روسيا الأساسى فى الشرق الأوسط.

مقتل سليمانى فرصة مزدوجة لترامب وبوتين
مقتل سليمانى فرصة مزدوجة لترامب وبوتين

ولعل مسألة التقارب بين إدارة ترامب ونظام الأسد ليست بالمعضلة الصعبة، فى ظل اختلاف التوجهات بين الرئيس الأمريكى الحالى، وسلفه الديمقراطى باراك أوباما، والذى اعتمد الميليشيات المسلحة كوسيلة لتحقيق أهدافه فى الشرق الأوسط، خاصة وأن ترامب سبق له وأن أثنى على الأسد خلال حملته الانتخابية، فى حين أن الرئيس السورى سبق نظيره الأمريكى فى تصريحات صحفية بأنه أفضل رئيس أمريكى، وذلك بالرغم من الانتقادات العلنية بين الجانبين فى العديد من القضايا، وهو ما يفتح نافذه بينهما يمكنها أن تكون بداية للتحول فى العلاقة بين الولايات المتحدة وسوريا.

رهان بوتين.. مواقف ترامب السابقة تدعم رؤيته

ويمثل التقارب الأمريكى السورى المنشود، عبر البوابة الإسرائيلية، انتصارا كبيرا لموسكو، بحسب الرؤية الروسية، حيث أن مثل هذا التطور يقدم بعدا جديدا لاستعادة روسيا لمكاناتها الدولية باعتبارها قوى مهيمنة فى المعادلة الدولية، وبالتالى يمكنها فرض رؤيتها على العالم، وذلك بعد سنوات من الخفوت، بدأت منذ نهاية الحرب الباردة، التى أعلنت نهاية الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتى، ليتحول النظام العالمى إلى الأحادية القطبية عبر الهيمنة الأمريكية المنفردة.  

بوتين ونتنياهو
بوتين ونتنياهو

رهان بوتين على استعداد ترامب للانفتاح على دمشق ربما يجد مرجعيته فى مواقف الإدارة الحالية تجاه العديد من خصومها، وعلى رأسهم كوريا الشمالية، والتى أبدى الرئيس ترامب تجاهها استعدادا غير مسبوق لإنهاء العداوة التاريخية، عبر القمم المتواترة التى جمعته بزعيمها كيم جونج أون ، والتى توجها قبل عدة أشهر بدخول الأراضى الكورية الشمالية، ليصبح أول رئيس أمريكى يقدم على مثل هذه الخطوة، والتى اعتبرها قطاع كبير من المتابعين نقطة تحول مهمة فى تاريخ العلاقة بين البلدين، بعد عقود طويلة من العداء المتبادل، وذلك بالرغم من الخلافات العالقة بينهما.

تنسيق غير مباشر.. روسيا تواصل اقتحام مناطق النفوذ الأمريكى

يبدو أن مقتل سليمانى يمثل امتدادا لحالة يمكننا تسميتها بـ"التنسيق غير المباشر" بين روسيا والولايات المتحدة، فى إطار "الإعداد للنظام الدولى الجديد"، على غرار استهداف قائد تنيظم داعش الإرهابى أبو بكر البغدادى، فى هجوم أمريكى على سوريا، والتى تبقى تحت السيطرة الروسية بالكامل، وكذلك نجاحهما معا فى إقصاء الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن المشهد السورى، عبر إجباره بوقف إطلاق النار أولا بسبب التهديدات الأمريكية، بفرض عقوبات على أنقرة، ثم بعد ذلك إجباره على الانسحاب إلى المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا، عبر اتفاق مع بوتين فى منتجع سوتشى.

ترامب
ترامب

ولكن يبقى الدخول الروسى على خط "حماية إسرائيل"، والذى يعد بمثابة دورا حصريا للولايات المتحدة، منحى جديد للتنافس الأمريكى الروسى، خاصة وأن الدولة العبرية هى أحد مناطق النفوذ الرئيسية للولايات المتحدة، وبالتالى فإن موسكو تواصل سياستها القائمة على مزاحمة واشنطن فى مناطق نفوذها حول العالم، سواء عبر ذراع الطاقة، أو الأمن، وهو ما يبدو فى أوروبا الغربية، والتى تشهد توغلا روسيا غير مسبوق بفضل التعاون بين الجانبين فى مجال الطاقة، وكذلك المخاوف الأمنية الأوروبية جراء التخلى الأمريكى عن الحلفاء، ليصبح الدور الروسى ضمانا جديدا للحماية فى ظل تغير المواقف الأمريكى، وهو الأمر الذى تحاول موسكو تكراره مع إسرائيل عبر تقديم ضمانات لحمايتها من ناحية سوريا، والتى طالما شكلت تهديدا مباشرا لأمنها بسبب وجود قوات الحرس الثورى على أراضيها.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة