"أشرنكيل" جميلة الجميلات اسم يطلق على إحدى القرى النوبية بأسوان، موقعها المتميز على النيل جعلها تجمع بين جمال الطبيعة وعبقرية إبداع البشر، إنها قرية غرب سهيل تلك القرية التى يتجاوز عمرها الـ100 عام.
عندما تطأ قدماك قرية غرب سهيل يبهرك جمال الألوان المبهجة، تسير فى شارع طويل لا يتجاوز عرضه أكثر من 10 أمتار، على جانبيه محلات تجارية تكتظ بالمشغولات اليدوية بألوانها الجذابة والتى تعكس الحياة النوبية، حيث يشتهر بها أهالى القرية، كما أنها تشتهر بجميع أنواع العطارة الأسوانية الطازجة والفول السودانى والتمر.
يأتى السائحون من كل مكان فى العالم ليتعرفوا على تربية التماسيح التى تشتهر بها القرية، ويركبون الجمال ويسيرون بها على ضفاف النيل، ويتمتعون بفسحه نيلية على ظهر قارب يسير بين جبال أسوان العتيقة ويستمعون إلى أجمل النغمات النوبية، بالإضافة إلى جمال الرمال الصفراء التى تشبه حبات الذهب والتى لا يخلو منها بيت نوبى ".
بجمال اللهجة النوبية نرحب بالزوار
"ليه واى ناى تيه ماليت آويه نوبيجيه عربيجيه هوازاجيه مصرييه ماليت إجى مرحبيه".. جملة باللهجة النوبية تعنى "السياحة النوبيين المصريين الأجانب تيجوا وأشيلكم على راسنا" جملة تقولها الحاجة عائشة النوبية لكل زائر يأتى ليشاهد جمال قرية غرب سهيل، التقينا مع "الحاجة عايشة" من أهالى القرية والتى قالت: "أنا بشتغل كل حاجة يدوية بعمل أعقاد وسبح وشنط وبرطفيه وجرابات للميه المعدنية والموبيلات، إللى يخطر على بالك كله بعمله، هنا عندما يأتى السياح المصرين والأجانب، لكل واحد منهم الشغل إللى بيحب يأخده، المصريين بياخدوا كل حاجة وخاصة الجلابية السروال وجلبية بكار والطاقية النوبى، إلا الماسك "الوشوش" بيفضله السائح الأجنبى، وبياخدوا معاهم الشغل بتاعنا وبيعرضوه فى معارض لهم بره مصر وخصوصًا أهالى دبى".
الأطفال يحترفون العمل على النول
أما حسين محمد طفل فى العاشرة من عمره تجده يجلس على النول اليدوى، فهو من أمهر منتجين الشال اليدوى النوبى، يقول حسين" أنا بشتغل شغلانة أجدادى الفراعنة تعلمها من والدى فى شهر واحد بس، باجى من المدرسة على المعرض هنا عشان أشتغل، لازم أحافظ على مهنة أجدادى وماخلهاش تنتهى أبدًا".
وتابع "الصغير" :" السياح بيجوا هنا عشان يشفونى وأنا بشتغل على النول وبيعجبهم الشال اللى بنتجه، وبيشتروا منى وبتصور معاهم، أنا بعرف أكلمهم بلغاتهم فرنساوى وإنجليزى ".
لا مكان للعمل الحكومى داخل غرب سهيل
ويقول عبد الرحيم أنور من أهالى قرية غرب سهيل: أنا حاصل على شهادة بكالوريوس الخدمة الاجتماعية ورغم هذا تركت العمل بالشهادة وأبدعت فى مهنة أجدادى فجميعنا داخل القرية يحترف الشغل اليدوى فنحن تعلمناه من أمهاتنا وخاصة شغل الإبرة، نصنع بها الشنط والطواقى ونبدع فى الرسومات بالألوان، كما أننا نبدع فى رسومات جلابية بكار والطواقى النوبية.
جمال الطبيعة وإبداع النوبيين يجذب السائحين
"نحن فى قطعة من أجمل بقاع الأرض قرية غرب سهل أعشقها ولا أستطيع البعد عنها" كلمات رقيقة قالها أبو هشام النوبى صاحب محل لبيع الأنتيكات والمشغولات التراثية النوبية، والذى أضاف: أكثر الأشياء التى تلقى إقبال كبير من السائحين هى الأنتيكات النوبية وخاصة عروسة الحسد تعلق خارج باب والتى تمنع الحسد والشر عن أهالى البيت، معتقدات نوبية تتوارثها أجيالنا، كما أن الدف برسوماته الجذابة له رواج بين منتجاتنا النوبية.
إقبال السائحين على الدقة والسودانى بغرب سهيل
أما محمد حسن صاحب محل للعطارة النوبية فقال" تشتهر أسوان وقريتنا بالعطارة النوبية ومنها التوابل المختلفة الطازجة، وخاصة "الدقة النوبى" وبتتكون من الفول السودانى والكسبرة والسمسم، ومنها الدقة الحامى والبارد، وكما يوجد عندنا الفول السودانى المعمول فى الرمل وملح وبيجى يشتريه المصرين والأجانب هو والكركديه والتمر، قريتنا جميلة وكل حاجة فيها جميلة".
الألوان المبهجة والرسومات البيئية لا تدخلو من البيت النوبي
"أنا كاتو" أو البيت النوبى برسوماته الطبيعية التى يحرص عليها أهالى القرية، فى البداية كانت ألوان البيت هى الأبيض والأزرق نسبة للنيل والنيل أو أصفر بلون الرمل، لكن مع عودة السياحة مرة أخرى بدأ الأهالى فى تطوير البيوت بإضافة الألوان المبهجة عليه والرسومات البيئية المعبرة عن طبية وعادات النوبيين، هكذا قال عبد الستار ناصر أحد أبناء قرية غرب سهيل.