عرضت فضائية "dmc"، الجزء الثانى من الفيلم الوثائقى "قطب"، والذى تناول تفاصيل الـ15 شهرا الأخيرة من حياة سيد قطب، حيث أشار الفيلم الوثائقى، إلى أنه ربما لم يصدق المتهم سيد قطب إبراهيم، كيف سارت الأمور على هذا النحو، وربما لم يدر بخيال أكثر الإخوان تشاؤما أن سيد قطب سيقودهم وبمنتهى السرعة إلى نكبة تاريخية أخرى، وكيف عادت الجماعة إلى جوف الزنزانة من جديد، وتابع: "بعد سجن دام 10 سنوات إثر محاولة اغتيال ناصر فى المنشية عام 1954 أفرج الرئيس جمال عبد الناصر عن سيد قطب صحياً".
وذكر الفيلم الوثائقى، أنه عقب الخروج شهد العقار رقم 44 بشارع حيضر بضاحية حلوان فى القاهرة اللقاءات الأولى التى جمعت قطب وباقى الرفاق فى منزله، عبد الفتاح إسماعيل الذى كان قد جمع بيده خيوط تمويل الفصائل الإخوانية المتناثرة طيلة الحقبة الماضية، ووضع كل شىء أخيراً تحت إمرة قطب وتصرفه.
وقال عمرو فاروق باحث فى شئون الإسلام السياسى، أن عبد الفتاح إسماعيل كان بمثابة شخصية محورية فى تنظيم 65 على أكثر من مستوى، حتى على مستوى الفكر، ومستوى الحركة، وكان شريكا أساسيا لزينب الغزالى فى عملية اختصار تنظيم 65 ودوره فى عملية الاغتيالات واستخدام وتوظيف العنف، وكان حتى قبل أن يلتقى سيد قطب، وهو يعتبر دينمو تنظيم 65.
وأضاف أن عبد الفتاح إسماعيل كان لديه ميول ميدانية، وهو تكوين حركى، وبدأ يكون عدد من المجموعات والخلايا التى كانت عصب تنزيم 65 فيما بعد.
ولفت الفيلم الوثائقى إلى أن هذه اللقاءات وغيرها سيتذكرها قطب فيما بعد أثناء التحقيق معه داخل السجن الحربى، وسيدلى بأقوال تفصيلية عن علاقته بعبد الفتاح إسماعيل، وعلم قطب من عبد الفتاح إسماعيل أن أساس تنظيمهم فى البدء كان فدائياً للانتقام مما جرى للجماعة عام 54، لكنهم وبعد أن قرأوا كتاباته أدركوا أن عملية الانتقام "تافهة" بالنسبة لمستقبل الإسلام، وأن إقامة النظام الإسلامى يستدعى جهودا طويلة فى التربية والإعداد وأنها لا تجئ عن طريق إحداث انقلاب من القمة.
وذكر أن الأخطر كان عندما سأل عبد الفتاح إسماعيل سيد، قطب عن العمل إذا ما انكشف التنظيم، إجابة قطب جاءت قاطعة: فى حالة وقوع التنظيم فقط يرد الاعتداء، سيناريوهات رد الاعتداء هذه والتى ظل قطب يخطط لها بغطاء فكرى، أهلته وبجدارة ليكون أحد أهم مشرعى القتل باسم الدين فى العصر الحديث.
وفى هذا السياق، قال الدكتور أسامة الأزهرى من علماء الأزهر الشريف، أن سيد قطب دخل إلى تفسير القرآن الكريم وباعترافه مجرداً من كل أدوات العلم والمعرفة، متسلطا على تأويل آيات القرأن الكريم بفهمه الشخصى، متابعاً: "ومن ثم استطيع أن أقول بكل اطمئنان أن هذه الطريقة فى فهم القرآن الكريم لا تختلف فى شىء قط عن طريقة فهم الدواعش للقرآن الكريم، وأنهم جميعاً مجردون عن أدوات العلم ليس لهم فيه أدنى حظ، ثم يقتحم أحدهم على حمى القرآن الكريم يريد أن يتأوله بنفسية غاضبة مشحونة مظلمة فيخرج منها بالتكفير والدماء فى حين أن الوحى نزل بالرحمة.
وعلق أحمد سمير كاتب صحفى، قائلا: "فى جملة عظيمة جدا فى كتاب هذا الدين، لسيد قطب، جملة عظيمة فى فهمه، يقول فيها: إما شرع الله وإما أهواء الذين لا يعلمون، الامور واضحة جداً، أهواء الذين لا يعلمون واضع تفسيرها كل حاجة، سواء ليبرالية أو ديمقراطية أو شيوعية
الفيلم من إنتاج وحدة الأفلام الوثائقية، التى يديرها الكاتب الصحفى أحمد الدرينى، فى حين يشغل المخرج شريف سعيد موقع المدير التنفيذى لها. وأشار المهندس حسام صالح المتحدث الرسمى باسم المجموعة المنتجة إلى أن الشركة خصصت كل الإمكانات المتاحة لخدمة هذا العمل الذى يعد خطوة مهمة فى مواجهة الأفكار المتطرفة لجماعات العنف المسلح وسيتوالى الإعلان عن مواعيد العرض على القنوات الأخرى.
شعرت زينب الغزالى، الأم الروحية لتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية بالاضطهاد، وكتبت فى مذكراتها فى الباب الأول منها: "عبد الناصر يكرهنى شخصيا، وعندما سُئل "الهضيبي" مرشد التنظيم آنذاك عن سيد قطب، قال:" سيد قطب أحيانا يركب خياله ويتكلم عن الشرق والغرب، بما لا لزوم له عندنا"، وحين سأله المحقق عن حملات الاغتيالات والتخريب التى تبناها التنظيم قال: "ده جنون، أن لو سمعت بهذا القرار أنا كنت بلغت عنهم، وليه نقتل الناس؟، وإزاى نخرب المنشآت المصرية اللى احنا عمالين نصف عليها ملايين الجنيهات؟".
ووقع "الهضيبي" فى فخ أسفل أقواله واندهاشه من قطب ورفاقه، حيث قال عمر فاروق، باحث فى شؤون الإسلام السياسى، إنه من خلال دراسة تنظيم 65 ومن خلال تحقيقات النيابة ومذكرات الإخوان، نكتشف أن حسن الهضيبى خلال التحقيقات ورط سيد قطب، وكشف تورطه بشكل مباشر فى تشكيل التنظيم، مثلما فعل سيد قطب فى قضية حادث المنشية ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، ونكتشف أن حسن الهضيبى وسيد قطب وعشماوى، قاموا بأدوار متبادلة فى كشف بعضهم.
كُره الزعيم جمال عبد الناصر كان يتغلل فى كل أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وتنوعت طرق الإخوان لاغتياله، ومنها أن يقوم إسماعيل الفيومى وهو مجلس فى الحرس الرئاسى بإطلاق الرصاص على عبد الناصر.
فى السجن الحربى أفصح على عشماوى قائلا: كان إسماعيل الفيومى متحمس للغاية لقتل الرئيس، وكان أحيانا كثيرا يقول أنتم تضيعون على الفرص وممكن أقتله بسهولة، وقال لى الأسبوع الماضى كان بينى وبين الرئيس مرتين، وظهرت معاه فى التليفزيون وممكن بسهولة أقوم باغتياله ولكن أنتم اللى مأخرينى، وأنا قلت له الاغتيال مقرر ولكن يتم تأجيله حتى يتم الترتيبات بالنسبة للأعمال الأخرى.