تناول الكتاب فى الصحف الخليج اليوم السبت، عددا كبيرا من القضايا التى تتصدر المشهد، أبرزها الأحداث العالمية، وتناول الكاتب الكبير سمير عطا لله، فى مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، فكرة المسميات، وتساءل الكاتب فهد العتيبى فى مقاله بصحيفة الرياضة السعودية، عن اكتئاب أمريكا، كما تحدث الكاتب عبد العليم محمد، المشهد الفرنسى واحتجاجات السترات الصفراء بدءاً من نهاية عام 2018 ، التى لا تزال قائمة.
سمير عطالله: المسيّرة
سمير عطالله
وقال "عطالله" فى مقاله الذى حمل عنوان "المسيرة" :"ظهر فى عالمنا منذ سنوات قليلة اختراع جديد سمّيناه بالعربية «الطائرة المسيّرة». وأى اسم للأشياء من كلمتين؛ يضعف المسمّى. وأعتقد أننا سوف نستقرّ فى المستقبل على اعتماد كلمة «المسيّرة» وحدها، رغم معرفتنا باستخداماتها الكثيرة؛ من الاغتيالات، إلى رعى الأغنام، إلى تصوير مظاهرات بيروت. فكما لا يخطر لنا شيء آخر سوى «السيارة» عندما نستخدم الكلمة، فإن «المسيّرة» سوف تصبح اسماً شائعاً يميّز الطائر عن السائر. تتغيّر وظائف الاسم مع جهات الاستخدام. كانت «صحيفة» فى الأساس تعنى المطبوعات الدورية وحدها، ثم أصبحت تعنى الصحيفة اليومية، ثم أصبحت تشمل الصحافة برمّتها. وفقدت الصحافة معناها بعد ظهور «الإذاعة» و«التلفزيون» وما تلاهما من عجائب، فأصبح يُشار إلى كل هذا بـ«الإعلام»، وهى كلمة محدودة لا تعبّر مطلقاً عن أدواره. وصرنا نقول: «الحافلة» بعد عقود من استخدام «الحافلة الكهربائية»، وأصبحت وحدها تعنى أنها ذلك الجزء من القطار، سواء كانت حافلة بالركّاب، أو فيها راكب واحد يضع ذقنه على خدّه ويغنّى «دمعة على خدّ الزمن، ودمعة على خدّي»، وينهره الزمن قائلاً: «ابحث عن غيري. أنا عندى مليارات غيرك أنظر فى قضاياهم»، أو يعيده المفتّش إلى الواقع:تذاكر.
تكسب الكلمات لنفسها مكاناً بلا عناء. رأى أحمد فارس الشدياق المصريين يستخدمون كلمة «الجورنال» الفرنسية. فالفرنسيون، فى نهاية المطاف، هم الذين حملوا الصحافة والطباعة إلى مصر مع حملة نابليون. ولشدّة ما كان الشدياق مولعاً بالعربية وعظيماً بمعانيها، وضع «الجورنال» جانباً وابتكر كلمة «الجريدة». غير أن جيلاً من المصريين، فى طليعته حسنين هيكل، ظلّ مصرّاً على استخدام كلمة «الجورنالجي». وكان يفعل ذلك زعيمان من لبنان، وُلدا فى مصر: الشيخ بيار الجميّل، رئيس حزب «الكتائب»، والعميد ريمون إدّه، رئيس حزب «الكتلة الوطنية».
مثل الجلد البشري، تنقّى اللغة نفسها وتزيد على نفسها بصورة تلقائية. هناك تعابير فى الصحافة تغيّر زمنها فزال استخدامها. الآن كلمة «انحراف» تُستخدم فقط فى الإشارات الجنسية ولا ترِد فى خطاب الأحزاب؛ حتى الشيوعية منها. وكلمة «الاشتراكية» أصبحت قليلة الاستخدام، وإذا استعملت، فلا تعنى إطلاقاً ما كانت تعنيه أيام الحرب بين الرأسمالية والاشتراكية. سوف تُستخدم «المسيّرة» منفردة فى المستقبل، كما تُستخدم كلمة «درون» فى اللغات الغربية، حيث لها جذور متعدّدة كالألمانية والهولندية. وما دامت تؤدّى المعنى كاملاً، فلماذا عرضها على مجمع علمي؟ إن السؤال هنا ليس حول صحة «المسيّرة» فى اللغة، بل فى الحياة الإنسانية والأخلاق: هل يجوز أن تغتال عدوّك بمسيّرة من الجوّ، أم هل - فى المطلق - يجوز لك الاغتيال؟
الإنسان مضحك فى الخيارات التى يمنحها لنفسه: مائة غارة على طوكيو، عمل شرعى من أعمال الحرب، قنبلة نووية على هيروشيما، جريمة أبدية، ولو بعدد أقلّ من الضحايا والخراب.
عبد العليم محمد:
الإصلاح فى فرنساعبد العليم محمد
وفى مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، تناول الكاتب عبد العليم محمد، المشهد الفرنسى، قائلا :"من احتجاجات السترات الصفراء بدءاً من نهاية عام 2018 ، التى لا تزال قائمة وإن بدرجة أقل، إلى التظاهرات والاحتجاجات والإضرابات ضد قانون المعاش الموحد فى عام 2019، تواجه «العقيدة الماكرونية» تحديات كبيرة، تبدو حتى الآن مستعصية على التجاوز، رغم المحاولات والتبريرات التى تسوقها الحكومة الفرنسية الحالية، ذلك لأن عقيدة الرئيس الفرنسى ترتكز منذ البداية على تجاوز وتهميش الأحزاب السياسية التقليدية الموزعة بين اليمين واليسار وأقصى اليمين وأقصى اليسار، حيث وضعت «حركة إلى الأمام»، التى شكلها الرئيس، نفسها منذ البداية فوق الأحزاب والتيارات السياسية والأيديولوجية، التى كانت تشغل حيز الصدارة قبل صعود ماكرون إلى الرئاسة، ورغم أن هذا الارتكاز قد منح الرئيس والحركة التى شكلها جاذبية كبيرة لدى الرأى العام، خاصة بعد أن أصبح اليمين المتطرف ومرشحته للرئاسة فى انتخابات 2017 فى مواجهة ماكرون فى الدور الثاني، فإنه فيما يبدو قد أسهم فى إحداث فراغ سياسى ناجم عن تهميش الأحزاب السياسية، وضعف سيطرتها على الشارع السياسى وفقدان وضعف البوصلة السياسية، التى كانت تسهم فى تأطير الحركات السياسية والوصول إلى حلول المشكلات القائمة.
والحال أن سياسات الرئيس ماكرون المتعلقة بإصلاح نظام التقاعد كانت تمثل أحد الوعود التى قدمها أثناء حملته الانتخابية فى عام 2017، هذا الإصلاح والقانون الذى يعبر عنه تجاهل فيما يبدو أن التنظيمات النقابية فى فرنسا ذات طابع ثورى مضاد ومناهض للرأسمالية، ولهذه التنظيمات تقاليد كفاحية للدفاع عن العاملين والعمال فى مواجهة الدولة الفرنسية وأصحاب الأعمال.
فى ديسمبر من عام 1995، خرجت التظاهرات والاحتجاجات ضد إصلاح نظام التقاعد الذى كان قد وعد به الرئيس الفرنسى الراحل جاك شيراك، والذى عكف على إصداره آلان جوبيه رئيس الحكومة آنذاك، وباتساع هذه التظاهرات والاحتجاجات اضطرت الحكومة إلى التراجع رسمياً عن هذا الإصلاح.
هذه السابقة فيما يبدو ماثلة فى أذهان المتظاهرين والمحتجين ضد مشروع القانون الجديد الذى تعتزم حكومة إدوار فيليب تقديمه، أى أنهم يتطلعون إلى تراجع الحكومة عن القانون، خاصة وأن بند التقاعد فى سن الرابعة والستين لا يحظى بموافقة العاملين ولا المنظمات النقابية حتى تلك التى كانت مؤيدة لمشروع القانون وانضمت إلى المتظاهرين بعد التأكد من رفع سن التقاعد، ويرى العديد من المحللين أن رفع سن التقاعد إلى هذه السن يعنى فى المقام الأول عدم الأخذ فى الاعتبار توقعات الأعمار والحالة الصحية للعاملين والحق فى الحياة بصحة جيدة، من ناحية أخرى فإن كافة مشروعات إصلاح التقاعد فى البلدان المتقدمة لا يمكنها إغفال الطلب الاجتماعى بتخفيض وقت العمل.
فهد العتيبى: لماذا أمريكا مكتئبة؟!
فهد العتيبى
بينما تساءل الكاتب فهد العتيبى فى مقاله بصحيفة الرياضة السعودية، عن اكتئاب أمريكا، قائلا :"فى مقالته بصحيفة نييورك تايمز، تحدث لى سيجل عن المتاعب النفسية التى يعانى منها الشعب الأميركى والتى جعلت العديد من الأميركيين بما فيهم الكاتب نفسه يفكرون فى التخلص من حياتهم، حيث أفادت جمعية الطب النفسى الأميركية أنه فى الفترة من 2016 إلى 2017، ارتفع عدد البالغين الذين وصفوا أنفسهم بالقلق أكثر من العام السابق بنسبة 36 %، فى العام 2017، كان هناك أكثر من 17 مليون أميركى بالغ مصاب بتشخيص جديد لاضطراب اكتئابى كبير، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17، ويعانى الآن 40 مليون بالغ من اضطرابات القلق - ما يقرب من 20 % من السكان البالغين، هذه هى الحالات المعروفة للاكتئاب والقلق، حيث زاد الانتحار بين الأميركيين بنسبة 33 % بين عامى 1999 و2017م وهى نسبة كبيرة جدا.
وقد عزا التقرير هذ الأمر إلى العديد من الأسباب ومن أهمها البيئة الاجتماعية وما تشهده من انقسامات بين العديد من مكونات الشعب الأميركي، والصدمات، والضغوط الحياتية، والوراثة، كل هذه الأسباب جعلت الكاتب نفسه يفكر فى الانتحار أكثر من مرة، ولكن تفكيره فى مستقبل أولاده، وتوظيف الفنون، وتقديم المساعدة للآخرين كانت من بين طرق الدفاع التى استخدمها للقضاء على هذه الأفكار الانتحارية، وبالنظر إلى هذه الاستراتيجات التى ذكرها الكاتب لمحاربة الاكتئاب وأفكاره الانتحارية نجد الإسلام قد نادى بها بالإضافة إلى تحريمه لفعل الانتحار نفسه. وبذلك خلق الإسلام لمعتنقيه نطاقا نفسيا آمنا فى هذه الحياة حيث جاء الإسلام وسطيا فى كل جوانبه (ساعة وساعة). وتزداد أهمية هذا النطاق وفاعليته عندما تحرص الحكومات على توفير سبل الترفيه المناسب لشعوبها للتخلص من هذه الضغوط، بحيث يصبح الترفيه جزءا من سياسة الوطن كما فى رؤية المملكة 2030، ومن هنا نشيد بجهود هيئة الترفيه السعودية التى تقوم بدورها فى هذا المجال، وإن كان هناك بعض الأخطاء الفردية من قبل بعض الجماهير يجب معالجتها وعدم المبالغة فى طرحها بحيث تطغى هذه الأخطاء على الجهود الكبيرة، إننا بتقبلنا لبعضنا البعض، والأخذ بوسطية ديننا الحنيف، والاعتراف بحق كل مكون من مكونات شعبنا فى اختياراته مادامت لا تمس حريات الآخرين، سنجعل من المملكة العربية السعودية دولة سعيدة، وتخطو خطواتها المرسومة لها نحو مستقبلها المشرق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة