علاقة أبناء الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه ، متجذرة ووطيدة وحصينة بما قادها علي مر الزمان لمواجهة كل محاولات المساس بها ، فهي علاقة عبر التاريخ وأساس وحدتنا الوطنية هي صمام أماننا نحن المصريين وشعار "الدين لله والوطن للجميع وعاش الهلال مع الصليب سيظل شعارًا لكل أبناء الشعب المصري الواحد وقد تناولت السينما المصرية علاقة المسيحي بالمسلم في أكثر من عمل علي مدار تاريخها وتعددت النماذج القبطية على الشاشة وركزت أغلبية الأعمال على فكرة التعايش السلمي في المجتمع المصري.
-
البداية كانت مع السينما الصامتة في " برسوم يبحث عن وظيفة " وتوالت الأفلام التي عمقت العلاقة وأظهرتها كــ " الناصر صلاح الدين " و"حسن ومرقص" و"شفيقة القبطية" و"التحويلة" و"بحب السيما" و" فيلم هندي " و" الارهابي " ..
أول الأفلام التي تناولت العلاقة الطيبة بين المسلم والمسيحي كانت من خلال السينما الصامتة فقدمت السينما المصرية قبل أن تنطق شخصية المسيحي في فيلم "برسوم أفندي يبحث عن وظيفة" عام (1923) وهو فيلم كوميدي صامت قصير، يدلّ اسم البطل برسوم على ديانته، كذلك صورة السيدة العذراء التي يعلقها على حائط منزله طوال الفيلم، وله صديق مسلم يشاركه في كفاحه في البحث عن وظيفة ليظهر الفيلم مدي العلاقة الطيبة والحسنة بين الطرفين .
فيلم " الشيخ حسن " للفنان حسين صدقي أكد علي فكرة التسامح المسيحي من خلال قصة زواج الشيخ حسن بلويزا المسيحية والتي عندما رحلت يسلم خالها الطفل إلى والده ليربيه عاكساً بذلك رمز التسامح المسيحي وفي عام 1954 أنتجت السينما الفيلم الكوميدي "حسن ومرقص وكوهين" ولكن شخصية المسيحى فيه لم تكن محورية ولكن فيلم "شفيقة القبطية " الذي تم انتاجه عام (1962) كان أيضا من الأفلام المهمة والتي أكدت علي نفس الفكرة فقد ألقي الفيلم الضوء علي علاقة " عزيز " المسيحي بصديقه عارف (المسلم) وفي نفس العام أنتج فيلم "الناصر صلاح الدين" الذي ظهرت فيه شخصية (عيسى العوام ) المسيحي القيادي في جيش صلاح الدين الأيوبى المشارك في تحرير القدس من الصليبيين ، والذراع اليمنى له، والذي يقع في حب لويزا قائدة "الهوسبيتلين" وهم أوروبيون يعملون في مجال الطب وأتوا مع الحملات الصليبية.
ثلاثية نجيب محفوظ التي تناولتها السينما في عدة أفلام كان لها نصيب كبير من إظهار علاقة المسلمين بالمسيحيين وأكدت الأفلام الثلاثة (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) الضوء على العلاقة الأزلية بين المسلمين والأقباط وظهر خلالها الهتاف والشعار الشهير " يحيا الهلال مع الصليب " في مشهد لثورة 1919 الذي سقط خلاله المئات من المصريين من المسلمين والمسيحيين برصاص الإنجليز الذي لم يفرق بين مسلم ومسيحي واختلطت دماء المصريين معا .
في الحروب المصرية ظهر المسيحي جندياً في الجبهة جنباً إلى جنب مع الجندي المسلم في أكثر من فيلم منها أفلام : "الرصاصة لا تزال في جيبي " لمحمود ياسين و" أغنية علي الممر " و" المواطن مصري " فهذه الأفلام بها الكثير من المشاهد التي تبين العلاقة بين المسلم والمسيحي وتؤكد جذورها وقوتها فحين يذهب الجنود لصلاة المغرب يقف المسيحي يحرسهم ليؤدي بعدها صلاته وفي فيلم " الرصاصة لا تزال في جيبي " نري صلاح السعدني في شخصية المسيحي الذي يستشهد أثناء الحرب وتختلط دماؤه بدماء إخوانه من الشهداء المسلمين.
وفي الفترة الأخيرة في سينما ما بعد التسعينات ظهر في أفلام كثيرة شخصية القبطي منها فيلم " الإرهابي " للنجم عادل إمام حيث تناول الفيلم حياة أسرة مسيحية بالكامل بأدق تفاصيلها وأظهر الفيلم علاقة الجيرة الطيبة بين الطرفين وكيف أنهما يشاهدان المباريات سويا ويتشاركان في كل المناسبات، وظهر أيضا في تلك الفترة فيلم آخر من الأفلام المهمة وهو فيلم " التحويلة " الذي تدور قصته حول عامل التحويلة في السكة الحديد حلمي عبد السيد " المسيحي " والذي سجنه الضابط ظلماً بعد هروب أحد المساجين ، وفي السجن يتعرف إلى الضابط عمر، وينتهى الفيلم بمشهد مأساوي بمقتل حلمي وعمر واختلاط دمهما على شكل نهر النيل وفي فيلم "كلام في الممنوع" يظهر أيضا حالة الحب والود والصداقة والإخلاص لضابطين صديقين أحدهما مسلم والآخر مسيحي، يدخل أحدهما السجن ويحاول الآخر إيجاد دليل لبراءته.
وبرغم أن فيلم " فيلم ثقافي " تناول فكرة العلاقة بين المسيحيين والمسلمين بشكل كوميدي لكنه أظهر وأكد جذور الوحدة الوطنية حينما حضر المسلم جنازة والد صديقه المسيحي وفي فيلم " فيلم هندي " الذي كان مسرح الأحداث فيه منطقة شبرا التي تعد نموذجا مثاليا لعلاقة المسلمين بالمسيحيين والجيرة الطيبة والحب والود أظهر ذلك الفيلم عمق الوحدة الوطنية من خلال صديقين مسلم ومسيحي يضحي كل منهما بحبيبته من أجل صديقه وأجمل ما في الفيلم أنه قدم العلاقة بشكل غير روتيني وواقعى وفي السنة نفسها عرض فيلم " الرهينة " الذي يقدّم رسالة سامية أنّ المسلمين والمسيحيين العرب أخوة، ويريد أعداء العرب إحداث فرقة بينهم.
فيلم " بحب السيما " كان الفيلم الأشهر في الفترة الحديثة والذي قدم تفاصيل كاملة عن حياة أسرة مسيحية ، وتدور أحداثه في فترة الستينيات حول طفل يعشق الذهاب إلى السينما، إلا أن والده المتزمت يحرم السينما والفن فالفيلم تعمق كثيرا في العلاقة بين المسلم والمسيحي وأيضا ظهر في فيلم " عمارة يعقوبيان " نماذج مسيحية ثم جاء الفيلم الشهير أيضا الذي جمع عمر الشريف بعادل إمام وهو " حسن ومرقص" وهذا الفيلم تناول العلاقة بين المسلمين والمسيحين وأكد أن نفس معاناة الطرفين واحدة والمصير واحد والطرفين يعيشان حكايات متشابهة وتناول ايضا فيلم " واحد صفر " للمخرجة كاملة ابوذكري العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وفكرة الزواج والطلاق .