جاء قرار البرلمان التركى بالموافقة على إرسال جنود أتراك إلى ليبيا، ليثير حالة جدل واسع، وحالة غضب عارمة، ليس فقط داخل تركيا، بل على مستوى الدول العربية والمجتمع الدولى الرافض تماماً لأى تدخل تركى عسكرى فى الأراضى الليبية، والرافض أيضا لمطامع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى المنطقة العربية، فيما أكد خبراء وسياسيون، أن قرار البرلمان التركى محاولة لتهديد المنطقة، مشيرين إلى أن موقف مصر من الشأن الليبى يدعم أمن واستقرار المنطقة.
فى هذا السياق أكد مساعد العنزى، الكاتب الكويتى، أن المنطقة العربية تمر بمنعطف خطير، لافتا إلى أن تصويت البرلمان التركى بالموافقة على إرسال جنود أتراك إلى ليبيا ماهو إلا تحقيقًا لرغبة رجب طيب أردوغان، الرئيس التركى بالتدخل العسكرى فى ليبيا، خاصة أنه هو المسيطر على المؤسسة التشريعية فى تركيا رغم وجود أصوات معارضة تعي خطورة هذه الخطوة على الداخل التركي وعلى العلاقات التركية الخارجية.
وقال الكاتب الكويتى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن تصادم تركيا مع إقليمها بالتداخلات سيلقى بظلاله على الداخل التركي، متوقعا تحركات واسعة بالشارع التركي قريبا ضد التدخلات التركية بشكل عام وضد سياستها بشكل خاص.
وأشار مساعد العنزى، إلى أن التدخل العسكرى التركى فى ليبيا يعد محك حقيقي لدور جامعة الدول العربية والأعضاء فيها فإما أن يتوحد الموقف أو أن تكون منظمة جامعة الدول العربية منظمة هامشية أمام شعوبها فعدم توحيد الموقف يعني اليوم ليبيا وغدًا غيرها .
فيما أكد محمد حامد، الخبير فى الشئون التركية، أن قرار البرلمان التركى بالموافقة على طلب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بإرسال جنود أتراك إلى ليبيا، يعقد الأزمة الليبية ولا يحلها كما أنه يعد تهديد كبير للمنطقة العربية، متوقعا أن يكون هناك تصعيد دولى كبير ضد محاولات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان التدخل العسكرى فى ليبيا خلال الفترة الراهنة، ويمنعون إرسال جنود أتراك إلى طرابلس.
وقال الخبير فى الشؤون التركية، لـ"اليوم السابع"، إن هذا القرار مرفوض جملة وتفصيلا كما جاء فى بيان وزارة الخارجية المصرية، مشيرا إلى أن هذا القرار يعقد الأزمة الليبية أكثر ولا يضع آفق للحل ويجب الالتزام بمؤتمر برلين لأنه يفتح طرق للحل ونعول عليه كثيرا.
وأشار محمد حامد، إلى أن هذا القرار يؤثر فى الأمن الإقليمى للمنطقة والشرق الأوسط ومنطقة جنوب المتوسط ويزكى صراع دول حوض المتوسط .
بدوره أكد عبد الشكور عامر، الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، أن ما قام به البرلمان التركي من تمرير مذكرة التفاهم بين الحكومة التركية وحكومة فايز السراج غير الشرعية يهدف إعادة محاولة استعمار دول المغرب العربي وخاصة ليبيا الشقيقة وتهديد الأمن القومي لدول الجوار الليبي، موضحا أن مساعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للتدخل فى ليبيا تأتى فى إطار محاولات التدخل المستمرة من قوى الاستعمار الجديدة بكل أشكالها ودوافعها فى الشأن العربى.
وقال الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، لـ"اليوم السابع"، إن هذا القرار الذى اتخذه البرلمان التركي بالموافقة على إرسال معدات وقوات عسكرية إلى ليبيا يعد مثابة إعلان حرب ضد الأمة العربية وتهديد واضح للأمن القومي العربي والمصري تحديدا وتقويض لجهود محاربة الإرهاب فى منطقة شمال إفريقيا التى تقودها كلا من مصر والجيش الوطنى الليبي فى ليبيا .
وتابع عبد الشكور عامر: نُحذر من تداعيات أى محاولة للتدخل العسكرى فى أى بلد عربي وخاصة ليبيا التى تُعانى من الفوضى والحرب القذرة التى تغذيها قوى الشر وعلى رأسها كلا من قطر وتركيا ، كما نؤكد على مخالفة الموقف التركي لاتفاق الصخيرات الذى يشترط موافقة البرلمان الليبي على أى اتفاقيات دولية تُبرمها الحكومة الليبية ، وبهذه المخالفة لاتفاق الصخيرات الذى يمنع ويحرم ويحظر توريد السلاح لليبيا، يُعد قرار البرلمان التركي بمثابة صب الزيت على النار ، وتأجيج للصراع الليبي وإطالة أمد الحرب الداخلية فى ليبيا ودعم تركى واضح للجماعات والمليشيات المسلحة الإرهابية والخارجة على القانون فى ليبيا.
وأوضح أن موافقة البرلمان التركي على مذكرة التفاهم بين السراج وأردوغان وتفويضه اردوغان بإرسال قوات عسكرية الى ليبيا يُهدد الأمن والاستقرار فى منطقة البحر المتوسط ويزيد من احتمالات نشوب حرب إقليمية بالمنطقة مما ستكون له عواقب وخيمة على الأمن والسلم العالمى.
فيما أكد السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، أن قرار البرلمان التركى بالموافقة على إرسال جنود إلى ليبيا هو قرار يتنافى مع مبادئ القانون الدولى، قائلا إنه من المؤسف أن يشرع برلمان دولة فكرة التدخل فى شآن دولة أخرى، موضحا أن هذا محاولة لتكوين نظام دولى جديد غريب الشكل، ومؤكدا فى ذات التوقيت أن الأراضى الليبية ستكون مقبرة للجنود الأتراك حال نفذ الرئيس التركى قرار البرلمان وأرسل بالفعل جنود أتراك إلى ليبيا.
وقال وزير الداخلية الأسبق، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن قرار البرلمان التركى يتنافى مع القانون الدولى ومبادئ الأمم المتحدة، حتى وإن كان قرار إرسال جنود أتراك إلى ليبيا والتدخل العسكرى التركى جاء بناء على مبدأ طلب حكومة الوفاق الليبية هذا الأمر، لأن هذا لا يعنى تصريح لأردوغان بالتدخل العسكرى.
ولفت إلى أن هناك قرار أممى عام 2011 لمراقبة السواحل الليبية وكل ما يدخل إليها، ويمكن تفعيل هذا القرار ، وهذا يتطلب جهود دبلوماسية سريعة لعقد اجتماع لمجلس الأمن ويطالبون فيه بتفعيل قرار الأمم المتحدة الذى يؤكد مراقبة كل السواحل الليبية لمنع دخول أسلحة تركية أو جنود إلى الأراضى الليبية، فالوضع محتاج مراقبة دقيقة للموقف ومراقبة شاملة للأجواء، كما أن طلب الحكومة الليبية المؤقتة المنتخبة بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك لم يتحقق عمليا ، وبالتالى فالأمر يحتاج إلى جهود دبلوماسية ودولية لمنع دخول أى جندى تركى إلى ليبيا، ويمكن للمجتمع الدولى أن يفرض عقوبات على تركيا حال عدم التزامها بقرار الأمم المتحدة عام 2011 من خلال مجلس الأمن .
وأشار السفير محمد العرابى، إلى أن رجب طيب أردوغان بعد قراره بالتدخل العسكرى فى ليبيا سيكون قد دخل فى نفق مظلم، ولن يستطيع أن يحقق أهدافه، خاصة أن ما تشهده ليبيا يختلف تماما عن ما يحدث فى سوريا والعراق، وبالتالى ستكون ليبيا مقبرة للجنود الأتراك لأن هناك جيش ليبى قوى قادر على توجيه ضربات قوية ضد الجنود الأتراك بجانب أن الموقف الدولى يقف ضد مساعى أردوغان للتدخل فى طرابلس.