امتدت الدولة العثمانية سنوات طويلة تمارس استعمارها على شعوب العالم، وكان السلطان سليم الأول، أحد قادة هذا الاستعمار، وقد كان سليم هذا خائنا خان والده وخان أخوته واستخدم المرتزقة فى انتصاراته، هذا ما ذكره المؤرخ المصرى ابن زنبل الرمال فى كتبه.
وابن زنبل الرمال، مؤرخ اسمه أحمد بن على بن أحمد بن زنبل الرمال، عارف بالتاريخ من أهل مصر، كان يتعاطى النظر فى علم الرمل والنجامة، فيقال له الرمال، ثم كان من موظفى نظارة الجيش له كتاب "فتح مصر، وسيرة السلطان سليم، وتحفة الملوك فى عجائب البر والبحر، والمقالات فى السحر والرمل، وقانون النجامة، توفى سنة 980 هجرية.
ويقول ابن زنبل فى كتابه:
السلطان سليم كان له أخ أكبر منه يسمى السلطان أحمد وكان حاكم برصه، وكان أخوه قورقود حاكم المغنسيا، والسلطان سليم قبل أن يتسلطن كان حاكم طرابزان، ولكنه كان ذا همة عالية فى طلب الملك والرياسة على أخوته، فألهمه الله تعالى زواج ابنة ملك التتار خان ليكون ظهرا له، فتزوجها، ثم تجرد بعد ذلك وأخذ الملك من أبيه، لما سمع من الجواسيس الذين كانت تأتيه بالأخبار بأن أباه السلطان بايزيد ضعيف على موت، وأنه أرسل لولده أحمد يحضره ليقلده الملك من بعده، فخاف أحمد من أخيه سليم لما يعلم من طلبه الملك لنفيه، فتأخر عن المجيء فجرد سليم العساكر على أبيه.
فبما سمع عن أبيه ذلك أخذته الغيرة، وأمر بالخروج لملاقاته، فخرجت العساكر، ووقع الحرب بين الفريقين، فكانت الكسرة على سليم، فانهزم، وأخذت زردخانته بجملتها، فهرب إلى الكوفة، فدخل عند رجل يقال له "كمال أغا" وهو زردار القلعة، فأضافه ومكث عنده عدة أيام.
فشكا له السلطان سليم مما جرى له، وما ذهب منه من المال والرجال وهو متحير فى أمره، وقد قصد أخذ الملك من أبيه قبل أن يعطيه لأخيه أحمد، فلم يصح له ذلك. فقال له كمال أغا: عندنا من مال أبيك شيء كثير متحصل، وكنا نريد أن نرسله له، فخذه وتقو به.
ففعل كما قال له كمال أغا، وجمع له عسكرا وجمع له عسكرا أكثر من الأول، وكان السلطان سليم لا يتوقف فى جمع العسكر، لا على رومى ولا على عجمي، بل كل من اختار أن يكون من عسكره قبله، ويعطيه الجامكية ويجعله من عسكره.
فجمع عسكرا كثيرا وجرد على أبيه ثانيا، يردى القسطنطينية، وكانت عساكر أببيه كلهم مالوا إلى السلطان سليم لما يعلمون من علو همته.
فلما وصل الخبر إلى السلطان بايزيد بأن ولدك سليما جرد عليك ثانيا أمر العسكر بالخروج لقتال ولده، فلم يطعه أحد من عسكره، فجاء السلطان سليم إلى أن وصل مدفن أبى أيوب الأنصارى فدخل الوزير الأعظم وكان إذ ذاك فرهاد باشا على السلطان بايزيد، وأخبره بذلك، وأعلمه بأن العساكر كلها مالت إلى السلطان سليم وبغضوك لما يعلمون من تعففك والعصمة المملوكية، وأنت تعرف ما يترتب على ذلك، فأمر السلطان بايزيد أن يقول لهم: السلطان يولى عليكم ولده أحمد.
فأبوا ذلك وقالوا: ما نريد إلا سليما، كلمة واحدة، فخرج السلطان بايزيد يريد الكوفة بماله وعياله، وأن يقيم هناك إلى أن يموت.
ودخل السلطان سليم إلى القسطنطينية، فجلس على تخت الملك، فلم يسافر أبوه إلى يومين ومات فى ستة 918 هجرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة