رباب إبراهيم تكتب.."بنات ثانوي" فيلم خالى من التوابل السبكية ويحمل رؤية سينمائية جديدة

الثلاثاء، 07 يناير 2020 08:10 م
رباب إبراهيم تكتب.."بنات ثانوي" فيلم خالى من التوابل السبكية ويحمل رؤية سينمائية جديدة رباب إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع سيطرة نوعية أفلام الأكشن والجريمة والقصص المخابراتية صاحبة الميزانيات الضخمة على أغلب موضوعات السينما المصرية خلال الفترة الحالية، يأتى فيلم "بنات ثانوى" على العكس تمامًا، ويسير فى اتجاه مغاير عن ما يطرح بدور العرض السينمائية، ليقدم الفيلم  عدة مشاكل اجتماعية لمجموعة من الفتيات فى سن المراهقة مع التعمق فى جذورهم  الأسرية التى سارت  بهن  إلى هذه المشكلات.
 
وربما يحسب للمنتج أحمد السبكى اختيار هذا النوع من الأفلام لتقديمه والمجازفة لعرضه خلال موسم نصف العام، أمام نوعية أخرى من الأفلام لن تكون منافستها سهلة تماماً.
 
وتأتى المغامرة الأكبر أن أبطال الفيلم هم مجموعة من الشباب وليسوا من نجوم الصف الأول و يحملون تجارب سينمائية محدودة، وهو ما يعكس اتجاه منتج العمل فى تقديم فيلم يختلف تمامًا عن كل أعماله السابقة، والتى اشتهرت "بخلطة السبكي" والتى كانت تضم المطرب، والراقصة، والبلطجي"، وربما يكون نجاح فيلم بنات ثانوى وتحقيقه لإيرادات خطوة فى تغير سياسة السبكى الإنتاجية خلال الفترة القادمة.
 
ومن المؤكد أيضاً أن أعضاء لجنة المشاهدة بالرقابة على المصنفات الفنية قد أصيبوا بصدمه كبيرة عند مشاهدة الفيلم لأنه يخلو من أى مشاهد جريئة أو لفظ  خادش، وخاصة أنهم كانوا  مهيئون لمشاهدة فيلم عن فتيات مراهقات، و من إنتاج أحمد السبكي.
 
"أنا عمرى 18 سنة بـ30 من عمرك ياللى كنت بتلف بكره شريط الكاسيت بالقلم الفرنساوي.. دا أنت لسه متفرج على "بب جي" وأنت عندك 30 سنة".. جملة حوارية تصفعك على وجهك فى بداية الفيلم لتمهد لك ما هو قادم من أحداث وتفسر لك الفجوة العمرية خاصة إذا كنت فى سن الثلاثينات، لتجد نفسك تفكر فى داخلك من هذه الفتاة "المفعوصة" التى تسخر من ذكريات جيلنا؟ من التى تعطينا درسًا وتسخر منا؟.. إننا جيل نلهث ونجرى للحاق بمتطورات عصرهم والتى تعد أدوات عادية بالنسبة لجيلهم.
 
المؤلف أيمن سلامة بكل عنف يسحبك لحياة و سلوكيات فتيات ثانوي، ويصدمك فى كل حالة منهن تجعلك تشعر فى كل لحظة إنك فى عمر الثلاثين، ولم تعيش حياة ولم تكن يومًا طالب فى مرحلة الثانوى تتمنى أن تعود إلى تلك المرحلة لتكتسب خبرات و تعيش تجارب أهم وأعمق من التى عيشتها.
 
يمر بك المؤلف فى خطوط متوازية بين المشكلات الاجتماعية فى المجتمع المصرى بما يحتويه من فقر و حرمان و تابوهات المحرمات بين الدين والجنس بدون أى ابتذال، وبين ما نتج عنه من تطور تكنولوجى فى مجال السوشيال ميديا و بين ما تعانيه المرأة منذ بداية شبابها،  عدة خيوط متشابكة مغزولة بين الألم واللايت كوميديا تجعل المتلقى يتفاعل مع مشكلة كل فتاة ويلتمس لها العذر  رغم أخطائها.
 
تتضح فى الحواديت المطروحة الكيميا بين المؤلف الغارق فى تفاصيل المرأة بمختلف مراحلها العمرية وبين تطور وحرفية المخرج محمود كامل فى ترجمة تلك المشاعر لصورة بصرية بداية من اختيار أبطال العمل و أماكن التصوير وأسلوب تميز كل شخصية عن الأخرى دون المساس بحجم مساحة ومآساة كل فتاة لا تشعر بتفضيل مشكلة على الأخرى رغم اختلاف حجم الكوارث المطروحة بين كل حدوته و آخرى.
 
لم نتوقع اختيار "جميلة عادل عوض" فى دور فتاة شعبية خاصة أن تكوينها و صوتها و تربيتها فى عائلة ارستقراطية لم تتخيل منها هذا الأداء المرعب خاصة للتناقض مع شخصيتها الحقيقة المعروفة عنها، ربما ما خدمها فى سياق الحدوتة أنها كانت من أسرة مستواها الاجتماعى جيد و لكنها انهارت بعد ثوره 25 يناير، و اضطر والدها للعيش بيهم فى منطقة شعبية مما يجعلك تقرأ ما بين السطور مما أفرزت الثورات وتأثيرها على طبقات المجتمع.
 
ومن تلك المناطق الشعبية و تحديداً موقع المدرسة تشعر أن جميله عادل عوض، هنادى مهني، مى الغيطي، هدى المفتي، مايان السيد، محمد مهران، محمد الشرنوبي، أبطال العمل انخرطوا فى الحارات الشعبية لفترات طويلة، و كأنهم كانوا فى فترات كورسات تمثيل جديدة عليهم تعلموا فيها لغة هذه المراحل العمرية بثقافة المناطق التى يعيشون بها، ولم يقتصر تجربتهم فى التعليم على تعبيرات الوجه فقط بل حركات الجسد والأيدى وردود أفعال المشاعر الجنسية الفطرية كلا منهم اتقن تجسيد مشكلته.
 
ربما يكون نجاح هذه التجربة نواه جديده فى تغير نوعية الموضوعات المطروحة فى السوق السينمائى فى الفترة القادمة.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة