يقدم المفكر الكبير فراس السواح كتابه "دين الإنسان: بحث فى ماهية الدين ومنشأ الدافع الدينى"، يقول الكتاب "إن الدين هو أحد السمات الرئيسية التى ميّزت الإنسان عن غيره من الكائنات، منذ أكثر من مائة ألف عام من عصرنا هذا، وقد مثل الدين محرضاً أساسياً وهاماً فى حياة البشر عبر عصورها.
ويسعى الباحث فى كتابه إلى وصف تلك الظاهرة الدينية وذلك بهدف التعرف على هذه الظاهرة وعلى حقيقتها كما هى، وذلك عن طريق وصفها وصفاً دقيقاً، وعزلها عن بقية ظواهر الثقافة الإنسانية المتعددة.
وفى سبيل هذا الهدف حاول الباحث فى دراسته هذه تجنب أمرين، الأول فلسفة الدين، والثانى تاريخ الأديان، لذا كان توجهه فى طريقة معالجته لهذا الموضوع وبشكل تلقائى نحو المنهج الفينومينولوجي-الظاهراتي، والفينومينولوجيا هى طريقة وصفية فى البحث، يبتعد الباحث من خلالها عن النظريات الفلسفية، فى محاولة لحدس ووصف الظاهرة كما تبدو لتجربتنا المباشرة، أى وصف طبيعتها وطرق تبدياتها وتعبيراتها عن نفسها دون إرجاعها إلى أية ظاهرة.
وعبر نظرة عميقة نجد أن الباحث قدم بحثه هذا ضمن أبواب سبعة دارت حول المحاور التالية: مسائل أولية فى المصطلح والتعريف، بنية الدين، الأشكال الاجتماعية للدين ومستوياته الشمولية، المعتقد، أو بنية الحدّ الأدنى للظاهرة الدينية، المعتقد وبنية الحدّ الأدنى، المطلق ونسبية الآلهة فى معتقدات الشرق الأقصى، نتيجة ومدخل جديد، الوعى والكون كلانية الوجود فى الفيزياء الحديثة ومنشأ الدافع الدينى"
وعن الكتاب قال المترجم يوسف نبيل على موقع "good reads"
"فراس السواح واحد من أهم المفكرين والعلماء فى هذا المجال، وهو خوض مجال به عدد نادر من الباحثين فى العالم العربى، وهذا وحده يستحق تحية وتقديرًا، لا يمكن أن أقدم موجزًا أو رأيًا سريعًا حول هذا الكتاب الضخم والرائع لذلك سأكتفى بالإشارة إلى بعض الملاحظات السريعة.
أعجبنى جدًا تفريقه بين الدين الفردى الذى يعبر عن خبرة الفرد النفسية بالقدسى، وبين الدين الجمعى والمؤسساتى الذى يتطور مع تطور التكوين السياسى والاجتماعى المركب، يبدو أننا الآن فى عصر غابت فيه الخبرة الفردية بشكل مقلق للغاية، وتولت المؤسسات الاجتماعية المركبة استبدال هذه المشاعر الدينية الحقيقية التى نحن فى حاجة إليها بمشاعر أخرى مصطنعة زائفة هى التى صنعت من الدين عصابًا كما رأى فرويد... الديانة الجمعية هى التى تولت لعصاب لا الدين فى حد ذاته، وهو الأمر الذى عجوز فرويد عن فهمه، لأنه نظر إلى الدين على أنه مجرد مشاعر نفسية فى حاجة إلى الأب الحامي، فى حين عرض فراس السواح أن فكرة الإلوهة هى فكرة لاحقة أساسًا على الدين، وأن الدين أسبق من ذلك بكثير.
"فى الحقيقة فإن المؤسسة الدينية هى بنية اجتماعية حديثة نسبًا فى تاريخ الحضارة الإنسانية، فقد عاشت الجماعات البشرية وفقًا لمعتقداتها ومارست طقوسها وقصَّت اساطيرها لعشرات الألوف من السنين دون مؤسسة دينية تشرف وتوجه وتجعل من نفسها السلطة المرجعية العليا. ربما قام أفراد متميزون فى مجتمعات العصر الحجرى والمجتمعات القروية الأولى بالإشراف على الطقوس الدينية والتوسط بين العالم الدنيوى والعوالم القدسية إلا أن هؤلاء لم يتخذوا صفة الكهان المرسومين ولم يتمتعوا بسلطة مطلقة على الحياة الدينية لجماعاتهم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة