حروب تلفزيونية.. كيف تقمص "الملالى" شخصية ترامب فى الهجوم على "عين الأسد" بالعراق؟.. الضربة "الصفرية" تفتح الباب أمام صفقة محتملة أمريكية إيرانية بعد التصعيد.. وتمثل تكرارا للهجوم الأمريكى على سوريا قبل عامين

الأربعاء، 08 يناير 2020 03:00 م
حروب تلفزيونية.. كيف تقمص "الملالى" شخصية ترامب فى الهجوم على "عين الأسد" بالعراق؟.. الضربة "الصفرية" تفتح الباب أمام صفقة محتملة أمريكية إيرانية بعد التصعيد.. وتمثل تكرارا للهجوم الأمريكى على سوريا قبل عامين
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هجوم صاروخى إيرانى على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية بالعراق، يتزامن مع تشييع  قائد فيلق القدس الإيرانى قاسم سليمانى، إلى مثواه الأخير، بعد استهدافه فى هجوم أمريكى مشابه، قبل عدة أيام، بصحبة عدد من قيادات ميليشيات الحشد الشعبى العراقى الموالى لطهران، ليكون بمثابة رسالة مفادها أن النظام الإيرانى نجح فى مناطحة واشنطن، عبر الثأر للقائد البارز فى الحرس الثورى الإيرانى، قبل أن يوارى جثمانه الثرى، لتعلن طهران بعدها مباشرة على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف انتهاء الرد الإيرانى على استهداف سليمانى، بعد أيام من التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، من قبل رموز النظام الإيرانى، وعلى رأسهم ظريف نفسه، بالإضافة إلى قيادات الحرس الثورى الإيرانى.

إلا أن ما يمكننا تسميته بـ"الهجوم الصفرى" الإيرانى على القواعد الأمريكية، والذى لم يسفر عن أية قتلى من الجانب الأمريكى، يعيد إلى الأذهان مشاهد الحروب التلفزيونية، التى زخرت بها الساحة الدولية فى السنوات الأخيرة، والتى لا تتجاوز فيها الضربات العسكرية، مجرد الأهداف الدعائية، البعيدة عن التأثير الفعلى، على موازين القوى الدولية، على الأرض، بينما تقتصر أهدافها على مجرد تسجيل مواقف معينة، على رأسها حفظ ماء الوجه أمام الرأى العام فى الداخل، بينما تبقى الأوضاع على الأرض كما هى، وهو ما يبدو فى المشهد الأخير فى مسلسل "الصراع الأمريكى الإيرانى"، الذى أثار حفيظة قطاع كبير من المحللين، فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد مقتل قاسم سليمانى، بالقرب من مطار بغداد الدولى، فجر الجمعة الماضية.

ضربات صفرية.. كيف تقمص الملالى شخصية ترامب؟

الهجوم الإيرانى الأخير على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية بالعراق، يمثل تكرارا للضربات التى سبق وأن شنتها الولايات المتحدة على سوريا قبل ما يقرب من عامين على الأراضى السورية، ردا على مزاعم دارت حينها، حول استخدام نظام الرئيس السورى بشار الأسد، لأسلحة محظورة على مدينة دوما السورية، حيث أسفرت تلك الهجمات فى النهاية عن "لا شىء"، حيث لم تؤدى إلى سقوط أى ضحايا، بينما خرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب متهللا فى نهاية المطاف، معلنا نهاية الرد الأمريكى على ما اعتبره "انتهاكا" سوريا، مؤكدا أنه تم توجيهها بشكل مثالى، فى محاولة للترويج إلى انتصار ربما لم يتحقق، دون تغيير يذكر فيما يتعلق بالهيمنة الروسية على المشهد السورى.

تغريدة ترامب حول سوريا
تغريدة ترامب حول سوريا فى أبريل 2018

ولعل المفارقة المثيرة للانتباه هو أن الهجوم الأمريكى المشار إليه على سوريا، يتشابه إلى حد كبير مع الظروف المحيطة بالضربات الإيرانية، حيث سبقهما حربا كلامية، هدد حينها ترامب القوات الروسية المتمركزة على الأراضى السورية، بما أسماه بـ"الصواريخ الذكية، حيث كتب فى تغريدة له "استعدى يا روسيا.. الصواريخ الجديدة والذكية قادمة"، فى محاولة لإثبات الوجود الأمريكى الحيوى فى سوريا، بعدما نجحت موسكو فرض قبضتها على الأوضاع هناك، لتزاحم النفوذ الأمريكى، فى الشرق الأوسط عبر البوابة السورية، إلا أن الهجوم لم يساهم فى أى تغيير يذكر فيما يتعلق بموازين القوى الرئيسية على الأرض، حيث بقت موسكو صاحبة الكلمة العليا، فى سوريا، بينما لم تنجح واشنطن، عبر ضربتها "الصفرية"، فى إعادة فرض وجودها على المشهد السورى من جديد.

من الحرب إلى التفاوض.. صفقة أمريكية إيرانية فى الطريق

وهنا يمكننا القول بأن مثل هذه الهجمات لا تعدو أكثر من امتداد لحرب كلامية، تهدف فى الأساس إلى مخاطبة الداخل، سواء فى واشنطن، فى الحالة السورية، أو طهران، كما هو الحال فى الهجوم الإيرانى الأخير على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية، حيث تهدف الأنظمة فى المقام الأول إلى إثبات وجودها وقدرتها على مناطحة القوى الفاعلة على الأرض، عبر هجمات "تلفزيونية"، تحمل شعار "الثأر"، ولكنها فى الواقع لا تسفر عن أى إنجاز يذكر، وإن كانت تفتح الباب فى نهاية المطاف إلى تحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بالقضايا الخلافية العالقة، وهو ما بدا فى الملف السورى، حيث تحولت الحرب الكلامية، والتهديدات التى أطلقها ترامب بحق الروس، فى سوريا، إلى تنسيق عالى المستوى، تجلى بوضوح فى الحرب على داع شفى منطقة شمال سوريا، بالإضافة إلى التعامل المشترك مع العدوان التركى على المنطقة نفسها، بعد ذلك، والذى أفضى فى النهاية إلى إجبار الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، على الرضوخ ووقف إطلاق النار.

تشييع جنازة سلميانى فى أعقاب الضربة الإيرانية
تشييع جنازة سلميانى فى أعقاب الضربة الإيرانية

الهجوم الإيرانى الأخير، وما تلاه من إعلان حول انتهاء رد طهران على مقتل سليمانى، يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان هناك صفقة أمريكية إيرانية، يتم صياغتها فى المرحلة الراهنة، ربما تفتح الباب أمام مفاوضات جديدة حول العديد من الملفات العالقة، وعلى رأسها الموقف من الاتفاق النووى، والذى سبق وأن انسحبت منه إدارة ترامب فى مايو من العام الماضى، داعية إلى اتفاق جديد، من شأنه تحجيم ليس فقط القدرات النووية، وإنما أيضا الإمكانات العسكرية، لطهران، مع توسيع حجم المشاركة الدولية، بحيث لا تقتصر على دول (5+1)، والتى تشمل الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، لتشمل دولا أخرى، أبرزهم اليابان، والتى اختارتها إدارة ترامب لتكون الوسيط مع طهران، وهو ما قبلته الأخيرة ضمنيا، عبر الزيارات التى قام بها وزير الخارجية الإيرانى لطوكيو فى الأشهر الماضية.

الانسحاب الأمريكى.. الخروج العسكرى هدف مشترك

ولا تقتصر أبعاد الصفقة الأمريكية الإيرانية المحتملة على مجرد الوصول إلى اتفاق جديد بين إيران والمجتمع الدولى، وإنما ستمتد لتشمل أبعادا أخرى، وعلى رأسها الانسحاب الأمريكى من العراق، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى تصريحات القيادات الإيرانية، وعلى رأسهم المرشد على خامنئى، ووزير الخارجية، وغيرهم، والذين اعتبروا أن الهجوم يعد بداية النهاية للوجود الأمريكى العسكرى فى المنطقة.

القوات الأمريكية فى العراق
القوات الأمريكية فى العراق

 

ويمثل الانسحاب العسكرى الأمريكى أحد الأبعاد الجوهرية فى رؤية الرئيس ترامب، والتى تقوم فى الأساس على تخفيف الوجود العسكرى الأمريكى فى العديد من مناطق العالم، وهو ما بدا أولا فى سوريا، بينما يتجه لاتخاذ النهج نفسه فى دولا أخرى، أبرزها أفغانستان، عبر السعى نحو اتفاق سلام مع حركة طالبان، وبالتالى فربما يأتى الخروج الأمريكى من العراق، عبر صفقة مع طهران فى المرحلة المقبلة.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة