كثيرا ما نجد بعض الأحكام تتعرض للبطلان والانعدام، ويقضى بذلك خلال مراحل التقاضي "استئناف- نقض" أو من خلال دعوى بطلان أصلية، ويكون السبب فى بطلان تلك الأحكام راجعا إلى المدعى عند اقامة دعواه بعد أن يكون أخذ وقتا طويلا فى مباشرة دعواه، وينتهي الأمر به الى انعدام الحكم أو بطلانه، ولاسيما أن امر انعدام الحكم وبطلانه متعلق بالنظام العام.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين المتقاضيين تتمثل في حالات شائعة يقع فيها الخصوم تؤدى لانعدام الأحكام وبطلانها، منها انعدام الحكم بسبب وفاة أحد الخصوم قبل بدء التداعي، وانعدام وبطلان الحكم بسبب عدم إعلان الخصم بصحيفة افتتاح الدعوى، وكذا انعدام وبطلان الحكم بسبب بطلان تمثيل الخصوم وعدم توافر أهلية التقاضي – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى عزام.
الحالة الأولى: انعدام الحكم بسبب وفاة أحد الخصوم قبل بدء التداعى
وفى هذه الحالة - قد يقيم المدعى دعواه ويفاجئ بأن المدعى عليه كان متوفيا قبل قيد الدعوى، مما تنعدم معه الخصومة حيث لا خصومة إلا بين أحياء، وقد تكون الوفاة قبل قيد الدعوى بيوم واحد، كذلك لو كان المدعى نفسه قد توفاه الله قبل قيد الدعوى بيوم ولم يعلم بذلك محاميه، فلا يجوز تصحيح شكل الدعوى باختصام الورثة بل يتعين اقامة دعوى من جديد – وفقا لـ"عزام".
كذلك يستوي فى الأمر أن تكون الوفاة للخصم قبل قيد الدعوى أمام محكمة أول درجة أو كانت الوفاة قبل قيد الاستئناف أو النقض، فينعدم الحكم الصادر فى الاستئناف لوفاة المستأنف ضده قبل قيد الاستئناف وخلال مواعيد الطعن، كذلك لو تعدد الخصوم وتوفى أحدهم وكان الموضوع غير قابل للتجزئة، فوفاة أحدهم يرتب بطلان الحكم برمته، لذلك على كل خصم تتبع الحالة التى عليها خصمه قبل قيد الدعوى أو صحيفة الطعن.
رأى محكمة النقض في هذه الحالة
وفى هذا الشأن - قضت محكمة النقض: "المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا تُرتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد الخصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم قانوناً"، وذلك طبقا للطعن رقم 470 لسنة 87 قضائية.
الحالة الثانية: انعدام وبطلان الحكم بسبب عدم اعلان الخصم بصحيفة افتتاح الدعوى
وفى هذه الحالة تكون صحيفة افتتاح الدعوى هي الأساس الذى تقوم عليه كل إجراءاتها، ويترتب على عدم إعلانها عدم انعقاد الخصومة، ومن ثم لا يترتب عليها إجراء أو حكم صحيح إذ يعتبر الحكم الصادر فيها منعدماً، ويتحقق ذلك لو تعمد المدعى اخفاء الخصومة – غشاً منه- بإعلانه على اعلان وهمى – أو تم السير فى الدعوى مظنة من أن الصحيفة معلنة وتبين بعد ذلك أنها غير معلنة أو لبطلان الاعلان بسبب الخطأ مثل إعلان الشركات على غير مركزها الرئيسى.
وفى هذا الشأن - قضت محكمة النقض: "المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن صحيفة افتتاح الدعوى هي الأساس الذى تقوم عليه كل إجراءاتها، ويترتب على عدم إعلانها عدم انعقاد الخصومة، ومن ثم لا يترتب عليها إجراء أو حكم صحيح إذ يعتبر الحكم الصادر فيها منعدماً، ومن ثم لا تكون له قوة الأمر المقضي ولا يلزم الطعن فيه أو رفع دعوى بطلان أصلية بل يكفى إنكاره والتمسك بعدم وجوده"، وذلك طبقا للطعن رقم 10943 لسنة 82 قضائية.
الحالة الثالثة: بطلان الحكم بسبب بطلان تمثيل الخصوم وعدم توافر أهلية التقاضى
وفى هذه الحالة - أحيانا يتم اختصام شخص غير معنى بالخصومة أو يكون هناك بطلان فى اختصامه، وأمثلة ذلك:
1- اختصام شخص محكوم عليه فى جناية دون اختصام القيًم عليه خلال فترة العقوبة.
2- إذا تم اختصام الشخص بوصاية أو بولاية عليه رغم بلوغه سن الرشد.
3- عدم اختصام القاصر البالغ 15 عاما - سن المخاصمة - فى دعاوى الأسرة واختصام الأم المطلقة.
وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الحالة في الطعن المقيد برقم 514 لسنة 84 قضائية، حيث قضت محكمة النقض: "المقرر في قضاء محكمة النقض أن مؤدى نص المادتين ٢٤ / ١، ٢٥ / ٤ من قانون العقوبات أن كل حكم يصدر بعقوبة جناية يستتبع حتمًا وبقوة القانون عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضى أمام المحاكم سواء بصفته مدعيًا أو مدعى عليه، بما يوجب إن لم يعين هو قيمًا تقره المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورة، أن تعين هذا القيم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة في ذلك، فإذا أُختصم أو خاصم بشخصه في دعوى خلال فترة تنفيذ العقوبة الأصلية المقضي بها عليه دون القيم الذى يمثله من قبل المحكمة بطُلت إجراءات الخصومة بقوة القانون ، واعُتبرت كأن لم تكن".