يفتح العلم كل يوم بابا جديدا ومع ذلك يظل الإنسان "غارقا" في عالم الخرافات، لا يخرج من تأثير الشعوذة، ويكون مستعدا طوال الوقت لتصديق الوهم، فلماذا يحدث ذلك؟
يقول كتاب "الحنين إلى الخرافة" لـ عادل مصطفى، تحت عنوان "جاذبية الخرافة":
للخرافة جاذبية هائلة، ومهما تقدم العلم فسوف تظل الخرافة أعز الأمكنة من قلوب البشر وأعمق الأغوار من أنفسهم، ذلك أنها هى الأصل وهى العلم الأقدم، وهى التى قدمت للإنسان الوعد والسلوى يوم كان ملقى مهملا فى عالم موحش ملغز خطر.
والوعد، حتى لو كان كاذبا، ليس بالشىء الهين، فهو للنفوس المغلوبة على أمرها أنيس الأيام وسمير الليالى.
غير أن هذا المنطق إن جاز أن يفعل فى أزمنة الضعف والعجز فإنه لا يجوز للإنسان اليوم.
ويفتتن بعض الناس بالخرافة لأنها مثيرة للدهشة زاخرة بالغرابة، ولهؤلاء نقول إن العلم يفوقها فى هذا المضمار فتنة وإدهاشا ويزيد عليها بأن غرابات العلم حق، إن نظرة فى تلسكوب أو مجهر لتلقى بالمرء فى عوالم فاتنة بديعة ملونة أنعم من أهداب الحلم وأغرب من نسج الخيال، غير أنها حق، منها أطراف الكون القصية، وتشكيلات الأنجم والمجرات، وتلافيف الدماغ ومسالكه ودروبه، والعالم تحت الذرى والعالم الجينى وقصة التطور المنقوشة فى أحافير الصخور وأنوية الخلايا، أعاجيب لم يجد بمثلها خاطر ولم تتفتق بمثلها قريحة.
ويفتتن البعض بالخرافة لأنها تدغدغ عواطف وتبعث نشوات، ولهؤلاء نقول إن للعلم مقاماته وأحواله، وطربه ومواجده العلمية مملة حياتية لها أخلاقياتها بل روحانياتها منها: التطهر بالاختبار، الاعتراف بالخطأ، التبتل للحقيقة، الولاء الخاص لـ الدليل، التنزه عن الغرض، إرجاء الحكم، الانفتاح على الأفكار، الانتشاء بالكشف، الابتهاج بالزمالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة