لازالت قضية الزيادة السكانية تمثل، عائقا كبيرا للدولة المصرية فى مسيرة التنمية والتقدم، ووفق إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الأخيرة، فأن عدد السكان فى مصر أصبح 101 مليون نسمة، وذلك "من 11 فبراير إلى 3 أكتوبر 2020" أى 177 فردا كل ساعة أى 3 فرد كل دقيقة، وتعكس هذه الزيادة أزمة كبرى تنعكس على الفرد والمجتمع فى آن واحد، وتؤثر على نصيب الفرد من الناتج القومى.
وهو ما حذر منه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء أيضا خاصة وأن هذه تعد مؤشر كبيرا يلتهم ثمار التنمية، حيث أن زيادة المليون نسمة الأخيرة فى عدد سكان مصر تحققت خلال 235 يوما "سبعة أشهر و25 يوم"، فمصر كانت تستقبل مولود كل 20 ثانية بعام 1980، والآن كل 13.5 ثانية، وعدد السكان تضاعف عام 2020 بنسبة 400 %، كما أن مصر قد تواجه تضاعف حجم السكان خلال 50 عاما، بواقع 200 مليون نسمة وإلا إدراك حجم التحدى لتصبح مصر 108 مليون نسمة فقط خلال 2030، وهو ما يتطلب من الجميع إدراك حجم المسئولية التى تقع عليه والمشاركة فى الحد من هذا النمو الهائل والذى يحدث بأرقام كبيرة كل لحظات، خاصة وأن كل مولود يكلف الدولة 13100 جنيه سنويا حتى يبلغ 20 عاما، والدولة استثمرت 585 مليار جنيه على كل الخدمات لفئة عمرية بداية من المولد حتى عام 2020.
وتقول الكاتبه الصحفية سكينة فؤاد، أنه فى خلال الافتتاحات الأخيرة التى تشهدها الدولة المصرية أراد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن ينبه لأكثر من مرة إلى الخطر الكامن أو القنبلة التى تهدد الحاضر والمستقبل رغم ما يحدث من إنجازات، موضحة أن الزيادة السكانية المتلاحقة تأكل الأخضر واليابس وهو ما يتطلب ضرورة الحد منها ومواجهتها ، قائلة: "قديما كانت الحسبة السكانية المفزعة أن 3 أو 4 ملايين مواطن يعيشون على 4 ملايين فدان منذ نحو 200 سنة والآن أصبحنا 100 مليون يعيشون على نفس المساحة ..وبقياس النسبة العددية للزيادة السكانية فعدد السكان سيتضاعف خلال الثلاثين عاما المقبلة ومن المتوقع أن يصل عدد سكان مصر عام 2050 إلى نحو 194 مليون مواطن ".
وشددت " فؤاد" على أن مواجهة هذه الزيادة تتطلب تفعيل استراتيجية موسعة تتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة لتوعية الأسر المصرية بهذه الخطورة، ولتغيير ما داخل الرءوس من معتقدات بالية وعادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة وظالمة للدين، مؤكدة على ضرورة تفعيل تجريم عمالة الأطفال وتجريم التسرب من التعليم .
وأوضحت أنه لابد من خطاب واضح واضح يوجه للقرى الأكثر فقرا والصعيد وتفعيل كافة الأدوار المسئولة والغائبة حتى الآن منها الخطاب الدينى المستنير الذى يندد بالكثرة الضعيفة ويشيد بالقلة القوى.
وشددت أنه لابد من تغيير مفاهيم لدى الأسر الفقيرة، خاصة وأن "هناك أسر لازالت تعتبر أن زيادة الأبناء وسيلة للرزق، وكلما تتزايد أعداد الأبناء يتزايد الدخل المادى..وتدفع الأولاد للعمل كسائقين "توك توك" بينما تقوم بتزويج البنات فى سن مبكر".
وأشارت إلى أن ما يحدث فى مصر وكأن هناك سباق غير عادل بين زيادة الإنتاج وبين الزيادة البشرية، وهو ما يتطلب خطاب دينى وإعلامى وثقافى توضح خطورة الزيادة السكانية بدون وعى ويحذرنا من هذه الآفة وخاصة أننا شعب أغلبه يمثل البعد الدينى جزء أساسى من تكوينه، مضيفة: "يجب أن يتناول الخطاب الدينى خطورة حرمان الطفل من حقوقه فى التعليم، والتحذير أيضا من فكرة أن كثرة الانجاب تتسبب فى تدهور صحة المرأة".
وقالت: "مواجهة أزمة السكانية تتطلب أيضا خطاب إعلامى يصل لجميع المواطنين بكل فئاتهم، وإنتاج أعمال درامية تؤكد على أهمية تربية الأطفال وحصولهم على حقوقهم كاملة، مضيفة: "قضية الزيادة السكانية خطيرة ورغم خطورتها لا يتم التعرض لها بحجم خطورتها".
ويقول النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن الزيادة السكانية قضية لا تقل خطورة عن أى تحدى نواجهه، موضحا أن اللجنة رفضت ميزانية المجلس القومى للسكان لموازنة العام الجارى نظرا لأنه لا يوجد داعى لها فى ظل استمرار المجلس تحت وزارة الصحة، والأفضل هو استقلاليته وأن يكون هو صاحب أمره.
ولفت إلى أنه لابد من إعادة النظر فى استراتيجية مواجهة الزيادة السكانية لـ 2030 وتفعيلها، وأن يضبط وضع المجلس القومى ليتمكن من أداء دوره، مشددا أن الدولة جميعها عليها أن تعمل فى هذه القضية ، موضحا أن الحل دستوريا هو منع حوافز للأسر الملتزمة بينما الحرمان من الدعم فيصعب ذلك وتواجه تحديات دستورية.
وأوضح أن اللجنة تلقت شكاوى من نقص أدوية تنظيم الأسرة وعدم تأدية بعض الوحدات دورها، وهو ما يتطلب ضرورة توفيرها بتوسيعها، مشيرا إلى أنه رغم أهمية استراتيجية مواجهة الزيادة السكانية 2030 وما تمثله من قضية أمن قومى، إلا أنها لم تفعل بعد رغم انطلاقها فى 2014، وهو ما يتطلب ضرورة النظر فيها من جديد.
وأكدت النائب مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن مواجهة الزيادة السكانية ضرورة تتطلب تضافر جميع مؤسسات الدولة لنشر الوعى للمواطن بأن أعبائها عائدة على المجتمع ككل، مشيرة إلى أن الشعب المصرى متدين بطبعه وهو ما يتطلب تفعيل الخطاب الدينى بشكل أعمق فى ذلك وأيضا الاعتماد على الأعمال الدرامية.
وأشارت إلى أنه من ضمن الأسباب التى يمكن أن تسهم فى ذلك رفع سن الزواج والتى طالبت بأن تكون 21 عام بدلا من 18 عام، مؤكدة على ضرورة التوسع فى أشكال جديدة وسائل تنظيم الأسرة واستخدام الوسائل التى يمكن أن يستخدمها الرجال بجانب توفير وسائل المرأة بشكل كافى، بجانب النزول للقرى والنجوع لمخاطبة الأهالى البسيطة والحد من التسرب فى التعليم، خاصة وأن هذه الزيادة ترهق العملية التعليمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة