"وراء كل رجل عظيم امرأة" هكذا قالوا قديما فى الأمثال، ولعل هذا المثل يمكن قوله "وراء كل مبدع، مبدعة أخرى ظُلمت"، ففى حياة كل مبدع أديب كان أو فنان، زوجة وشريكة حياة ربما لا تقل عنه في الموهبة والإبداع، لكن سطوة الرجال وشهرتهم الطاغية في عوالم الإبداع، تجعل من هؤلاء ضحايا المبدعين، ومن أشهر النساء اللواتى ظلمهن إبداع أزواجهن:
سنية صالح
بحسب الكاتب عبده وازن كان يكفي الشاعرة سنية صالح أن تكون زوجة الشاعر محمد الماغوط لتعيش في الظل وتكتب بصوت خافت وبعيداً من أي ضوضاء، حيث يرى أن الشاعرة الرقيقة والعذبة كانت طوال حياتها ضحية زوجها شخصاً وشاعراً، وضحية شهرته ومزاجاته المتقلبة وطباعه الحادة، قيل الكثير عن علاقتهما الصعبة وما تخللها من شجون وآلام، ومحمد الماغوط نفسه حمل كتابه "سيّاف الزهور" ما يشبه الندم على ماضٍ "زوجي" وملأه أيضاً تحيات إلى الزوجة المعذّبة وهي لم تصلها بعد رقادها في قبر "موحش" كحياتها.
ويرى "وازن" في مقال له بعنوان "سنية صالح العائدة من ليل" أن الكثيرون يتحدثون عن سنية صالح ولكن قلّة تتحدث عن شعرها، ديوانها الأول "الزمان الضيق" اختفى ودواوينها الأخرى لم تنل حقها في النقد على اختلافه، ظُلمت هذه الشاعرة كثيراً، في حياتها كما بعد مماتها، ويحتاج شعرها إلى أن يقرأ مرة تلو مرة لا لصعوبته، وهو أصلاً صاخب بتلقائيته الحية، بل ليجد المرتبة التي يستحقها بين الشعراء الحقيقيين ولينال الحظوة التي يستحقها أيضا.
خالدة سعيد
شقيقة سنية صالح، لم تكن أفضل حالا مع زوجها، فكما غطت شهرة "الماغوط" على شهرة وإبداع زوجته، كانت لشهرة أدونيس الشعرية والفكرية الكبيرة في العالم العربى، سطوتها على زوجته الراحلة سنية صالح، حتى أن الدكتور عبد العالي مجذوب يصف اسم (خالدة سعيد) بالخامل الذى تغطّيه شهرةُ زوجها أدونيس، فهو لا يكاد يظهر إلا في المناسبات الأكاديمية، أو في بعض اللقاءات الإعلامية. وقد اشتهرت المرأة، أول أمرها، بمقالاتها النقدية في مجلة "شعر"، التي أسسها يوسف الخال بتعاون مع أدونيس. وقد كانت في البداية تكتب باسم (خزامى صبري) المستعار.
ورغم أن إصدارات خالدة لم تتوقف، إلا احتجبت عن الأضواء والتواجد في التجمعات الثقافية ومعارض الكتب والندوات الأدبية منذ فترات بعيدة، وكأنها احتجبت عن العالم.
سلفيا بلاث
ماتت الشاعرة والروائية الأمريكية سلفيا بلاث، منتحرة في 11 فبراير 1963، بينما ظل تيد هيوز وحده يدفع الثمن، خاصة أن أصابع الاتهام كانت تشير إلى أنه دفعها لتلك الميتة الصعبة عندما تجاهلها وابتعد عنها وأحب امرأة أخرى، كذلك لتقليله من إبداعها، رغم أنه يعرف ضعفها وهشاشة أعصابها، وأنها حاولت الموت أكثر من مرة قبل ذلك، كذلك لأن المرأة التى أحبها بعد سلفيا بلاث انتحرت أيضا بالطريقة نفسها، أى أنها وضعت رأسها فى فرن الغاز.
تقول بلاث في رسائلها إنها عانت من العنف المنزلي من قبل زوجها، الأمر الذي أثار من جديد موضوع إضطهاد المرأة، الذي جعل من بلاث، التي إنتحرت بعد إنفصالها عن هيوز، شهيدة القضية. ووفقاً لإحدى هذه الرسائل، أن هيوز كان قد ضرب زوجته قبل إجهاضها بيومين.