نخوض فى عالمنا الحديث حربًا "ثقافية" بين الجهل والعلم، بين التطرف والمعايشة، فالثقافة وحدها القادرة على مواجهة التطرف وكشف زيفه وفساده فى الأرض، والمعرفة وحدها التى يمكن أن تأخذ بأيدينا للنجاة مما نخشاه من تربص أعداء الحياة.
والفكر الإسلامى على مدى تاريخه "متنوع" بداخلة مادة التعايش والرحمة، وهى الأساس، بينما يذهب البعض لوضعه فى إطار من الحدة والعنف ساعين لمزيد من التطرف وإراقة الدم فى الأرض.
أولا: كتب تدعو لـ التطرف، نشير إلى أن دار الإفتاء المصرية قد حذرت من هذه الكتب
مسائل من فقه الجهاد
كتاب لأبى عبد الله المهاجر، واسمه الحقيقى عبد الرحمن العلى، المرجعية الفقهية لأبى مصعب الزرقاوى، الأب الروحى لتنظيم داعش الإرهابى.
يحتوى كتاب المهاجر على عشرين مسألة من مسائل الدماء والقتل، وقد سماه بعض الباحثين "فقه الدماء"، بدلاً من "فقه الجهاد"، وبحسب محمد أبو رمان، الباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، ضم الكتاب 20 عنصرا، أولها بعنوان "دار الحرب"، واعتبر فيها أن الدول فى العالم، وفى مقدمها العربية والإسلامية، قد دخلت فى حد الردة والكفر، ويجب قتالها.
وبحسب عدد من المنتديات التابعة لتنظيم داعش الإرهابى، فإن الكتاب سالف الذكر، كان أحد الكتب التى أوصى بها أبو مصعب الزرقاوى، كما تم نسخه بعد ذلك على يد عناصر التنظيم وتدريسه باسم "مسائل فى فقه الجهاد" بمدارس داعش، ويتكون من 600 صفحة.
كتاب "إدارة التوحش"
كتاب "إدارة التوحش" لأبى بكر ناجى، نشر عام 2004، يشرح فكر واستراتيجية تنظيم قاعدة الجهاد، وهو عبارة عن مجموع مقالات نشرت فى منتدى أنا المسلم.
ويؤكد المؤلف الذى يرى أن "الدولة الإسلامية الجديدة" تبدأ بخلق مناخ "فوضوى" يسمح بنمو خلاياها، مشيرًا إلى أن الفوضى التى على التنظيم خلقها لن يسمح لها بأن تكون فوضى عادية بل لابد أن تكون "فوضى متوحشة" تحول الأراضى العربية إلى رقعة ممتدة من النموذج الأفغانى قبل سيطرة تنظيم "طالبان" على أفغانستان، أرض يتناحر الجميع عليها فيصبح سكانها يحلمون بالمنقذ الذى يخلصهم من هلاك الحرب، فيظهر أبطال "الدولة الإسلامية" ليحاربوا الأشرار وينتصروا عليهم ويبسطوا سيطرتهم عليها.
منع الكتاب من التداول فى كثير من الدول العربية لكنه أصبح متاحاً لاحقاً فى أكثر من 15 ألف رابط فى الشبكة العنكبوتية، وحسب بيان رسمى لوزارة الداخلية السعودية فقد تم الإعلان عنه كأحد الأعمدة الفكرية لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب.
معالم على الطريق
كتاب معالم فى الطريق لمؤلفه سيد قطب، وهو من أشهر كتب التطرف وأكثرها جدلاً، تتركز فيه أفكاره الأساسية فى التغيير الذى ينشده وإن كان أصله مأخوذاً من كتابه فى ظلال القرآن فى طبعته الثانية.
وبحسب الكاتب التونسى مختار الدبابى فى مقال نشرته إحدى الصحف العربية، فإن "معالم فى الطريق" رسم معالم واضحة اهتدت بها كل التيارات الإرهابية التى نشطت فى العالم العربى والإسلامى وفى غيره، وتأتى أهميته بالنسبة للتيارات الإسلامية، ولشتى المشغولين بتتبع مسارات الأفكار المتطرفة، فهو حلقة فى سلسلة المناهل التى تنهل منه تلك التيارات، فهو كتاب لا ينفصل عن إرث ابن تيمية وأبو الأعلى المودودى وحسن البنا.
وتأتى خطورة "معالم فى الطريق" بحسب متخصصين بفكر الجماعات الإسلامية أنه حول الجماعة إلى فرقة ناجية اعتمادا على مدونة انتقائية للنصوص المرجعية تؤسس بها لشرعيتها فى مواجهة الآخر ويحمل رؤية فلسفية تجعل المختلف كافرًا وجاهليًا بالضرورة.
الفريضة الغائبة
يعد الأساس الفكرى الأول لتنظيم الجهاد، من تأليف محمد عبد السلام فرج، الذى أعدم فى 1982م، فى قضية اغتيال السادات، ومنذ نشأة تنظيم الجهاد فى مصر عام 1966م، فإنه لم يكتب تأصيلاً فكرياً وفقهياً وعقائدياً مفصلاً للاستراتيجية التى تبناها التيار وظل هكذا حتى عام 1980م عندما كتب محمد عبد السلام فرج كتابه الفريضة الغائبة.
يذهب كتاب "الفريضة الغائبة" إلى أن القتال هو المواجهة، وأن الجهاد فرض عين، ولا يجوز تعطيله أو تأجيله تحت أى مسمى، لأن ديار المسلمين أصبحت الآن ديار كفر وجب قتال أهلها.
ورغم إعدام محمد عبد السلام 1982م فى قضية اغتيال السادات فإن كتابه ظل مؤثراً على تيار الجهاد حتى اليوم، وكانت أول طبعة تمت بواسطة محمد عبد السلام نفسه فى صيف 1980م قبيل اغتيال السادات، ما جعل الكتاب الركيزة الفكرية الأساسية لاغتيال السادات.
وفى محاولة للرد على أفكار عبد السلام فرج، قدم شيخ الأزهر الأسبق، الدكتور جاد الحق على جاد الحق، كتاب "نقض الفريضة الغائبة"، فى 116 صفحة، أوضح فيه أن من كفّر مسلماً أو وصفه بـالفسوق، ارتد عليه ذلك.
الجهاد والاجتهاد
كتاب "الجهاد والاجتهاد" لأبى قتادة الفلسطينى، وهو من أشهر المنظرين لأطروحات وخطابات السلفية الجهادية، نشر عام 1999، وكان من المؤيدين للجماعات الإسلامية المقاتلة فى الجزائر.
وأبو قتادة يكفر جميع علماء الإسلام ويحرض على القتل، ويفتى بذبح الأطفال ويبيح السلب والسبى، ويرى أن هناك كفارا أصليين وهناك كفار مرتدون، فالأصليون كالنصارى واليهود والمجوس وغيرهم، والمرتدون من دان من المسلمين بغير دين الإسلام كالبعثية والعلمانية والشيوعية وغيرها، أو من أتى بناقض من نواقض التوحيد.
ثانيا: الكتب الداعية للتعايش
ومن أبرز هذه الكتب:
الإسلام بين العلم والمدنية
وقد كتب محمد عبده هذا الكتاب رداً على كتابات وزير خارجية فرنسا هانوتو و شبهاته حول الإسلام، كتب هذا الكتاب سنة 1320 هجرى (1901 م) وهو يتحدث عما يعانيه المسلمون والإسلام من جهل وفتور وضعف همة وتبعية وعن الشبهات والخرافات والأكاذيب التى تنسب إلى الإسلام وتحوم من حوله.
بعد الرد على هانوتو، قام محمد عبده، من خلال هذه الصفحات بإعادة تعريف أصول الإسلام، و تحدث كثيراً عن شموليته كما أبرز الفرق بينه وبين الديانة المسيحية من المنظورين العقائدى والتاريخى، وبالتالى قدم الإسلام على أنه دين مدنى ولا حاجة للمسلمين لأن يفعلو كما فعل الغرب أى فصل الدين عن دنياهم بل هم فى حاجة اكيدة إلى مراجعة أنفسهم والإلتفاف حول أصول دينهم.
100 سؤال عن الإسلام
"للشيخ محمد الغزالى فى هذا الكتاب حقائق جديدة، أو أداء أخصر وأيسر، أو ترتيب لأدلة كانت مشوشة، فيما يقرأ الناس من علوم الدين، أو مزاوجة بين التراث والعقل الحديث" هكذا قال الإمام محمد الغزالى فى كتابه "مائة سوال عن الإسلام"، والصادر عام 1983 لدر نهضة مصر، وأعادت مجلة الأزهر طباعته مع عددها الصادر حديثا.
ويناقش محمد الغزلى فى كتابه الكثير من المسائل المهمة، التى تجعلنا نفهم الإسلام من منظور يواكب العصر، فكثيرا ما يرى المرء العديد من الدعاة الذين يناقشون قضايا مر عليها الزمن، أو قضايا تجلب الخلاف ولا طائل من ورائها ولا يحب الناس أن يسمعوا عنها جداً ولا هزلاً، والشيخ الغزالى يستعرض فى هذا الكتاب العديد من القضايا الحديثة والتى فرضها العصر.
الإسلام والتجديد
المؤلف تشارلز آدمس، صدرت ترجمته عن المركز القومى للترجمة، ترجمه عباس محمود، ومن تقديم الدكتور أحمد زكريا الشلق.
والكتاب فى جزئه الأول عبارة عن رسالة علمية أعدها المؤلف للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو الأمريكية عام 1928، أما الجزء الثانى فهى ترجمة إنجليزية لكتاب عن الخلافة ألفه على عبد الرازق، والذى لم ينشر فى مصر.
ويعتبر هذه الكتب أحد أهم الكتب التى قدمها المتستشرقون الذين اهتموا بدراسة قضية التجديد فى العالم الإسلامى، ودراسة حركة التجديد الإسلامى، الذى أسسها الإمام محمد عبده وتعهدها تلاميذه بالرعاية والاهتمام من بعده، كما يقدم الكتاب معرفة تاريخية بحقائق عن هذه المدرسة الفكرية.
مبادئ التعايش السلمى فى الإسلام منهجا وسيرة
ناقش الدكتور عبد العظيم إبراهيم المطعنى فى هذا الكتاب مسألة التعايش السلمى من وجهة النظر الإسلامية ويعالج الموضوع من عدة محاور، فيحدثنا عن منهج الدعوة فى الإسلام، ومحاورات القرآن الكريم لمشركى العرب وأهل الكتاب، علاقة المسلمين بغير المسلمين، حرية الاعتقاد فى الإسلام، وضوابط هذه الحرية، ومهمة الدعاة، ومشروعية القتال، وهنا يعرض لنا بعض الآيات التى يساء فهمها، ويحدثنا عن غزوات الرسول، وعن العدل وعن المساواة فى الإسلام، وغير ذلك من المبادئ والمحاور الهامة.
سلسلة رؤية
سلسلة "رؤية" للفكر المستنير، وبالتعاون بين وزارة الأوقاف المصرية ووزارة الثقافة ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، من أهم المشروعات الثقافية فى مجال الفكر المستنير فى القرن الحادى والعشرين، وتأتى أهمية المشروع من كونه يهدف إلى مواجهة وتفكيك الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة التى تستغلها الجماعات الإرهابية والمتطرفة ولا سيما الجماعات المتاجرة بالدين منها، لتمرير مشروعها التدميرى ضد الإنسانية.
وقالت الوزارة فى بيان اليوم، أن المشروع يهدف إلى تعزيز التسامح الدينى وتنمية الانتماء الوطنى وترسيخ أسس المواطنة المتكافئة بين أبناء الوطن الواحد دون تمييز، وتعزيز المشترك الإنسانى بين البشر، وإحلال ثقافة الحوار والسلام محل ثقافة الاحتراب والاقتتال .