عكست تعيينات الرئيس عبد الفتاح السيسي لـ100 عضو بمجلس الشيوخ وفقا للدستور، التوجه الذي نادى به الرئيس طيلة عامين قبل الانتخابات، بأن مصر تتسع للجميع ولكل القوى السياسية طالما لم تتورط في الإرهاب وسفك دماء المصريين، حيث انتصر الرئيس السيسي في هذه التعيينات الأحزاب المعارضة وحفظ لها تواجد متوازن أمام أحزاب الموالاة.
وشملت التعيينات ثمانية رؤساء أحزاب، وهم، حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، الفريق جلال هريدى رئيس حزب حماة الوطن، المستشار بهاء أبو شقة رئيس حزب الوفد الجديد، السيد عبد العال رئيس حزب التجمع، محمد نبيل دعبس رئيس حزب مصر الحديثة، تيسير مطر رئيس حزب ارادة جيل، الربان عمر صميدة رئيس حزب المؤتمر، وعفت السادات رئيس حزب السادات الديمقراطي وهو ثاني فرد من عائلة السادات في المجلس مع سامح نجل أنور عصمت السادات.
بالإضافة مع وجود المستشار عبد الوهاب عبد الرزاق رئيس حزب مستقبل وطن الذي دخل المجلس بالانتخاب يتضح أن مجلس الشيوخ يضم ملتقى لرؤساء وأحزاب، يشكلون منتدى داخلي الأحزاب الموالية والمعارضة، وهو نمط سياسي برلماني موجود في بعض الدول، وفي بعض الدول الأخرى يتم استحداث مجلس الرؤساء الأحزاب ولكن دون أن يكون له دور نيابي، ويفضل أن يتم اللجوء إلى النموذج الأول، أي وجود رؤساء الأحزاب داخل قبة البرلمان كما فعل الرئيس رفع تمثيل الأحزاب داخل مجلس الشيوخ إلى 15 حزبا، وهو أعلى تمثيل حزبي في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية التي تعود إلى زمن محمد علي مؤسس مصر الحديثة.
هذا وقد استعان الرئيس بكوادر تكنوقراطية من الأحزاب بعيدا عن الرؤساء مثل عبد العزيز النحاس، وهاني سري الدين وخالد قنديل، وثلاثتهم يشغلون منصب نائب رئيس حزب الوفد، ويلاحظ الحرص على تمثيل التيار الناصري رغم غياب الحزب الناصري عن الساحة الحزبية للخلافات الداخلية التي تضربه، ولكن التيار الناصري لا يقتصر على الحزب فحسب بل له كوادر تعمل بشكل مستقل أو حتى في بعض الأحزاب الأخرى، ومن هذا المنطلق اختار الرئيس "هدى عبد الناصر" كريمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، و المحامي سامح عاشور المنتسب للتيار الناصري ونقيب المحامين السابق.
ولعل تمثيل تيارات وأحزاب تشككت عقب ثورة 30 يونيو 2013 في أنها سوف تحصل على مساحة للعمل السياسي والحزبي والبرلماني هو أكبر رد على الادعاء الذي روج له الإعلام التركي والقطري وشبكات جماعة الإخوان الإرهابية، بأن الدولة المصرية سوف تستبعد المعارضة من العمل البرلماني سواء في قائمة التعيينات أو عبر الأجهزة الأمنية، لكن الحاصل أن أحزاب المعارضة شاركت في الانتخابات دون أي تضييق، بل أن الأحزاب التي لم تحصل على تمثيل لائق، حصلت عليه في قائمة التعيينات الرئاسية، وهو ما يتسق مع رؤية الرئيس أن كافة القوى السياسية سواء الموجودة في معسكر الموالاة أو معسكر المعارضة مرحب بها للعمل تحت مظلة القانون وقبة البرلمان طالما لم تشارك في الظهير الحزبي لتنظيم الإخوان والظهير المدني لإرهاب الجماعات الإسلامية.
ولا يمكن النظر إلى تعيينات الصحفيين والإعلاميين والفنانين باعتبارها مجرد تقدير رئاسي لمكانة الصحافة والفن والإعلام في المجتمع المصري ، أو رد اعتبار رئاسي لهذه الأوساط بعد الاستهداف المعنوي الإخواني سواء في فترة حكم الإخوان أو ما بعدها ، ولكن أيضا يعود السبب إلى أنه وفي ظل ضعف الأحزاب المصرية وعدم وجود حياة نيابية مستقرة عقب 25 يناير 2011، شكل الإعلام والصحافة وحتى الفن منابر سياسية أكثر تأثيرا في الشارع من الأحزاب والحركات السياسية، وبالتالي أصبحت تلك الصحف وتلك القنوات وبعض الأعمال الفنية مشاريع وجماعات سياسية لعبت دورا وطنيا في سنوات الفوضى.
كما أن الإعلام والصحافة يشكلان اليوم كتيبة مهمة في جيش الدولة المصرية فيما يتعلق بالحروب الرقمية والثقافية بعد أن أصبحت عملية التمهيد المعنوي والصحفي والإعلامي وغزو الرأي العام ومحاولة تشكيله من أخطر أنواع الحروب الحداثية، وقد تضمنت سلسلة التعيينات من أهل الصحافة والفن والفكر والإعلام كلا من، عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة جريدة المصري اليوم ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، محمود الكردوسي ، رئيس مجلس إدارة جريدة الوطن ورئيس تحرير مجلة الفن السابع سابقا، محمود مسلم ، رئيس تحرير جريدة الوطن ورئيس تحرير برامج شبكة DMC، إبراهيم أبو كيلة رئيس تحرير جريدة الرأي الصادرة عن دار الجمهورية للصحافة، إبراهيم حجازي الكاتب الصحفي بالأهرام والمراسل الحربي في حرب أكتوبر 1973، نادية مبروك رئيس قطاع الإذاعة سابقا، الفنان يحيي الفخراني، والفنانة سميرة عبد العزيز.
وفيما يخص الحركة النقابية، شهدنا احتضان كبير لها يؤكد احترام الحركة النقابية المصرية العريقة، وتمثيلها لأطياف من المجتمع المصري التي يحق أن يكون لها صوتا تحت قبة البرلمان، ضمت تعيينات الرئيس طارق سعدة نقيب الإعلاميين، محمد منصور الشيخ، محمد شبانة سكرتير عام نقابة الصحفيين ورئيس تحرير مجلة الأهرام الرياضى.
وشهدت المقاعد المخصصة للمرأة والشباب رفع عددها، فعلى الرغم من التمثيل غير العادي للشباب والمرأة في مقاعد المنتخبين سواء الفردي أو القائمة الوطنية إلا أن الرئيس عزز تلك المقاعد، وبينما ينص قانون مجلس الشيوخ على ألا يقل عدد السيدات في القائمة المعنية عن 10 مقاعد نجد أن الرئيس السيسي عين 20 سيا بزيادة 10 مقاعد عن الحد الأدنى ، كما رفع حصة تنسيقية شباب السياسيين والأحزاب من 5 مقاعد منتخبة إلى عشرة مقاعد عقب تعيين خمسة أعضاء إضافيين من التنسيقية ومن أبرز شباب الأحزاب المعينين، علاء الدين مصطفي، عضو المكتب السياسي لحزب الإصلاح والتنمية، أحمد قناوي : عضو اللجنة العليا لحزب العدل.
وفيما يخص خبراء العمل الحكومي لم ينس الرئيس السيسي القاعدة البرلمانية التي تنص على حتمية وجود وزراء ومسؤولين سابقين في تشكيلة المجلس البرلماني من أجل ضخ الخبرة واسداء النصيحة للسادة النواب حيال كيفية التعامل مع المسؤولين وفهم آليات عمل مؤسسات الدولة، وفي هذا الإطار ضمت قائمة التعيينات الرئاسية كل من الفريق يونس المصري، وزير الطيران المدني السابق وقائد القوات الجوية السابق، الفريق أسامة الجندي، قائد القوات البحرية السابق، محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق.
وفيما يخص تمثيل الأحزاب، كانت كالتالى، مستقبل وطن 149 عضوا، الشعب الجمهورى 17، حماة الوطن، 11، الوفد الجديد، 10، التجمع 4، مصر الحديثة 4، الإصلاح والتنمية 3، المصرى الاجتماعى 3، المؤتمر 3، الحركة الوطنية 2، النور 2، إرادة جيل عضوا، والعدل والحرية والسادات الديمقراطي لكل حزبا عضوا.