تعتبر أى تجربة لها أهداف إما يتم تحقيقها أو لا، ولا سيما الأهداف العامة والأساسية بغض النظر عن تحقيق الأهداف الفرعية من عدمه، وبناء على نتائج التجربة التى تعتمد فى المقام الأول على المدخلات وعلى الظروف المحيطة والظروف المفاجئة يتم الحكم على نتائج التجربة، وهذا ما تم بالفعل فى تجربة زراعة القطن قصير التيلة شرق العوينات، والذى نجحت زراعته لأول مرة فى تاريخ مصر؛ مما يعتبر إنجازا اقتصاديا كبيرا ستتضح نتائجه خلال السنوات المقبلة.
ولا شك أن نجاح التجربة بالرغم من انخفاض إنتاجية الفدان، حيث بلغت أعلى إنتاجية نحو 9.2 قنطار للفدان فى حين أن متوسط الإنتاج يتراوح من 12 إلى 18 قنطارا، لكن مجرد إنتاج 9.2 قنطار معناه أن التربة المصرية ومناخ مصر قابل لزراعة هذه النوعية من الأقطان القصيرة التى تمثل 98.5% من الصناعة فى العالم مقابل 1.5% للأقطان الطويلة.
أيضا لا يهم فى التجربة الأولى تحقيق نتائج كاملة بنسبة 100% فتحقيق نسبة 60% أو 70% يعتبر نجاجا كبيرا، ولا سيما فى ظل وجود اتجاه معارض كبير لزراعة القطن قصير التيلة من خبراء مركز البحوث الزراعية على رأسهم الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية بنفسه، الذى يرى أن زراعة القطن قصير التيلة حرب على القطن المصرى بشكل مباشر، فالرجل يرفض زراعته تماما وهو أمر غريب مما دفع وزارة قطاع الأعمال العام والجهات المعنية لإسناد مهمة زراعة القطن قصير التيلة لشركة حديثة الخبرة لا تمتلك الإمكانيات حصلت على أكثر من مليون جنيه للإشراف على زراعة 2019 فدانا فقط والنتيجة كانت مخيبة للآمال، خاصة أن أجزاء كبيرة من الزراعة لم تنتج أصلا، وأجزاء تلفت من الحرارة وأجزاء كانت ضعيفة الإنتاج الفدان انتج من 3 قنطار إلى 6 و7 قناطير فقط مقارنة بمتوسط إنتاج عالمى يصل لـ 15 قنطارا وفى بعض الدول 18 قنطارا.
ولذلك لا بد من إعادة التجربة لكن تحت إشراف خبراء مركز البحوث الزراعية وهو الأقدر على ذلك ودعمهم وتمويلهم بشكل مناسب، حتى يمكن الخروج بنتائج مبهرة تساعد على زراعة 50 ألف فدان ثم 100 ألف فدان من القطن القصير شرق العوينات، مما يوفر مليارات الجنيهات على الصناعة المصرية.
ومن المهم أيضا أن تكون زراعة القطن قصير التيلة أقل من سعر المستورد، خاصة أن رئيس مركز البحوث الزراعية قال إن تكلفة القنطار ستكون 1500 جنيه فى حين يتم استيراده فقط بـ1000 جنيه، وبالتالى فإن الحل إما النزول بالتكلفة لأقل من 700 جنيه أو عدم التفكير فى زيادة زراعة القطن القصير، ففى حالة النزول بالتكلفة ستكون الفائدة كبيرة للصناعة المصرية وللتصدير أيضا لأنه سيسمح لشركاتنا فى المنافسة فى سوق القطن العالمى قصير التيلة جنبا إلى جنب مع القطن طويل التيلة الذى يحتاج إلى اهتمام أكبر وزيادة مساحاته، وهو بالفعل ما تسير فيه الحكومة بشكل جيد جدا.
وأخيرا فإن نجاح زراعة القطن القصير لن تؤثر على القطن المصرى الطويل، حيث سيزرع شرق العوينات وفى مناطق صحراء، ثانيا فإن نجاح الزراعة بحسب تصريح الدكتور هشام توفيق وزير قطاع الأعمال تهدف إلى إحلال واردات مصر من الأقطان قصيرة التيلة ومنتجاتها من الغزول والأقمشة والملابس الجاهزة والتى تقدر بحوالى 3 مليارات دولار سنويا، فضلا عن توفير عملة صعبة وزيادة التشغيل بواسطة موارد محلية وخلق فرص عمل جديدة.