أصدر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، تقرير بعنوان "متابعة أثار كوفيد 19 على قطاع الزراعة"، وذلك ضمن سلسلة تقارير تحليلية جديدة لمتابعة أداء قطاعات الاقتصاد المصرى التي تأثرت بالجائحة على أرض الواقع، وسوف يقوم المركز بإصدار هذه التقارير تباعا وفقا لصدور البيانات الرسمية المرتبطة بها والمنشورة حديثا.
وكان المركز قد أصدر سلسلة من التقارير التحليلية بعنوان "رأى في أزمة" لدراسة التأثيرات المتوقعة لأزمة كوفيد 19 على الاقتصاد المصرى، وذلك منذ منتصف مارس الماضى بمبادرة من المركز، وتأتى سلسلة تقارير المتابعة استكمالا لهذه الجهود، حيث تهدف إلى متابعة الموقف على أرض الواقع من خلال أربعة جوانب رئيسية هي: أولا- تقييم البيانات المنشورة وأوجه التغيير على أرض الواقع، وثانيا- مدى اتساقها مع الاتجاهات والتوقعات السابقة في دراسات المركز وغيرها من عدمه وأسباب ذلك، وثالثا- توقعات المركز المستقبلية للفترة القادمة، ورابعا- مقترحات لتحسين أداء القطاعات كلما أمكن.
وبالإشارة إلى تقرير رأى في أزمة حول تأثير الجائحة على القطاع الزراعى خلال مراحل الأزمة والسابق إصداره، جاءت توقعات المركز متسقة إلى حد كبير مع ما حدث بالفعل على أرض الواقع، وذلك على الرغم من ضعف البيانات المتاحة وضبابية المشهد العام وقت كتابة التقرير، ومن أهمها ارتفاع الأسعار العالمية للقمح والأرز والذرة، وتفاقم خسائر مزارعى البطاطس، وارتفاع حجم الفاقد من الفاكهة وتراجع الصادرات.
أما فيما يتعلق بالتأثير على العمالة الزراعية، فقد توقع تقرير رأى في أزمة، أن مشاركة العمل في الريف ستحول دون انخفاض معدلات التشغيل، ولكن هذا يعنى في الوقت نفسه انخفاض عدد ساعات العمل وتراجع مستوى دخل العاملين بالقطاع الزراعى وتدنى مستويات معيشتهم، وهو ما يتسق تماما مع ما حدث على أرض الواقع، حيث تشير بيانات النشرة الربع سنوية للقوى العاملة إلى انخفاض طفيف للغاية وغير جوهرى في معدل التشغيل بقطاع الزراعة من 21.1 في الربع الثانى من 2019 إلى 21 في الربع الثانى من 2020، ومع ذلك انخفض متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية للعاملين بأجر في القطاع الزراعى من 43.7 ساعة في الربع الثانى من 2019 إلى 30.4 ساعة فقط في الربع الثانى من 2020، وذلك نتيجة لتخفيض عدد ساعات العمل في شركات ومزارع الفاكهة في ظل تراجع التصدير وارتفاع نسب الفاقد، بجانب قوة التضامن الاجتماعى بين معظم أهالى الريف التي تجعلهم يقتسمون العمل فيما بينهم.
وأثار التقرير تساؤلات حول اختلاف التقييم السابق لأثر الجائحة على قطاع الزراعة عما حدث بالفعل، حيث أفاد الخبراء والمصدرون في التقرير السابق بأن محصول البرتقال على وجه التحديد استفاد من الأزمة لأن إسبانيا - المنافس الرئيسى لمصر - لم تقم بتصدير كميات كبيرة هذا العام، وفى ظل إقبال الأوروبيين على البرتقال كفاكهة معززة للمناعة ضد الفيروسات ارتفع الطلب على البرتقال المصرى فتضاعف سعره، بينما فى المقابل تشير بيانات جهاز الإحصاء إلى تراجع صادرات البرتقال خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو 2020 بنسب 52%، 87%، 79% على التوالي مقارنة بنفس الأشهر من 2019، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول دقة البيانات المتاحة من ناحية، وحول حجم التصدير الفعلى وما إذا كان المصدرون قد واجهوا أي عقبات استجدت بعد صدور التقرير الذى أعده المركز من ناحية أخرى.
وتوقع التقرير استمرار الأثار السلبية للأزمة على قطاع الزراعة، في ظل توقعات موجة ثانية من الجائحة أشد عنفا من الموجة الأولى مع حلول فصل الشتاء. وتتمثل أهم توقعات المركز في ارتفاع المعروض من محصول البطاطس وتراجع الأسعار وتفاقم خسائر المزارعين، مع استمرار الأداء الجيد لمحصول الفاصوليا خلال العروة الشتوية حيث مازال المحصول مستثنى من حظر التصدير مع وجود طلب كبير عليه في الأسواق العربية.
كما من المتوقع أيضا أن تشهد الفاكهة معدلات فاقد أقل نظرا لانخفاض احتمالية تلف المحاصيل في الشتاء مقارنة بالصيف، مع توقعات بزيادة الإقبال خارجيا ومحليا على الموالح تحديدا كفاكهة معززة للمناعة ضد الفيروسات، ولفت التقرير إلى أن ارتفاع صادرات الفاكهة بشكل عام يبقى رهن حل مشكلات الشحن بشكل فعال، والتي تتمثل في ارتفاع تكاليف الشحن الجوى، ووجود عجز في الحاويات المبردة بالإضافة إلى العديد من العقبات المتعلقة بالنقل البرى بين مصر والدول العربية على وجه التحديد نتيجة تفشى الفيروس.
وقدم التقرير مجموعة من المقترحات لتخفيف حدة الأزمة على العاملين بالقطاع الزراعى تتمثل في الآتى:
- تفعيل الدور التسويقى والمعلوماتى للتعاونيات الزراعية والإرشاد الزراعى على وجه السرعة.
- تفعيل دور مكاتب التمثيل التجارى في الدول المستوردة لتوفير معلومات دقيقة ومحدثة حول الاختلافات في الإجراءات الاحترازية بين الدول بعضها البعض، حتى لا يفاجأ المصدرون المصريون بهذه الإجراءات بعد قطع مسافات طويلة بالمحصول بالفعل، وهو ما يضطرهم إلى اتخاذ طرق أبعد، وما يتضمنه ذلك من تكاليف إضافية وارتفاع الفاقد.
-سرعة التخليص الجمركي لجميع المحاصيل الزراعية، خاصة سريعة التلف كالخضار والفاكهة، وإعفاء المستوردين والمصدرين من دفع أي أرضيات طالما أن سبب التأخير خارج عن إرادتهم.
-تكريس خطوط شحن جوى للمحاصيل سريعة التلف بأسعار مدعمة لحين انتهاء الأزمة وتراجع تكاليف الشحن إلى معدلاتها الطبيعية.
-إسقاط الديون عن جميع المتعثرين في القطاع الزراعى خاصة صغار المزارعين، وتمكين العاملين في القطاع من الاستفادة من مبادرات البنك المركزى في هذا الصدد.
-دعم مدخلات الإنتاج الزراعية بشكل استثنائى، وتعويض المتضررين بشدة من انخفاض الأسعار لحين انتهاء الجائحة.