استعرض مجلس الوزراء، فى اجتماعه اليوم الأربعاء، آليات دمج البعد البيئى فى خطة الدولة للتنمية المستدامة من خلال التوسع فى المشروعات الخضراء خلال الفترة المقبلة حيث قدم العرض كل من الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتور أحمد كمالى، نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وخلال الاجتماع، تمت الإشارة إلى أن الاستدامة البيئية هى البعد الثالث المكمل للتنمية المستدامة جنبا إلى جنب مع برنامج الإصلاح الاقتصادى والاصلاحات الهيكلية، والبعد الاجتماعى، وأن العناصر الثلاثة تعد بمثابة أبعاد مترابطة ومتكاملة للتنمية المستدامة ولا يمكن التركيز على بُعد دون الأخر.
كما أن رؤية مصر 2030 تتضمن أن يكون البُعد البيئى محورًا أساسيًا فى كافة القطاعات التنموية بشكل يحقق أمن الموارد الطبيعية ويدعم عدالة استخدامها والاستغلال الأمثل لها والاستثمار فيها، وبما يضمن حقوق الأجيال القادمة، ويعمل على تنويع مصادر الإنتاج والأنشطة الاقتصادية، ويساهم فى دعم التنافسية، وتوفير فرص عمل جديدة، وتخفيف حدة الفقر، ويحقق عدالة اجتماعية مع توفير بيئة نظيفة وصحية وآمنة للإنسان المصري.
كما تم خلال الاجتماع تعريف مفهوم الاقتصاد الأخضر والمنظور الاقتصادى للتعافى الأخضر:" الاقتصاد الأخضر هو الذى ينتج عنه تحسن فى رفاهية الإنسان بصورة ملحوظة من المخاطر البيئية وندرة الموارد الطبيعية"، ومن أهم ملامحه تعزيز فرص النمو الاقتصادى وتنويع مصادر الإنتاج، وخلق نمو فى فرص العمل، والتخفيف من حدة الفقر، وتوسيع مجالات استثمار جديدة، وزيادة تنافسية المنتجات المحلية، وحماية صحة المواطنين خاصة فى ظل تداعيات فيروس "كورونا"، وتحقيق الإدارة الرشيدة للنظم البيئية والموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة الدولة فى تحقيق الأمن المائى والغذائي.
كما تم التأكيد على أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر أصبح ضروريًا للتعافى من تداعيات فيروس "كورونا"، وفى هذا الصدد، وتمت الإشارة إلى أن العديد من دول العالم قامت مؤخرًا باتخاذ إجراءات عديدة تدعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، والتى تضمنت منح قروض، وتقديم إعفاءات ضريبية توجه إلى مشروعات النقل المستدام والاقتصاد الدوار والطاقة النظيفة والأبحاث المتعلقة بالاستدامة، ومن هذه الإجراءات أيضا تقديم دعم مالى للأسر والقطاع الخاص لتحسين كفاءة الطاقة، وتشجيع إنتاج الطاقة المتجددة، وخفض المزايا والحوافز التمويلية والضريبية التى تحصل عليها القطاعات غير الخضراء والأكثر تلوثًا.
وأوضح العرض أن العالم يُعيد ترتيب أولوياته فى ضوء تداعيات فيروس "كورونا"، فعلى سبيل المثال، خصص الاتحاد الاوربى 750 مليار يورو خلال الفترة 2021 - 2022 لدعم التعافى من تداعيات كورونا من خلال التركيز على أولويات الاتحاد الأوروبى ومن أهمها التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، يأتى ذلك فيما أعلنت كوريا الجنوبية ضخ 61 مليار دولار فى 5 سنوات من 2020 – 2025 ينتج عنها توفير 659 ألف فرصة عمل ودعم مجالات الطاقة النظيفة، والنقل المستدام، والمدن الذكية والخضراء.
كما تمت الإفادة بأن العالم توجه لإعادة أولوياته استجابة للتغيرات التى نجمت عن جائحة كورونا، وظهرت مبادرات دولية وإقليمية مثل الصفقة الأوروبية الخضراء والتى تضع برنامجا زمنيا محددا للتحول للنمو الاقتصادى المنخفض لانبعاثات الكربون وحماية التنوع البيولوجي.
وتمت الإشارة إلى أن مصطلح التعافى الأخضر يستهدف حماية الدول لمواردها الطبيعية ورفع قدرة نظمها البيئية على تقديم خدماتها وتحقيقها للأمن الغذائى والحد من أى أنشطة اقتصادية تؤثر على نوعية البيئة وبالتالى صحة المواطنين، والحد من الأنشطة التى تخل بالتوازن البيئى وتؤدى لأى اختلال سواء فى البيئة أو الكائنات الحية وهو ما ينتج عنه تكرار الأوبئة حيث صرحت الأمين التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بأن حوالى 75% من الأمراض الجديدة والمعدية هى أمراض حيوانية المصدر نتيجة تدمير موائلها الطبيعية.
وتم التأكيد على أن تداخلات الدولة لمواجهة التحديات البيئية تستهدف بشكل رئيسى الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها، والحد من مصادر التلوث، والتغيرات البيئية والمشكلات البيئية المستحدثة، كما تمت الإشارة إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تعمل على إدماج البعد البيئى فى خطط التنمية المستدامة السنوية ومتوسطة المدى، بالتعاون مع كل من وزارة المالية من خلال برنامج السندات الخضراء، ووزارة الثقافة عن طريق تنفيذ أنشطة ثقافية لتعزيز ونشر مفهوم الثقافة البيئية، ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالى عبر إدماج المفاهيم البيئية فى المناهج التعليمية.
ولفت العرض إلى أن دليل معايير الاستدامة البيئية يعد أداة عملية وتطبيقية لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 المتعلقة بدمج البعد البيئى فى منظومة التخطيط، ويساهم فى تسريع التقدم فى تحقيق مؤشرات الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وكافة الالتزامات الدولية ذات الصلة، كما أنه يضع اعتبارات الاستدامة البيئية ضمن معايير تمويل المشروعات، ويضع خارطة طريق لتخارج التكنولوجيات المستنزفة للموارد الطبيعية بشكل تدريجي.
وأوضح العرض أن الحكومة تستهدف تحسين تنافسية مصر فى مؤشر الأداء البيئى من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من جملة الاستثمارات العامة من 15% فى العام المالى 2020/21 إلى 30 % فى عام 2021/22 20، وذلك من خلال استهداف 140 مشروعًا وقياس 130 مؤشر أداء على مستوى 13 قطاعا، هى قطاعات: الزراعة، الرى، الإسكان، الطاقة، النقل، الصحة، السياحة والآثار، التنمية المحلية، الصناعة، البحث العلمى، التعليم، البيئة، والتمويل والاستثمار.
ووفقا لما عرض خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم، فإن المشروعات الخضراء هى التى لها تأثير إيجابى على البيئة، وتضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجى، والحد من التلوث، وينتج عنها رفع كفاءة الإنفاق العام وزيادة مردوده التنموى، ويكون من نتائجها التصنيع المُستدام والتنافسى، وترشيد استهلاك المياه، وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية غير التقليدية، والاستغلال الأمثل للمخلفات بطرق آمنة وصديقة البيئة، وتنويع مزيج الطاقة تجاه المصادر الجديدة والمتجددة، ومن هذه المشروعات التى تحقق هذه النتائج: المجمعات الصناعية صديقة البيئة، وتدبيش الترع وتحلية مياه البحر، ومحطات المعالجة المركزية للنفايات الطبية، ومشروعات الطاقة الشمسية.
وتمت الإشارة إلى أن الاعتمادات المدرجة للاستثمارات العامة الخضراء بخطة العام المالى الجارى تبلغ 36.7 مليار جنيه، بما يمثل نحو 15% من إجمالى الاستثمارات العامة للدولة، وأن عدد المشروعات الخضراء على مستوى الجمهورية بلغت 691 مشروعا، وخلال ذلك تم استعراض التوزيع الجغرافى للمشروعات الخضراء المدرجة فى موازنة العام المالى الجارى، حيث تتركز هذه المشروعات فى القاهرة والجيزة ودمياط، كما تم عرض الهيكل القطاعى لهذه المشروعات، واستحوذت مشروعات النقل على النصيب الأكبر من هذه المشروعات بنسبة 50%، تليها مشروعات الإسكان، ثم الكهرباء.
وفى نهاية العرض، تم التأكيد على أن الحكومة لديها خطة لتنفيذ دليل معايير الاستدامة البيئية فى خطة التنمية المستدامة واعتباره إطارًا عامًا حاكمًا لإعداد خطة التنمية المستدامة للعام المالى 2022/2021، بحيث يتم منح أولوية فى تمويل نوعية المشروعات التى يحددها الدليل تحت كل قطاع، مع إعداد مجموعة من المبادرات الخضراء بالتنسيق مع الوزارات المعنية، إعداد تقارير دورية لمتابعة مستوى التقدم فى تطبيق معايير الاستدامة البيئية.