يختلف الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بالعالم من مكان لآخر ما بين زينة وأضواء، حلوى ومأكولات شعبية، جلسات مدح وذكر، أعلام ومواكب شموع، ولا يتفق علماء الفقه على اتجاه واحد فى الاحتفال بالمولد النبوى، وتقول المرجعيات الدينية أنّ الاحتفال بالمولد النبوى لم يكن أمراً شائعاً فى سنوات الإسلام الأولى، ولم يتحول إلى تقليد إلا فى القرن الرابع للهجرة.
احتفالات قديمة بالمولد النبوي
هذه السنة، وكمعظم المناسبات الدينية، ستكون الاحتفالات مقيّدة بشروط الوقاية من فيروس كورونا، لكن بما أن الاحتفال راسخ في التقاليد الشعبية كمناسبة سارة، يتجدد السؤال كما في كلّ عام حول رأي المذاهب الفقهية فيه بين تحليل وتحريم.
وتنسب بداية الاحتفال بذكرى ميلاد النبي إلى الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بعد دخوله إلى مصر في عام 969 للميلاد. وترى مرجعيات تاريخية أنّ إطلاق احتفالات منظمة بمولد الرسول وعدد من أهل بيته، كان وسيلة ذلك الخليفة للتقرّب من المصريين، عبر مناسبات عامة يطغى عليها السرور.
بدايات الاحتفالات بالمولد
ومع تغير الحكم، وتعاقب الخلافات الإسلامية، كان الاحتفال بالمولد يخفت ثمّ يعود، تبعاً لأولويات السلطة. هكذا منعه الأيوبيون، ثمّ سمح به المماليك، حتى تحوّل إلى تقليد صوفي في عهد محمد علي باشا، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية.
تعد الطرق الصوفية أكثر المذاهب الإسلامية اهتماماً بإحياء المولد النبوى، وموالد الأولياء الصالحين عموماً، هذه الاحتفالات من التقاليد الراسخة في مصر، مع تنوّع أساليب التعبير بين إنشاد، وحلقات ذكر، ومواكب.
صور احتفالات المولد النبوي
على طرف نقيض من الصوفية، يقف العلماء السلفيون، وفى مقدّمتهم عالم الدين السعودى عبد العزيز بن باز (1912-1999)، الذى يتبنّى وجهة النظر القائلة إنّ الاحتفال بالمولد النبوى من البدع.
ويعد موضوع المولد النبوى من الخلافات الفقهية الشائعة بين السلفيين والصوفيين، يتخلله تكفير، ويرى ابن باز أن الشرع لم يدل على ما يتيح الاحتفال بالمولد، لأن النبي لم يحتفل به، ولا الصحابة، ولذلك فهو بدعة. وبرأيه، فإنّ الله عوض المسلمين عن المناسبات كافة بعيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وفيهما ما يكفي من الاحتفالات.
حلقات الذكر في المولد
على الجانب الآخر، تأخذ المرجعية الأزهرية موقفاً إيجابياً من الاحتفال بالمولد النبوي، وذلك في عدة فتاوى صدرت على مر السنين. فصحيح أنّ القرآن والأحاديث لم تشر صراحة إلى الاحتفال بالمولد، وأن التقليد تأخر ظهوره حتى القرن الرابع للهجرة، إلا أنّه من مظاهر تعظيم الرسول وإظهار محبته، بحسب تلك الفتاوى.
ويعد هذا الرأي سائداً بين أغلب المفسرين السنة، لأنّ احتفالات المولد وإن لم تكن فريضة، إلا أنها غير منبوذة برأيهم، لأن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية على البشر، ولأنه تعبير عن الفرح والحب، واجتماع على تلاوة القرآن، وسيرة النبي، وقصائد المدح.
ومن العلماء والمفسرين من يصف الاحتفال بالمولد النبوي بأنه "بدعة حسنة"، وذلك رأي العالم ابن حجر العسقلاني ، وذلك أيضاَ رأي العالم جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ، الذي يرى أنّه "بدعة حسنة يثاب عليها صاحبها".