الدموية والعنف والانشقاقات والصراعات والاختلاسات والاغتيالات هى طبيعة عمل الجماعات والتيارات المتطرفة، ويشهد التاريخ على ما عاصرته جماعة الإخوان الإرهابية، وهى أم التنظيمات التكفيرية، من عمليات عنف وإرهاب ارتكبتها وخططت لها، والصراعات والانشقاقات التى تضرب الجماعة بين الحين والآخر بسبب الخلاف على التمويلات وتوزيعها داخل الجماعة والاختلاسات، فضلا عن الغدر الذى يعد سمة أساسية من سمات الجماعات التكفيرية.
فضيحة تسريبات "أمير بسام"
تسريب صوتى لـ" أمير بسام" القيادى بالهارب بالخارج بمثابة وثيقة تاريخية تكشف حجم السرقة والاختلاسات داخل الجماعة الإرهابية، وكيف تتمتع قيادات الجماعة الإرهابية بأموال التمويلات وتعيش فى رغد ونعيم، بينما يضيع قواعد الجماعة ويتذللون فى الخارج.
أمير بسام عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، فضح حجم السرقات التي تتعرض لها أموال التمويلات داخل الجماعة، حيث أمير بسام فى تسريب صوتى لاتصال هاتفى بينه وبين شخص آخر عن حصول محمود حسين والإبيارى وإبراهيم منير على تمويلات للجماعة في شكل شقق وعمارات بأسمائهم وأنهم يمتلكون سيارات فارهة يصل سعر السيارة الواحدة إلى 100 ألف يورو.
وقال بسام فى التسريب الصوتى، إن نائب مرشد الإخوان الهارب "محمود حسين" اعترف أمام الجميع أنّه أخذ ما لا يحق له أخذه من أموال التبرعات، هو ومحمود الإبيارى وإبراهيم منير ومحمد البحيرى، كما اعترف أنّهم حصلوا على شقق وعقارات وسجلوها بأسمائهم، ورغم ذلك لم يتحدث أحد من الجماعة أو يعترض.
وكشف "بسام" فى تسجيله الصوتى، حجم الانقسامات التى تضرب التنظيم قائلا: "تألمت كثيرا أن يكون هذا موقفكم من اعتراف محمود حسن الصريح أنّه أخذ هذه الأموال، محمود حسين اشترى سيارة بى إم دبليو، يركبها بـ100 ألف دولار، فى حين أن الطلاب هنا يتم إذلالهم ليحصلوا على 200 ليرة و40 دولارا، رغم أن ثمن السيارة يكفى احتياجات الطلاب لشهور طويلة، أى فتنة عندما ينظر الطلاب الذين دمر مستقبلهم، فى حين أن محمود حسين ونجله يلعبون بالأموال ويتحركون بالسيارة، كيف نواجههم وماذا نقول لهم؟". واختتم: "لا يشرفنى أن أعمل تحت هذه القيادة".
تصفية السيد فايز
ولم يتوقف عنف جماعة الإخوان الإرهابية عند أعدائها أو خصومها الساسيين فقط، فقط طالت يد الغدر قيادات الجماعة نفسها، وتعد عملية اغتيال القيادى الإخوانى السيد فايز من أشد أمثلة الغدر فى تاريخ الجماعة، كما أنها تعد أيضا دليلا عمليا على أن الجماعة عبارة عن شبكة مافيا ليس لديها أدنى مانع من استخدام أسلوب الاغتيالات والتصفيات الجسدية لحسم خلافاتها الداخلية.
تبدأ ملابسات هذه الواقعة بحالة التوتر، بين حسن الهضيبى المرشد الجديد للجماعة بعد اغتيال مؤسسها حسن البنا، وعبد الرحمن السندى رئيس التنظيم الخاص، وأسباب التوتر كانت متعددة، من بينها عدم رضا الهضيبى على علاقة السندى بثورة يوليو 1952 ورجالها من ناحية، وعدم رضا السندى عن وجود الهضيبى على رأس الجماعة من ناحية أخرى.
فى ضوء هذه الملابسات، قرر الهضيبى عزل عبد الرحمن السندى من رئاسة النظام الخاص، وكانت نيته هى تعيين المهندس السيد فايز بدلا منه، واعتبر السندى هذا الإجراء اعتداءً عليه وسلبا لسلطان يرى أنه حقًا أبديًا له، وكان يعلم أن المهندس السيد فايز كان قد وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام الجديد، ومن ثم قرر التخلص من السيد فايز، تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله، حيث انتهز فرصة حلول المولد النبوى الشريف وأرسل إليه فى منزله هدية عبار عن علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن فايز فى ذلك الوقت موجودا بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له وجرحت باقي الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة.
انقسامات جبهة محمد كمال والمكتب العام
من حين إلى آخر تشهد جماعة الإخوان الإرهابية حلقة جديدة من حلقات الانقسامات والانشقاقات التى تضرب التنظيم، إذ شهدت جبهة "الكماليون" - نسبة إلى محمد كمال عضو مجلس شورى التنظيم الذى كان قد قُتل فى 2016 - استقالة فى المكتب العام للجبهة، فضلا عن متحدث الإخوان عباس قبارى الذى ظهر فى عدد من اللقاءات بقناة الجزيرة القطرية.
وأصدرت الجبهة بيانا نشرته عبر منصاتها أعلنت فيه انتخاب مجلس شورى عام جديد وقبول استقالة المكتب العام والمتحدث الإعلامى عباس قبارى، زاعمة أن الجماعة تؤمن بالتغيير والتجديد، وذكر البيان الإخوانى، أن المتحدث باسم الجبهة عباس قبارى قد استقال من منصبه دون أن يذكر أى تفاصيل أو حتى أسباب الاستقالة، زاعمة أنها ستطور من تشكيلاتها لمواجهة الدولة المصرية، مشبهة قيادات الجماعة الإرهابية بالأنبياء والمصلحين، زاعمة أن الإخوان لا تسعى إلى سلطة.