يحتفل العالم الإسلامى فى مختلف دول العالم، اليوم، بالمولد النبوى الشريف، وقد تختلف مظاهر الاحتفال من بلد لأخرى، لكن تبقى السمات القديمة كما هي، مثل الحلوى وعرائس المولد، لكن السؤال هنا من أول من احتفل بالمولد النبوى الشريف ومن أين جاءت العرائس؟ وكيف كانت مظاهر الاحتفال في العصور المختلفة؟.
يقول الباحث شريف فوزى، المنسق العام لشارع المعز بوزارة الآثار، بدأت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف من عهد أول الخلفاء الفاطميين بمصر وهو المعز، فتم عمل الحلوى من العرائس فى العصر الفاطمى، لدرجة أن الخليفة الحاكم ألغى أى مظاهر للاحتفالات ماعدا المولد فكان الناس ينتظرون المولد لعمل أفراحهم فيه ويعتقد أنه من هنا انتشرت عروسة المولد تيمنا بالزواج السعيد.
وأوضح الباحث شريف فوزى أن المولد النبوى الشريف فى مصر فى عصورها الوسطى والحديثة ذكر وقراءة قرآن وحلوى واحتفالات ومهرجان الدوسه الشهير، حيث يذكر المقريزى مؤرخ العصر المملوكى الشهير عن ملوك الكرنفالات والمهرجانات وأقصد هنا الفاطميين فى مصر أنه من مظاهر الاحتفالات بالمولد النبوى الشهير حيث يقول : "كان العامة يعدون الأطعمة الفاخرة فى منازلهم ويشترون الحلوى لأطفالهم من الأسواق فلا يبقى جليل ولا فقير حتى يبتاع منها لأهله وتمتلئ أسواق البلدين مصر أى الفسطاط والقاهرة وأريافها من هذا الصنف.
وأوضح شريف فوزى، من أشكال الحلوى والتى عرفت حتى وقت قريب جدًا الخيول والعرائس أى عروسة المولد، والتى لم تعد من الحلوى الآن، حيث تأخذ أشكال حيوانات أخرى كالقطط والأسود، والتي كانت من الفاطميين أيضًا، ومازالت حلوى المولد حتى الآن من مظاهر الاحتفال به، كما كان يقوم علية القوم فى هذا اليوم بالتصدق من المال حتى أن سناء الملك بن ميسر كاتب الإنشاء فى عهد الخليفة الفاطمى الأمر كان يتصدق على الفقراء بـ ٤٠٠ رطل حلاوة وألف رطل خبز، ونلاحظ هنا كميه الحلاوة المتبرع بها نظرَا لأن من مظاهر الاحتفال بالمولد كان عمل الحلويات ، كما كانت مائدة الشعب لا تخلو من اصناف الحلويات طوال العام ومنها هذا اليوم مثل "الزلابية" والتى نعرفها بلقمة القاضى حاليا، بالإضافة إلى "النيدة" وهى محببه جدا لدى الشعب فى تلك الفترة وهى حلاوة تصنع من القمح وتشبه البالوظة.
وأشار الباحث شريف فوزى إلى أنه كان فى هذا اليوم توزع الحلوى فى صوانى تقرب من 300 صينية، وكان يختم القرآن أيضا بالجامع الازهر فى حضور قاضى القضاة وكبار رجالة الدولة الفاطميين ثم يتحرك بعد ذلك الموكب إلى قصر الخليفة فى طريق منظف ومفروش ومهد بالرمال، وربما جاء من هنا المثل الشهير "افرشله الأرض رمل".
أما في العصر الأيوبى، فيقول الباحث شريف فوزى، فهو عصر جهاد وحروب فلم يحتفل صلاح الدين بمثل تلك المظاهر والتى اعتبرها من مظاهر التشيع، وعادت الاحتفالات بالمولد مرة أخرى فى العصر المملوكى وإذا كان الفاطميون ملوك المهرجانات فالمماليك سلاطينها، فابدع السلطان قايتباى المملوكى الشهير خيمة المولد وكانت عجيبة بالقلعة وعند أبوابها حوض من الجلد ممتلئ بالسكر والليمون يوزع على الناس، ويشمل يوم الاحتفال قراءة القران والذكر والوعظ وتوزيع النقود والملابس، وفى المغرب تمد موائد الحلوى ثم يبدأ المنشدون بمدح الرسول حتى وقت متأخر من الليل، وكان الأهالى يحتفلون كذلك فى بيوتهم بالمولد بالقران والانشاد مع وجود الآلات الموسيقية حتى النساء وبحفلات خيال الظل فى الشوارع والقرقوز، حتى النساء كن يقيمن احتفالات بإحضار الواعظات فى بيوتهن.
وحول احتفالات العثمانيين أوضح الباحث شريف فوزى، كان العثمانيون فى بداية حكمهم فى مصر ألغوا مظاهر الاحتفال ثم اباحوها لأهميتها للمصريين، وحينما أراد نابليون التقرب للمصريين ساعد وشارك فى احتفال المولد النبوى بالازبكية، وفى عصر أسرة محمد على يذكر الطبيب الشهير "كلوت بيه" مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى بالازبكية وموكب الدراويش السعدية.
وتابع شريف فوزى، ومهرجان الدوسه والذى لا علاقه له بالدين حيث ينام اتباع الطريقة من الدراويش على بطونهم وعددهم 100 أو 200، ويسير فوقهم بحصانه شيخهم البكرى وكأنهم سجادة ويزعم هؤلاء الدراويش أنهم لم يصابوا بأذى وهذا دليل ولاية شيخهم والحق أن فى عصر إسماعيل تلاحظ لبعض الحضور من الأجانب وجود جروح لهؤلاء الدراويش وانتقادات من هؤلاء الأجانب للدوسة، حتى نجح فى إبطالها الخديو توفيق.