كشفت الدكتورة مها الرباط المبعوث الخاص للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، فى حوار لــ«اليوم السابع»، أن مصر ضمن الدول التى شاركت فى مبادرة كوفاكس التى أنشأتها منظمة الصحة العالمية، للحصول على لقاحات فيروس كورونا، وأنها تجرى تجارب حاليا على اللقاح لتوفيره بمجرد الانتهاء منه والموافقة عليه.
وأكدت أن مصر كانت على درجة من كبيرة من الاستعداد قبل تفشى فيروس كورونا، ما ساعد على احتواء الفيروس خلال فترة الذروة، وذلك بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزارة الصحة، مشيرة إلى أنه جار إجراء دراسات على تحليل دم بسيط قادر على التفرقة بين الأنفلونزا الموسمية، وفيروس كورونا المستجد، موضحة أننا سنظل متعايشين مع كورونا، ولن نعود إلى الحياة الطبيعية قبل ظهور الفيروس، إلى أن نتوصل إلى علاج ولقاح يحمى المجتمعات من الفيروس، وإلى نص الحوار:
كيف يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية إلى ما قبل كورونا؟
لن تعود الحياة كما كانت قبل كورونا، حتى يتم التوصل لعلاج أو لقاح فعال لهذا الفيروس، للسيطرة عليه والتحكم فى تفشيه وانتشاره، وسنظل متعايشين معه مع تغيير الممارسات الخاصة بالنظافة الشخصية، والتباعد واتباع آداب العطس وارتداء الكمامة، وحماية الفئات الأكثر تعرضا للإصابة بمضاعفات المرض والاستثمار فى الصحة العامة، لأنه سيظل معنا، ولن ينتهى حتى التوصل لعلاج ولقاح فعال، وحتى يتحقق ذلك سيستغرق الأمر الكثير من الوقت، حيث إن هذا الفيروس أعطى فرصة لتغيير أنماط كثيرة فى التعامل فى المدارس، وتم تغيير طرق التدريس حيث أصبح الكثير من الدراسة يتم عن بعد.ما هى الشروط التى يجب أن تتوافر بالمدرسة لاستقبال الطلبة فى زمن كورونا؟
يجب توفير البيئة الآمنة وتوفير سبل النظافة، وأن يتم تنظيف الأسطح، والحمامات والحنفيات، ودورات المياه، والكمبيوتر، وتحتاج المدارس إلى احتياطات خاصة، وتوعية الأهالى والمدرسين القائمين على الناحية التعليمية، وتوعية الطلبة، حيث فى البداية سيكون الطلبة فرحانين بارتداء الماسكات والفيس شيلد، ولكن يجب تغيير الممارسات وتعليمهم التباعد حتى أثناء اللعب، والمتابعة والترصد لأى طالب يعانى من العدوى، والمدرسة يجب أن تقوم بقياس الحرارة للطلبة قبل دخول المدرسة، وأقول للشباب الذين لا يخشون العدوى من كورونا: فكر فى من حولك لا يمكن أن نتخيل أنه مرض بسيط، فقد يكون بسيطا للشباب ولكن هناك من هم أضعف منك، وهناك من يعانون من أمراض أخرى مصاحبة قد يتعرضون للعدوى، فالمسؤولية المجتمعية لا تقل أهمية عن الالتزام الحكومى بتوفير الأدوية والمستشفيات.هل ستحصل مصر على لقاحات كورونا ضمن مبادرة كوفاكس؟ ومتى يتوقع طرح اللقاحات للناس؟
مصر من الدول التى اتفقت على لقاحات كورونا، وهناك اتفاقيات وقعتها مصر للحصول على اللقاح، ودخلت فى التجارب على اللقاحات، ومن المبكر جدا توقع طرح اللقاح للناس أواخر العام الجارى، لأن هناك خطوات واستعدادات للدول لاستقبال اللقاحات، فالعالم أمامه على الأقل عام أو عامين، حيث ستحصل الدول على الحصة الأولى، ثم الحصة الثانية، وهناك تجارب كثيرة على مستوى العالم لإيجاد علاج للمرض، ومثل أى فيروس يجد العلماء صعوبة فى البداية للتوصل لعلاجه، وهناك تجارب على علاجات لفيروس كورونا كثيرة، حتى على الأعشاب الطبيعية.
إن مبادرة كوفاكس هى المسؤولة عن دعم وتوزيع اللقاحات على مستوى العالم، حيث إن المبادرة تم إنشاؤها فى مارس 2020، وأطلقتها منظمة الصحة العالمية فى أبريل، حيث إن المبادرة تهدف إلى تمكين البلدان منخفضة الدخل والأقل قدرة، على الوصول وتعزيز فرصتها فى الحصول على حصة ملائمة من اللقاح فور جاهزيته للتوزيع، بما يغطى أولوياتها العاجلة والملحة.
وهناك قواعد ومعايير واضحة فى طريق توزيع لقاح كورونا، وسيتم الاحتفاظ بحوالى 5 % من إجمالى عدد الجرعات المتاحة كمخزون للمساعدة فى التصدى لأى تفشى حاد للفيروس، مثل تطعيم اللاجئين الذين قد لا يتمكنون من الوصول للقاح، ولضمان التوزيع العادل لن تتلقى أى دولة جرعات تتعدى احتياج 20 % من سكانها، حتى يتم تقديم هذا القدر من الجرعات لجميع البلدان فى مجموعة التمويل، حيث إن حصول الدول والشعوب على اللقاحات بصفة عامة، واللقاح المنتظر لفيروس كورونا على وجه الخصوص أمر بديهى، وحق لكل بلد، ولكل الفئات السكانية ذات الأولوية، وهذا الحق لا يجوز تسييسه ولا الانتقاص منه جراء أية اعتبارات كانت.
هل ستكفى كميات لقاح فيروس كورونا جميع الفئات دفعة واحدة؟
إنتاج اللقاح فى البداية سيكون بكميات محددة، وهناك اتفاق على أن العاملين الصحيين من الفئات ذات الأولوية القصوى، باعتبارهم يقفون فى الصفوف الأولى فى مكافحة كورونا، وهناك أيضا الفئات الأكثر عرضه للإصابة بالمضاعفات الوخيمة من فيروس كورونا، وهم المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة سابقة على الإصابة بكورونا، وكذلك المسنون، والنساء الحوامل، وتوصى المنظمة البلدان بتحديد الفئات ذات الأولوية مسبقا.هل ستواجه مصر مشكلة مع دخول الشتاء والمدارس؟ ومن سيتم تطعيمه بلقاح الأنفلونزا؟ وكيف نفرق بين الإصابة بالأنفلونزا وكورونا؟
تطعيم الأنفلونزا للجميع، وبالأخص الفئات الأكثر عرضة للإصابة مثل مقدمى الخدمة الصحية، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والأطفال الذين يعانون من أمراض، والذين سيذهبون للحضانة، وهذا العام ليس مثل غيره، وبالأخص أن فى دول مثل أوروبا والولايات المتحدة، فإن انتشار الأنفلونزا يؤثر على النظم الصحية هناك، وقد يصاب الشخص بالأنفلونزا ولا يعرف التفرقة بينها وبين فيروس كورونا، لأنه فى بداية الإصابة قد تكون الأعراض متشابهة، وهناك دراسات تجرى حاليا للتفرقة بين الأنفلونزا الموسمية، وفيروس كورونا، من خلال اختبار دم بسيط، لذلك الإجراءات الاحترازية مهمة جدا، ومصر بدأت الاستعداد قبل تفشى الوباء، والذى كان فرصة لترتيب أولوياتنا، وأن نعرف أن الصحة أساس التنمية الاقتصادية، والاجتماعية على المستوى العالمى، وحتى للاستعداد لأى أزمة يمكن أن تحدث فى أى وقت، لذلك فالعالم أمامه عام أو عامين لكى نقول إننا تحكمنا فى هذا الفيروس.هل الأبحاث السريعة لإيجاد لقاح كانت كافية لإنتاج لقاح آمن؟
فيروس كورونا احتل وتيرة سريعة جدا فى عملية إجراء الأبحاث عن اللقاحات والأدوية الأخرى، العالم كله يعمل على قدم وساق للتوصل لعلاجات ولقاحات واعدة، وكان الفيروس فرصة جيدة لكى يتحد العالم على هدف واحد، وهو إيجاد علاج ولقاح لكورونا، وخاصة أن الفيروس أصاب العالم المتقدم قبل العالم النامى، لذلك العلماء تكاتفوا من أجل التوصل للقاح، لم يكن العالم له القدرة من قبل على التوصل للقاح فى هذا الوقت القصير، فقد تم اختصار المدة من سنوات طوال إلى شهور قليلة، وهناك تجارب بشرية على عدد من اللقاحات، ولكن لن تتم الموافقة على أى لقاح إلا بعد التأكد من المأمونية والفاعلية.هل يمكن الموافقة على لقاح قبل انتخابات الولايات المتحدة؟
لا يمكن تسييس الجائحة، والاتجاه أن تدخل الدول فى مبادرة كوفاكس، لتسهيل 4 أشياء هى تسريع الاختبارات، واللقاحات، والعلاج، وتحسين وتقوية النظم الصحية.كيف استطاعت مصر أن تتحكم فى فيروس كورونا وتقلل عدد الوفيات والاصابات؟
مصر اتخذت إجراءات استباقية للحد من انتشار الفيروس، لتصل إلى انخفاض الإصابات والوفيات فى الوقت الحالى، واستطاعت فى وقت الذروة أن تتعامل مع ارتفاع الإصابات، وأثبتت نجاحها فى استقبال الحالات المتزايدة نتيجة الخبرات التى اكتسبتها من الدول التى سبق فيها انتشار الفيروس، ووضعت الدولة أولوياتها فى التحكم والسيطرة على الحالات، ومنع انتشارها من خلال إنشاء مستشفيات للعزل، وتتبع المخالطين وصرف الأدوية للمرضى بالمجان، وذلك بتوجيهات من الرئيس السيسى، وكان على رأس الاستجابة، ومجموعات عمل كبيرة جدا من اللجان المتعددة، فالحكومة ككل عملت كفريق عمل متكامل فى الاستجابة والاستعداد والتطبيق، ولا ننسى دور العاملين فى القطاع الصحى، فهم الجنود الذين بذلوا جهودا كبيرة لمنع تفشى الفيروس، وعلاج المصابين، وبدونهم كان من الممكن أن نتعرض لوضع آخر أسوأ، لذلك لا بد أن نرفع القبعة لكل الفرق الطبية.كيف استطاعت مصر أن تطبق البروتوكولات العالمية فى العلاج؟
ليس هناك علاج مؤكد للمرض، وطبقت مصر البروتوكولات العالمية فى العلاج، ولكن كل دولة لها إضافات محددة، كما أن كل دولة لديها مرونة فى التعامل مع الفيروس، ومرونة فى اتخاذ القرارات، ووضع السياسات المناسبة للظروف، وفيروس كورونا أكثر قدرة على الانتشار فى عدد من الدول، نتيجة عوامل كثيرة مثل عدم الالتزام بطرق الوقاية من العدوى، وفتح المطارات، لذلك لا بد من اتباع أساليب منهجية، باكتشاف المرضى، والعزل، وعمل الاختبار، وعلاج المرضى، وتتبع المخالطين، والتباعد، وممارسة الطرق النظافة الشخصية بغسل اليدين بالماء والصابون، وممارسة آداب العطس أو الكحة، وارتداء الكمامة، وتجنب الأماكن المزدحمة.ما هى الأعراض التى تؤكد تشخيص كورونا؟ وهل يمكن أن يصبح الفيروس أكثر شراسة مع قدوم فصل الشتاء؟
رغم أن فيروس كورونا سريع الانتشار، إلا أنه فى الوقت ذاته كان هناك استعدادات إقليمية وعالمية عظيمة لاحتواء الفيروس، وحماية المجتمعات، والتقليل من الوفيات، وهناك دول اتخدت إجراءات حاسمة وسريعة استطاعت أن تتحكم فى انتشار الفيروس لديها، فمن أكثر الإجراءات التى اتخذتها الدول هو الإغلاق، ومنع التحركات، والحد من التجمعات، ما ساعد فعلا فى وقت ما، وبطريقة سريعة من تقليل انتشار الفيروس، وعندما بدأت الدول تخفف من هذه الإجراءات بدأ الفيروس العودة مرة أخرى، ليس هذا فحسب، إنما أيضا إهمال اتباع النصائح والإرشادات الوقائية، وإجراءات الحماية، ومدير عام منظمة الصحة العالمية دائما ما يقول إن هذه الإجراءات يجب أن تنفذ جميعا، فهى حزمة من الإجراءات على جميع المستويات يجب أن تنفذ، فالدولة تتخذ قوانين لكى تمنع المناسبات التى قد يحدث فيها تزاحم لمنع انتشار الفيروس، وفى الوقت ذاته تعد المستشفيات لاستقبال الحالات الخطيرة والحساسة، والذين يمثلون 20 % من إجمالى الحالات، وتعمل لحماية مقدمى الخدمة والذين نسميهم الواقفين فى الصفوف الأمامية، وتقدم حزمة معينة من إجراءات الصحة العامة، ويجب أن نعرف الفيروس موجود، ومر علينا حاليا 9 شهور من بداية ظهور الفيروس على مستوى العالم، وبدأنا نعرف الكثير عنه، حيث إن 80 % من الأشخاص أعراضهم بسيطة أو متوسطة، والمتوسطة يكون عندهم التهاب رئوى ومن 15 إلى 20 % خطيرة وحساسة، ويحتاجون إلى دخول رعاية فى المستشفيات والرعاية المركزة، وشدة الإصابة تعتمد على السن والأمراض المصاحبة، والجرعة المكثفة التى يتعرضون إليها، والكثير من المرضى الذين يصابون بالفيروس لا تظهر الأعراض بالجهاز التنفسى، ولكن تظهر فى الجهاز الهضمى على شكل إسهال، على هيئة ترجيع، فقدان حاسة الشم، أو التذوق، لم تعد الأعراض فقط عبارة عن التهاب بالحلق، وارتفاع الحرارة، لأنه فيروس جديد، وكل يوم نعرف عنه المزيد، وقد يحدث له تحور ولكن هذا لا بد أن يثبت من خلال الدراسات.هل يسبب كورونا مضاعفات على الجسم بعد الشفاء؟
بعد الشفاء من فيروس كورونا بعض المرضى اشتكوا من الأعراض وتستمر لفترة طويلة، حيث يمكن أن يؤثر الفيروس على القلب، والرئة، والكلى، ويؤثر على المخ، والناحية الذهنية، ويشتكون من ضعف عام لمدة طويلة جدا، ويشتكوا من عدم عودتهم إلى صحتهم الطبيعية قبل الإصابة بالفيروس، وهى قيد الدراسة على مستوى العالم لأنها شكوى مستمرة، كما أن الإصابة بفيروس كورونا يؤثر على كل شخص على حده، لذلك فهو ليس فيروس سهل ويجب أن لا نستهين به وهو له تأثيرات ما بعد الشفاء.