"حبة الغلة القاتلة" بات ماركة مسجلة فى حالات الانتحار خصوصا فى الأماكن الريفية نظرًا لاستخدمها فى أمور الزراعة والتخزين المعتادة للفلاحين خاصة أنها منتشرة فى تلك المناطق، ويسهل الحصول عليها، إضافة إلى أنها رخيصة الثمن، وشهدت الشهور الأخيرة العديد من حالات الانتحار فقد تخلص راعى غنم بقرية بالشرقية، من حياته بتناول حبة الغلة وتبين معاناته من مرض نفسى منذ فترة، فيما تخلصت طالبة بكلية الطب بجامعة المنصورة، من حياتها بتناول حبة الغلة السامة، لمرورها بحالة نفسية سيئة وتعانى من مرض نفسى، ومقيمة بقرية أبو جلال التابعة لمركز شربين.
فيما، أقدمت "ن.ع" 16 سنة، طالبة بالصف الأول الثانوي بإحدى مدارس قلين بمحافظة كفر الشيخ على الانتحار بتناولها حبة الغلة السامة، لمرورها بحالة نفسية، لانفصال والديها.
وفى ظل تعدد حالات الانتحار المشار إليها سابقا خصوصا أن ضحايا الحبة السامة من كل الأعمار والفئات، يتضح مدى خطورة المادة التى تحتوى عليها تلك المادة؟، فماذا يجب فعله سواء على المستوى الشعبى أو الحكومى؟
بالنسبة للجانب غير الرسمى تجدر الإشارة إلى أنه تم إطلاق حملال بالمحافظات بالدقهلية ودمياط والبحيرة وغيرها للتوعية بخطورة استخدام تلك الحبة، وطالب منسقو الحملة بضرورة تجريم استخدام تلك الحبة بسبب أضرارها ومخاطرها.
أما على الصعيد الطبى فقد أوضح سميح عبد القادر، أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومى للبحوت فى تصريحات سابقة لليوم السابع أن هذه الحبة تنتمى إلى نوع مبيدات التدخين أى التى يخرج منها دخان أو غاز ليتخلل كل الشقوق من أجل القضاء على الحشرات".
وأشار أستاذ علم المبيدات إلى أن هذه الحبوب تُستخدم فى صوامع الغلال أو بالمخازن التى تحتوى على كتب أو مخطوطات وتستخدم بقوة فى عمليات نقل التراث كما حدث بالقلعة منذ سنوات أو أى مخزن عمومًا ليس به مواد غذائية، بشرط أن يكون هذا المكان مُحكم الغلق يعنى إذا كان هناك كسر زجاجى يجب إصلاحه أو فتحة ينبغى سدها.
وأضاف سميح عبد القادر أنه عندما يتم وضع القرص من حبة الغلة فإنه يخرج منه داخل أو غاز لأنها يتفاعل مع رطوبة الجو، فاسمه العلمى فوسفيد الألومنيوم، ويخرج منه غاز اسمه الفوسجين، وبعد حدوث عملية التفاعل، فإنه يتبقى مادة لونها رصاصى على هيئة بودرة أسمها كربيد الألومنيوم.
ولفت سميح إلى أنه من التوصيات الهامة الخاصة بهذه الأقراص ألا يستخدم بواسطة العامة من الفلاحين بل من قبل متخصصين نظرًا لأضراره، لأن عملية التدخين أو التبخير قد تكون مضرة، وكذلك يُحظر بيعه إلا لأماكن محددة كأصحاب الصوامع وخلافه، ويكون لديهم تصاريح بالاستخدام، وأضافوا أن العلبة الواحدة تحتوى على 12 قرصا وعندما يتم فتحها فإن باقى الأقراص تتلف تلقائيا إذا لم تحفظ بطريقة معينة.
وتعليقًا على وجود حالات انتحار جراء استخدام تلك الحبة قال محمود محمد عمرو، مؤسس المركز القومي للسموم فى تصريحات خاصة :"تناول هذه الأقراص أمر بالغ الخطورة لأنها تؤثر على الأعصاب والكبد والجهاز الدورى بخلاف كل هذه فإن القصبة الهوائية نفسها تتآكل، مما يعنى أن الشخص إذا لم يتم إسعافه بأقصى سرعة سيموت لا محالة".
وإذا كان الوضع بهذه الخطورة خصوصا أن حالات الانتحار ظهرت على السطح فى الريف المصرى بقوة، ما هى الاجراءات الحكومية المتبعة والممثلة فى وزارة الزراعة للحد من مشاكل استخدام الحبة الفسفورية، وهنا علق أكد محمد الزواوي وكيل وزارة الزراعة بمحافظة البحيرة، واحدة من المحافظات التى تشهدها حالات انتحار كثير بسبب حبة الغلة، قائلاً :"عندما برزت ظاهرة استخدام أقراص تستخدم في الزراعة في عمليات الانتحار، تم التشديد على أن يكون لكل محل يتداول ويبيع تلك الحبوب يتم عمل سجل ومعرفة الكميات الموجودة لديه".
وفى سياق الحديث عن طرق التعامل مع تلك الحبة ينبغى التنويه إلى أن كلية الطب جامعة المنوفية فى أحد مؤتمراتها طالبت بضرورة تجريم تداول حبة الغلة و وضع ضوابط لبيع هذه الحبوب القاتلة فى محلات بيع المبيدات ذلك خلال اليوم العلمي الذي عقده قسم الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب تحت عنوان الحبة القاتلة قرص الغلة (فوسفيد الألومنيوم) ما بين المخاطر وتحديات النجاة.
وتعقيبًا على فكرة منع التداول أو تجريم استخدم الحبة، يقول مؤسس المركز القومي للسموم إن فكرة التقييد أو المنع ليست فى محلها خصوصا أن المنتحر إذا لم يتناول حبة الغلة السامة، يمكن أن يتناول أى شىء آخر، موضحًا أن كل الأدوية فى الصيدليات ممكن أن تصبح وسيلة للانتحار فهل معنى هذا أن يتم منع تداول كافة الأدوية نهائيا، والحال نفسه بالنسبة لكافة الأمور الأخرى المستخدمة فى عمليات الانتحار.
وأوضح مؤسس المركز القومى للسموم أن مشكلة الحبة السامة أنها سريعة التأثير كحال كل المبيدات لتؤثر على الحشرات أو البشر إذا ما تناولها سواء عن عمد أو بصورة خاطئة للغاية ولا يمكن مواجهته طبيا إذا تأخر الوقت فى التوجه إلى أقرب مستشفى أو مركز طبى بالإضافة إلى رخص ثمنها، لافتًا إلى أن الحل لتقليل حالات الانتحار بتناولها يكون بمعالجة أصل المشكلة اجتماعيًا، إنما تجريم تداولها أمر غير مفيد وليس فى محله، وإذا كان هناك فائدة لتم اتخاذ قرارات حاسمة على الفور.
أما على الصعيد الرسمى، أوضح وكيل وزارة الزراعة فى تصريحات تلفزيونية: "حبة الغلة السوداء لها أهمية في تبخير الحبوب لقتل السوس في الغلال والمحاصيل، وهو دور مهم في عملية الزراعة،"، مشيرًا إلى أنه فى النهاية مطلوبة لكن لابد ألا تكون متاحة فى أيدى أى شخص وهنا قررنا عمل حملات لوضع ضوابط لبيع المحلات لحبة الغلال.
وتابع الزواوى حديثه قائلاً : "الضوابط دي هتخلينا نعرف تفاصيل كل واحد محتاج قد إيه من حبة الغلال، وهيتم معاملتها معاملة المواد المخدرة في الصيدليات، مش بيتم صرفها إلى بروشتة من الطبيب بضرورة الحصول عليها، وده طبعا بعد ما تم رصد عمليات انتحار كثيرة الفترة الماضية باستخدامها".