"خير أجناد الأرض".. هذا هو الجيش المصرى المعروف ببأسه منذ قديم الأزل إلى أن يرث الله الأرض، فهو لم يكن معتديا قط بل حاميا لأرضه مدافعا عنها ضد أي دخيل أو معتدى بكل ما أوتى من قوة، والتاريخ يشهد له بذلك، منذ عهد الهكسوس حتى الآن، فهو لا يضم بين صفوفه إلا خيرة أبناء الوطن والمدافعين عنه بكل ما أوتو من قوة ويقدمون كل ما هو عزيز وغال، ولا أغلى من النفس حتى يقدموها فداء لأمن وأمان هذا الوطن، وسجله ملىء بالنماذج التى تسطر بماء من ذهب على صفحات من نور.
الشهيد خالد المغربى
ومن بين هؤلاء الأبطال الكبار البطل الشهيد خالد محمد كمال المغربى، الشهير بالشهيد "خالد دبابة"، الذى ضحى بنفسه في سبيل إنقاذ الوطن من أعدائه الذين يريدون الدمار والتخريب له، إلا أنه ورفاقه وقائدهم الشهيد المقدم أحمد منسى كانوا لهم بالمرصاد بموقعة كمين البرث، والذي ضربوا خلالها أروع الأمثال في التضحية والفداء لهذا الوطن الغالى.
والد خالد دبابة: قالى أنا مشروع شهيد وعمره ما هاب الموت
والد الشهيد خالد مغربي يقرأ له الفاتحة
في البداية قال محمد المغربي والد الشهيد الراحل خالد المغربي، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إن خالد حصل على الثانوية العامة، وقدم في الأكاديمية البحرية، والكلية الحربية فى نفس الوقت لكنه فضل الاستمرار فى الحربية، وتخرج منها فى منتصف عام 2014، ثم خدم فى سيناء لمدة ثلاثة سنوات، وكان الشهيد البطل من شباب ضباط الكتيبة 103 صاعقة، وتمنى الحصول على الشهادة، وقال لوالدته مش هرجع إلا شهيد، مشيرا إلى أنه سمع نداء على الجهاز من الشهيد المقدم أحمد منسى ينادى عليه للدعم، قائلا: "الشهيد منسى طلب خالد بالاسم كى تكمتل الصحبة".
الشهيد خالد مغربي دبابة 2
وتابع، والد البطل الشهيد خالد المغربى، أن ابنه ليلة استشهاده صلى الفجر في كتيبته وجهز نفسه وشنطته، عشان هيسيب كتيبته ويرجع على القاهرة صباح يوم استشهاده، لأنه استلم نشرة انتقاله من أرض سيناء إلي قوات الصاعقة بالإسكندرية، كما حصل على قرار ترقيته لرتبة نقيب، وتلقى استغاثة من الشهيد أحمد منسى فى الكمين، فتحرك على الفور هو وزملاؤه فى اتجاه الكمين، ومن سرعة المدرعة المجند اللي بيقودها بيقول للشهيد خالد نهدي السرعة ليكون في لغم على الطريق يا فندم، فأجابه الشهيد بصوت الصاعقة بأقصى سرعة عندك .. الرجالة هناك هتموت، وقبل الوصول للكمين بمسافة 700 متر لمح الشهيد عربة على أحد جانبي الطريق بداخل إحدى العشش، بدأ التعامل معها فانفجرت بمن فيها كانت معدة بمتفجرات لتعطل وصول الدعم، وأكمل في طريقه وقبل الوصول للكمين بمسافة 400 متر، كان رصاص القناصة يطلق على المدرعة ورصاص من على جانبي الطريق، فكان يتعامل من داخل المدرعة مع مصادر الرصاص حتى أتت عربة دفع رباعي يقودها انتحاريون من أحد جانبي الطريق لتصطدم بمدرعة الشهيد وتنفجر.
الشهيدان مغربي والمنسي
وأضاف والد الشهيد "المغربى": أدى انفجار المدرعة التى كان يقودها الشهيد إلى وقوع مصابين من الجنود وعم السكوت داخل المدرعة، وجندى من الجنود المصابين قعد ينادي على زمايلو محدش رد، نده على خالد يا فندم يا فندم خالد رد، قالو أنتم كويسين، قالو كلهم مصابين يا فندم قالو خد الجهاز وقول أنا خالد المغربي، وأتصبت وأطلب الدعم وقالو خليك جنبنا أنا دربتك على الرجولة أوعى يخدونا مصابين واستشهد خالد ومجند معه.
والدة الشهيد مغربي دبابة: كان دائما يقولى أوعى تعيطى أم الشهيد بتزغرد وتفرح
خالد المغربي
وبدورها قالت نعمات عرفات والدة الشهيد خالد المغربي، الشهير بـ"الدبابة"، إن الشهيد خالد المغربى كان دائما يوصيها بتربية نجلها على الرجولة والشهامة كما أنشأته، وكان رد الفعل منها هو البكاء خوفا على نجلها، قائلة: "لما كان يقولى ربى ابنى كنت أبكي، يقولى أوعى تعيطى أم الشهيد بتزغرد وتفرح، وكل ما يشوف تكريم للشهداء فى التليفزيون يقولىجهزى نفسك هتبقى أم الشهيد".
خلال حفل زفاف الشهيد خالد المغربي
وتابعت، "ابنى قالى لما استشهد أنا واخد بحقى من الإرهابيين كتير أوى، وأوعى تخافى وخليكى قوية، وأنا نفسى أموت شهيد، ولما استشهد اذبحوا عجلين، فوالده يرد عليه بالمداعبة كفاية عجل واحد يقوله لا لازم اثنين، وكل ما يقول نفسى أموت شهيد ويقولها بفرحة كبيرة جدا، وعمره ما كان باصص للدنيا، واختار مقابر معينة يدفن بها بجوار جده لوالدته".
والدة الشهيد خالد المغربي
وأشارت، إلى أن الشهيد خالد كان دائم البر بالآخرين ودائم المعروف، ودائما ما كان ينفق فى الخير ولم يكن يتحدث عن ذلك نهائيا ولم نعرف بذلك إلا بعد استشهاده، من الأهالى والجيران وأهل المدينة، والجنود الذين كانوا معه، وكان دائما متواضع مع أهل المنطقة "دائم كان يقول للناس أنسوا إنى ضابط أنا واحد منكم، ومرة راح يعزى أحد الجنود فى وفاة والدته الجندى من فرحته قدم له حاجة ساقعة فى العزاء، وبيقولى يا ماما بقيت مكسوف جدا".
قبر الشهيد خالد مغربى
وأوضحت، أن كل هذه الذكريات التى رواها أصدقاء خالد ورفاقه فى القوات المسلحة والأهالى بالمنطقة شدت من أزرها ورفعت من روحها المعنوية وصبرتها على مصابها الأليم، قائلة: "أحد المواطنين جاء إلينا بعد استشهاد خالد وقالنا إنه خالد جاب له جزمة فى فرح ابنه وقالوا لازم تكون لابس جزمة جديدة، واحد زمليه قالنا ابنكم عمل اللى محدش يقدر يعمله فى سنوات طويلة".
وأكدت، أن الشهيد خالد كتب رسالة فى أحد الأدوات المدرسية لأبناء شقيقته قال فيها : "بلا دموع.. أحبك يا أختى وأحبكم جمعيا.. بقيت أيام بسيطة من عمري.. فأستودعكم الله"، وتضمنت الرسالة رسمة للقبر، موضحة أنها كان لديها إحساس بأن نجلها سيستشهد، مشيرة إلى أنه تلقى خبر استشهاد خالد المغربى بصبر واحتسابه عند ربه، موضحة أن أخر مكالمة بينها وبين الشهيد قال لها "أنا هاجى ياماما بس مش هاجى عليكي"، وكان قبل ذهابه إلى وحدته تجول فى المنزل بالكامل.
واستطردت، أن الشهيد خالد المغربى أثناء شراءه بدلة زفافه والمستلزمات الخاصة بعرسه اشترى "بياده"، وعندما سأله أصدقاءه عن سر شراءه لهذه البيادة رد عليه قائلا "أنا ساستشهد بهذه البيادة"، وبالفعل استشهد بنفس البيادة.
أرملة الشهيد: زوجى كان يضع قلبه على يده ونفسى ابنى يكمل مسيرته
فيما قالت رضوى، أرملة الشهيد خالد مغربي "دبابة" إنها فخورة بزوجها وما قدمه من تضحيات وبطولات لهذا الوطن، مشيرة إلى أن زوجها كان يضع قلبه على يده وتم تسميته دبابة لقوته، وأن حياته تختلف عن عمله، وكان خفيف الدم مع أقاربه وجيرانه، لافتة إلى أن زوجها كان يعلم أنه سيستشهد، و"نفسى ابنى يكمل مسيرة والده ويروح سيناء وتكون انتهت من الإرهابيين التكفيريين".
شقيقه خالد مغربى: كان بيقولى إنتى تطولى تكونى أخت الشهيد
وأخيرا قالت دينا مغربي شقيقة الشهيد خالد مغربىالملقلب بخالد دبابة، إن شقيقها كان دائما يتمنى الشهادة، مشيرة إلى أنه كان ما يردد عليها: "إنتىتطولى أنك تكونى شقيقة الشهيد"، موضحة أن خالد كان يتميز بالطيبة وعمل الخير مع الجميع وأنها تعيش عليسيرتة الحميدة، حيث أنها عندما تذهب الي أى مكان ويعلمون أنها شقيقة خالد مغربى يحدثونها عن أعمال الخير الذى كان يفعلها مع الجميع ولم تعرفها سوى بالصدفة بعد استشهاده، منوهة إلى أن شقيقها كان متواضعا جدا مع كل الناس، وكان يعشق عمله العسكرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة