شائعات ممتدة أطلقتها وسائل الإعلام المعادية للدولة المصرية، واللجان الإلكترونية التي يديرها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية على منصات التواصل الاجتماعي، تهدف للتشكيك في صلابة العلاقات المصرية ـ الأمريكية، والادعاء بأن الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن، ستتبني مواقف معادية من القاهرة، وتغفل لجان الجماعة الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي حقائق ثابتة بمقدمتها أن الإطاحة بالتنظيم الإرهابي من مصر، جري في وقت كان يتولى فيه الحزب الديمقراطي إدارة البيت الأبيض في عهد باراك أوباما، وهو ما يعني أن احتمالات عودة التنظيم الإرهابي للحياة أقرب للمستحيل، بخلاف أن الدولة المصرية في الوقت الحالي تختلف كثيراً عما كانت عليه في في الفترة ما بين 2011 وحتي 2013، والتي شهدت تراجع في عمل مؤسسات الدولة وأجهزتها في الداخل، وغياب لاستراتيجية الدولة في الملفات الإقليمية والدولية في الخارج.
ويظل الثابت الذي ينكره الإعلام المعادي للدولة المصرية، أن ما يجمع بين واشنطن والقاهرة ملفات استراتيجية كبرى ومصالح يصعب تبدلها باختلاف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبمقدمة تلك الملفات يأتي ملف السلام فى الشرق الأوسط والاتفاقيات الأخيرة التي جمعت إسرائيل بالعديد من الدول الخليجية والسودان، بخلاف ملف مكافحة الإرهاب والأزمة الليبية وملف اللاجئين وغير ذلك.
وتعد العلاقات المصرية الأمريكية شديدة الخصوصية منذ عقود وخاصة من توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م والتى رسخت لعلاقات استراتجية قوية بين القاهرة وواشنطن تقوم بالأساس على المصلحة المشتركة للبلدين، ومرت العلاقات الثنائية بفترات صعود وهبوط إلا أن الجانب الأمريكي يرى دوما أن مصر شريك استراتيجي قوى يمكن الوثوق به.
وتمكنت الدولة المصرية من تجاوز تحديات كبيرة وعقبات صعبة عقب ثورة 30 يونيو التى قادها الشعب المصرى لإسقاط نظام جماعة الإخوان الإرهابية التى أضعفت دور المؤسسات المصرية وخاصة ملف العلاقات الخارجية سواء من الدول الإقليمية أو الدولية.
ونجحت مصر عقب نجاح ثورة 30 يونيو فى تعزيز التنسيق والتشاور مع دول القارة الإفريقية بلعب دور رائد فى القارة السمراء، وحرص القيادة السياسية على القيام بزيارات إلى دول القارة السمراء وفى مقدمتها دول حوض النيل، وهو ما نال استحسان وإشادة الشركاء فى القارة الأفريقية بسبب السياسة المصرية الجديدة التى تسعى للعودة للقارة السمراء ومساعدتها فى القضايا المشتركة التى تشغل بال الأفارقة.
الحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ملفات هى القضايا الشائكة التى تعانى منها دول القارة الأفريقية مجتمعة، ولعبت مصر دورا هاما فى توحيد الرؤى المشتركة لمحاربة الإرهاب والتطرف وتدشين مركز إقليمى لمكافحة الإرهاب ضمن تجمع دول الساحل والصحراء، وذلك لتعزيز قدرات دول القارة الأفريقية فى محاربة التطرف وتنسيق المواقف المشتركة بين دول الساحل والصحراء بصفة خاصة.
فيما نجحت مصر فى تعزيز العلاقات المشتركة مع الجانب الروسى عقب ثورة 30 يونيو، وذلك عقب سنوات من التهميش لدور موسكو فى المنطقة وهى الاستراتيجية التى دفعت بالعلاقات إلى حالة من الجمود، إلا أن السياسة المتوازنة التى تعاملت بها مصر فى التعاون مع روسيا وأمريكا عززت الثقل المصرى اقليميا ودوليا.
وتتمتع مصر بعلاقات متميزة مع دول الاتحاد الأوروبى وخاصة مع ألمانيا وفرنسا ونجحت الدبلوماسية المصرية عقب ثورة 30 يونيو فى تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر ودول القارة العجوز التى تعد الشريك الأول لمصر فى المجالات السياسية والاقتصادية، فضلا عن تعزيز التعاون المشترك مع تلك الدول فى الحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية وبحث أزمات اللاجئين الفارين من ويلات الحروب التى عصفت بليبيا وسوريا والعراق واليمن.
وأعلن الاتحاد الأوروبى فى عدة مناسبات دعمه للدولة المصرية وسياستها الاصلاحية التى تقوم بها الحكومة المصرية، ودعم الاقتصاد الوطنى وفتح مجالات آخرى للتعاون المشترك بين مصر ودول القارة العجوز وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وعدد من الدول التى تلعب دورا بارزا فى الاتحاد الاوروبى وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا.
وبخلاف الملفات التي تساهم مصر في إدارتها على امتداد الخرائط والمحيطات، وفى القلب منها مكافحة الإرهاب والوصل بين أوروبا والقارة السمراء، وملف الهجرة والأزمة الليبية، تغفل لجان الجماعة الإرهابية أن الداخل الأمريكي سيكون أولوية قصوي لإدارة بايدن، لاسيما أزمة كورونا والاقتصاد، ذلك بخلاف النزاع القانوني الطويل الذي يخوضه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب للتشكيك في الانتخابات وآلية التصويت عبر البريد، وهو الملف الذي سيتطلب من الرئيس الأمريكي الجديد القيام بجهد مضاعف لاحتواء أنصار ترامب والتأكيد على أنه سيكون رئيساً لكل الأمريكيين ويدير ملفاته دون أي انحيازات حزبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة